زائر زائر
| موضوع: وكان حقا علينا نصر المؤمنين الجمعة مايو 30, 2014 2:50 pm | |
| الحمدُ للهِ المبدئِ المعيدِ ، الفَعَّالِ لما يريدُ ، ذي العرشِ المجيدِ ، والبطشِ الشديدِ ، أشهد أن لا إلهَ إلا هو وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ
ورسولُهُ المبعوثِ بالقرآنِ المجيدِ ، صلى اللهُ وسلم عليه ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الوعيدِ ،
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) :
أما بعد : أيها الأخوةُ في الله ، أستأذنكم في رسالةٍ لأهلِ الشَّام ، الذين يعيشون في ليالي الطُغيانِ السّودِ الحوالكِ ،
والظلم البهيم ، فَلا بُدَّ مِنْ زرعِ الأملِ بالتبشيرِ بالوعدِ الحقِّ ، وهو نصرُ المؤمنين وتمكينُهم ، كي لا يَتَسرّبَ اليأسُ إلى النفوسِ، فقد كان النبيُّ صل الله
عليه وسلم يبشّرُ العُصبةَ المؤمنةَ بالنصرِ والتمكينِ ، وهم تحتَ وطأةِ التعذيبِ ويقولُ:
{ إن اللهَ زوى لي الأرضَ فرأيتُ مشارقَها ومغاربَها، وإن أمتي سيبلغُ ملكُها ما زُوي لي منها} أخرجَهُ مسلمٌ من حديثِ ثوبانَ رضى الله عنه
فَأُبشرأهل الشام ، ببزغ فجرالنصر، في أفق العز والشرف والكرامة ، يُوشك أن تشرقَ شَمسُ النصرِ ، فتحرق خفافيشَ ظلامِ الأجرامِ والعدوان ، فجنودُ
اللهِ التي ينصرُ بها أولياءَهُ كُثر، ففي غزوةِ بني النضيرِ كان الرعبُ جندياً من جنودِ اللهِ، وفي غزوةِ بدرٍ ، كانت الملائكةُ والنعاسُ والمطرُ والحصى
من جنودِ اللهِ ، وكانت الريحُ والعنكبوتُ وغيرُ ذلك من جنودِ اللهِ، وصدقَ اللهُ : ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِىَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ )فالنصر يأتي
في شدة انتفاش البغي والظلم وتسرب اليأس إلى قلوب الرسل فضلا عن المؤمنين ،يقولُ سُبحانه (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ
خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) [البقرة: 214].فقوله
(حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ) يدل على شدة ما أصابهم وزلزلهم من الضراء والبأساء، وقوله تعالى: (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ)
بشارة من الله بالنصر في شدة الكرب، ووعد من الله لا يُخلِفُه وسيحققه لأوليائِه على أعدائِه. وقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ
كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [الرعد: 110].فالنصر يأتي عندما يتسرب اليأس إلى نفوس أفضل المؤمنين
يقينا ، وهم الرسل ، ويُنزل الله بأسه الشديدَ بالمجرمين ، جزاءً بما كانوا يعملون ،وقد كتب الله العز والعزةَ لِرُسلِهِ والمؤمنين ، والذل والذلة والصغار
على أعدائه:
فقالَ سُبحانه (كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة: 20].وسيحقق الله وعده للمؤمنين بنصرهم ، فَنَصرُ المؤمنين
حق على الله أكده ، وكرر تأكيده ، لتقوية يقينهم بهذا الحق الذي تفضل به ، وفتح باب التفاؤل لهم ، ليستمروا في جهادهم وصبرهم ،
وثباتهم على ذلك.قال الله سبحانه: (فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47].
وقال الله سبحانه: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ
يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7]فنصركُم يا أهل الشَّام ، عند أرحم الراحمين ، والذي فضله ونصره وتوفيقه أقرب إليكم من حبل الوريد ، وكلما
ازددتم له قربا بطاعته وتقربتم إليه بتحقيق عبوديته ، ازداد النصر والفلاح ،
والفوز قربا إليكم.قال الله: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [ الأنفال: 10].
قال أبو جعفر محمد بن جرير: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ)، يقول: وما تُنصرون على عدوكم -أيها المؤمنون- إلاَّ أن
ينصركم الله عليهم, لا بشدة بأسكم وقواكم, بل بنصر الله لكم, لأن ذلك بيده وإليه, ينصر من يشاء من خلقه. (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) يقول: إن الله الذي
ينصركم، وبيده نصرُ من يشاء من خلقه ، عزيز لا يقهره شيء , ولا يغلبه غالب , فالنصر لا يأتي إلا من عند الله ، وخاصة عندما يكون المؤمنون
أحوج ما يكونون إليه، وعندما يتبرأ الناس من حولهم وقوتهم ، ويلوذون بحول الله وقوته، وعندما تغلق الأبواب في وجوههم، وتنقطع الأسباب دونهم
، فعند ذلك ينزل النصر. وهذه قضية عقائدية تكررت مرات عديدة في القرآن ، وفي تاريخ المسلمين.واستمع إلى التكبير ، الذي يجلجل في ملاحم الشام ،
وما يقذف الله في قلوب الطغاة وجنودهم من الرعب، (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ
فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) [ الأنفال: 12].ولا يتمالك المسلم دموعه ، عندما تَلُجُّ الساحات بقولِهم: "ما لنا غيرك يا الله"،ألا
فَأبشِروا بنصر الله (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
(إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم
|
|