السؤال:
أرجو أن تساعدوني فيما يلي ؛ لأني في حيرة من شأني ، فقد تم تطليقي قبل الدخول ، وبعد الحصول على بعض الآراء كان أكثر رأى حصلت عليه أنه يجب عليَّ أن أعتد وأن أحصل على مهري كاملا لأنه كانت بيننا خلوة وحدثت بيننا بعض الأمور الحميمية ، لكن زوجي رفض أن يصدق ذلك ، ثم تزوجنا ثانية بنكاح جديد ومهر منذ عدة أشهر ما شاء الله ، لكن زوجي ذهب لدرس فقه وقال له أحد الشيوخ إنه إذا طلقت الأخت قبل الدخول فإنها تكون حرام عليك كما في الطلقة الثالثة ، فرفض زوجي أن يدخل بي قائلاً إنه يرغب في أن يرى ما إذا كان من المرجح للزواج أن ينجح ، وأن عليَّ قبلها أن أفقد بعض الوزن ، وأنه لن يجامعني إلا عند تحقيق ذلك ، ونحن متزوجان منذ 4 أشهر تقريبا ما شاء الله ، فإذا كان الدخول لم يتم إلى الآن فهل يجب علينا الانفصال ؟ وقد طلب مني أن أتنازل عن بعض من حقوقي في الوقت الحالي ووافق على بعض الشروط أيضا ، لكنه يقول الآن إنه ينوى العودة في الاتفاق قائلا إنه كان شفهيا فقط وإنه يجب أن يكون مكتوبا في عقد الزواج حتى يكون صحيحا ، فهل يجوز له القيام بذلك ؟ وما هو وضع زواجي ؟ برجاء مساعدتي لأني في حاجة ماسة للإجابات فأنا اشعر بالظلم ولا أعرف ماذا أفعل ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
كان الأجدر بكِ وبزوجك عرض ما حدث بينكما من مسائل النكاح والطلاق والمهر والعدة قبل التسرع في أمر الإنهاء ، أو الإبقاء ، أن تعرضوا أمركم على شيخ قريب منكم ، أو مركز إسلامي موثوق في القائمين فيه ، أو تنتظروا حتى تسألوا من تثقون فيه ، ولو من بعيد ؛ ولم يكن ينبغي أخذ أحكام تلك المسائل من الناس أو فهماً من درس شيخ في مسجد ، وهذا ما نوصي به – دوماً – المختلفين من الأزواج وأن لا يعرضوا مسائل النكاح والطلاق إلا على قاض شرعي ، أو من يقوم بدوره في البلاد التي لا يوجد بها قضاء شرعي .
ثانياً:
بخصوص الطلاق قبل الدخول ففيه التفصيلات التالية :
1. أن يحصل طلاق للزوجة قبل الدخول ومن غير خلوة كاملة يتمكن من الدخول بها : فلا عدة عليها ، ولها نصف المهر المسمَّى ، وإن لم يكن المهر قد سمِّي فلها المتعة بحسب يسره وعسره ، ولا رجعة له عليها إلا بعقد ومهر جديدين .
وانظري جوابي السؤالين ( 75026 ) و ( 99597 ) .
2. أن يحصل طلاق للزوجة قبل الدخول ، مع وقوع خلوة كاملة يتمكن من الدخول بها : فقد ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعي – في القديم من مذهبه - والحنابلة إلى أن عليها العدة ، ولها المهر كاملاً ، وأما بخصوص رجعتها فقد ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه لا رجعة له عليها إلا بعقد ومهر جديدين .
وانظري جوابي السؤالين ( 49821 ) و ( 118557 ) .
3. بما أنكما قد وقع نكاحكما كذلك – أي : بعقد ومهر جديدين – فأنتِ الآن زوجة له وفق الشرع وهو زوجك كذلك ، والعقد بينكما صحيح تترتب عليه آثاره الشرعية ، ولا يحل لأحدكما الإخلال بشيء من شروطه ، إذا كانت الشروط موافقة للشرع ، كما لا يحل له أن يطلب منك التنازل عن بعض حقوقك إلا أن يكون ذلك منك عن طيب نفس ، لا عن إكراه ولا إحراج .
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) .
رواه البخاري ( 2572 ) ومسلم ( 1418 ) .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - : قوله ( ما استحللتم به الفروج ) أي : أحق الشروط بالوفاء : شروط النكاح ؛ لأن أمره أحوط ، وبابه أضيق " انتهى من " فتح الباري " ( 9 / 217 ) .
وينظر في تفصيل الكلام على الشروط في عقد النكاح : أجوبة الأسئلة : ( 10343 ) و ( 49666 ) و (20757 ) .
ثالثاً:
تراجع الزوج عن الشروط التي اتفق عليها مع الزوجة أو مع وليها لا يحل له سواء كانت الشروط شفوية أو كتابية ، وإذا لم تدوَّن الشروط في عقد الزواج ، فهي لازمة له ديانة فيما بينه وبين ربِّه تعالى ، وإن كانت غير لازمة قضاء ، وانظري جواب السؤال رقم ( 126855 ) .
والخلاصة :
1. زواجكِ الأول انتهى بطلاق شرعي صحيح ، وبما أنه حصل قبل الدخول وبعد خلوة يتمكن فيها الزوج من الدخول : فلك المهر كاملاً ، وعليكِ العدة ، ولا ترجعين له إلا بعقد ومهر جديدين.
2. رجوعكِ بعقد ومهر جديدين لزوجك صحيح سواء حصلت خلوة كاملة أو لم تحصل ، لذا فعقدك الثاني صحيح وتترتب عليه آثاره ، ويجب عليكما الوفاء بما اشترطتماه فيه من شروط شرعية مباحة سواء كانت شفوية أو كتابية .
ونسأل الله تعالى أن يوفق زوجك لما يحب ويرضى ، وأن يهديه للالتزام بما ذكرناه من الأحكام ، فإن لم يرض بما ذكرناه فننصحكما بعرض أمركما على مدير أقرب مركز إسلامي لكم ، أو من تثقون في علمه ودينه من هو قريب من مكانكم . ولا بأس أن توسطي بعض الناصحين ، خاصة إذا كان من أهلك أو أهله ، ليصلح بينكما .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب