طلقها قبل الدخول وبعد الخلوة وكان لم يسم لها مهراً
ا
لسؤال
رجل عقد عقدا شرعيا بدون عقد مدني . بعد مدة من العقد حصل نفور فقرر الرجل الطلاق لسبب من الأسباب ، فماهي
الأحكام المترتبة شرعا على هذا الطلاق ؟ مع العلم إنه لم تتم تسمية المهر ، وقد حصلت خلوة ،
ولكن لم يتم البناء (الجماع).
الجواب :
الحمد لله
أولا:
النكاح إذا عقده ولي المرأة أو وكيله في حضور شاهدين فهو نكاح صحيح، سواء وثق أو لا، ولا يشترط ذكر المهر في عقد النكاح، فلو تزوجها بلا ذكر للمهر : صح النكاح، وكان للزوجة مهر المثل.
قال ابن قدامة رحمه الله " النكاح يصح من غير تسمية صداق ، في قول عامة أهل العلم. وقد دل على هذا قول الله تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) البقرة/236، وروي أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج امرأة ، ولم يفرض لها صداقا ، ولم يدخل بها حتى مات ، فقال ابن مسعود: لها صداق نسائها ، لا وكس ولا شطط ، وعليها العدة ، ولها الميراث. فقام معقل بن سنان الأشجعي ، فقال: (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق ، امرأة منا مثل ما قضيت) أخرجه أبو داود والترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح " انتهى.
ثانيا:
إذا طلقت المرأة قبل الدخول والخلوة، فإن سمي لها مهر فلها نصفه، وإن لم يُسَمَّ لها مهرٌ فلها المتعة ، لقوله تعالى: ( لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِين . وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) البقرة/ 236، 237.
والمتعة غير مقدرة شرعا ، ولكنها تكون بحسب يسار الشخص أو عدمه ؛ فإن اتفقا على قدر معين ، فقد حصل المراد ، وإن اختلفا ، فالحاكم هو الذي يحددها .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - :
" والتحقيق أن قدر المتعة لا تحديد فيه شرعاً ، لقوله تعالى : ( عَلَى الموسع قَدَرُهُ وَعَلَى المقتر قَدْرُهُ ) البقرة/236 ، فإن توافقا على قدر معين : فالأمر واضح ، وإن اختلفا : فالحاكم يجتهد في تحقيق المناط ، فيعين القدر على ضوء قوله تعالى : ( عَلَى الموسع قَدَرُهُ ) الآية البقرة/236 ، هذا هو الظاهر .
وظاهر قوله : ( ومَتِّعُوهُنَّ ) البقرة/236 وقوله : ( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ ) البقرة/241 يقتضي وجوب المتعة في الجملة ، خلافاً لمالك ومن وافقه في عدم وجوب المتعة أصلاً .
ثالثا:
إذا تم الطلاق قبل الدخول، لكن مع وقوع خلوة كاملة يتمكن من الدخول بها: فقد ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعي – في القديم من مذهبه - والحنابلة إلى أن عليها العدة ، ولها المهر كاملاً.
وقد جاء هذا عن عدد من كبار الصحابة ، كعمر بن الخطاب وعلي وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم .
واستشار عمر رضي الله عنه عددا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فلم يختلفوا في وجوب المهر.
ولهذه الخلوة شروط منها: أن تكون مطاوعة ، وألا تمنعه من الوطء لو أراد.
فإذا كانت الخلوة قد حصلت، فالواجب لهذه المرأة مهر المثل كاملا. وإذا لم تحصل فليس لها إلا المتعة.
والله أعلم.
[center]
[/center]