السؤال :
يتم في مسجدي دائماً رقية المرضى حيث لا يمر أسبوع دون أن يُعلن المسجد عن طلب متطوعين لرقية شخص ، وغالباً يقومون بعمل حلقة حول الشخص وقراءة القرآن إما بتقسيم أجزاء من القرآن أو أن شخصاً يقوم بالتنسيق وقراءة سور من القرآن ويقوم الآخرون بالقراءة خلفه ، وأحياناً يقومون بقراءة القرآن للمباركة عند الطلاق أو التخرج من المدرسة والعديد من الأمور الأخرى رأيتها بنفسي ، من تمرير كتب أدعية وآيات لقراءتها أثناء هذه الجلسات لكنهم لم يوضحوا دليلاً على ما يقومون به ، ويحدث في بعض هذه الجلسات اختلاط بالنساء ! وقد حضرت جلسة قاموا فيها بقراءة البسملة على الماء وأخذوا في رشه على أفراد الأسرة ، فهل بوسعكم - يا شيخ - أن تخبروني بما إذا كانت هذه الممارسات جائزة أم أنها بدعة ، فقد توقفت تماماً عن حضور هذه الجلسات ؟ وهل هناك كتاب عن فقه الرقية والتعاويذ ؟ وهل يمكننا استخدام الرقية لأشياء تافهة أخرى كالطلاق والتخرج ؟ . وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
لا يصح أن تُجعل الرقية مشاعاً يقوم به كل أحدٍ ! وكم سيكون في هؤلاء المتطوعين من لا يُحسن قراءة القرآن أو لا يفهم معناه ! وعليه : فهذا هو الخلل الأول في فعل أولئك الأشخاص من طلبهم متطوعين ليقومون برقية مرضى ، وقد يكون أكثرهم ليسوا أهلاً لذلك ولا هم حققوا شروط الراقي الواجب توفرها فيهم .
وينظر : جواب السؤال ( 7874 ) .
ثانياً:
قراءة الرقية جماعة ليس لها أصل في الشرع ، فيما نعلم ، لا بصوت واحد من الجميع ، ولا بالترديد خلف أحدهم ، وليست هذه طريقة الرقية ، والمعروف في باب الرقية أن الذي يقوم عليها شخص واحد يقرأ على المريض الرقية الشرعية يرقيه بها ، ولا مانع أن يعينه غيره بعد أن يتعب أو ينتهي ليقوم بالرقية بعده على المريض ، أما قراءة أكثر من واحد بصوت واحد جماعة أو بالترديد خلف قارئ أو راق فمما لا أصل له في الشرع ، كما سبق ، ولا في باب العلاج بالرقية .
وأما قراءة الرقية الشرعية من قارئ راقٍ بعينه على ماء واغتسال المريض به أو شربه له : فجائز ، وقد ذكرنا هذا في جواب السؤال رقم ( 96793 ) فلينظر .
ثالثاً:
قراءة القرآن في المناسبات المذكورة ونحوها ، مما لم يرد له أصل في السنة ، سواء كان قراءة شيء غير معين من القرآن ، أو قراءة الفاتحة بعينها في شيء من المناسبات ؛ لأن الأصل أن العبادات مبناها على التوقيف ، وقد وجدت مناسبات الطلاق والزواج وغيرهما ولم يرد حرف في قراءة أصحاب تلك المناسبات شيء من القرآن لا الفاتحة ولا غيرها ، وكل خير في اتباع من سلف ، وكل شر في ابتداع من خلف .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - : " الفاتحة أو غيرها من السور المعينة : لا تقرأ إلا في الأماكن التي شرعها الشرع ، فإن قرأت في غير الأماكن تعبداً : فإنها تعتبر من البدع ، وقد رأينا كثيراً من الناس يقرؤون الفاتحة في كل المناسبات ، حتى إننا سمعنا من يقول " اقرؤوا الفاتحة على الميت " وعلى كذا وعلى كذا ، وهذا كله من الأمور المبتدعة المنكرة ، فالفاتحة وغيرها من السور لا تقرأ في أي حال ، وفي أي مكان ، وفي أي زمان ، إلا إذا كان ينكر على فاعلها " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " ( شريط رقم 371 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 147645 ) .
رابعاً:
اختلاط الرجال بالنساء محرم وقبيح ويشتد التحريم ويعظم القبح إذا كان ذاك الاختلاط في بيت من بيوت الله يجهر به أصحابه وينسبون فعلهم للشرع ! وقد ذكرنا أدلة تحريم الاختلاط في جواب السؤال رقم ( 1200 ) فلينظر .
والذي يظهر لنا من خلال أسئلة الأخ السائل أن أولئك الأشخاص الذي يقومون بتلك الأعمال ويشرفون عليها ليسوا أهل علم ، فينبغي أن يبين لهم ما أخطأوا فيه ، وليعرض عليهم جوابنا هذا لعلَّ الله أن يهديهم فيتركوا ما هم فيه من أخطاء ومخالفات ، وعليكم التلطف معهم في الإنكار ، والله يوفقكم ويرعاكم .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب