ثروت Admin
عدد المساهمات : 1166 تاريخ التسجيل : 18/06/2014 الموقع : خى على الفلاح
| موضوع: التوبة قبل رمضان الجمعة مايو 27, 2016 5:37 am | |
| الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًّا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد: عباد الله: إنَّ للتوبة فضائلَ كثيرةً، منها محبة الله للتائبين، قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة:222]. ومنها مغفرته لسيئاتهم، وتكفيره لخطاياهم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) [التحريم:8]. ومنها: أن الله تعالى -من رحمته بعباده- يفرح بتوبة عبده، كما تقدم في الحديث. عباد الله: على العبد إذا تاب أن يستكثر من الطاعات وذكرِ الله تعالى، وأن يدعوَ الله أن يثبته على التوبة، ويقبلها منه، وعليه مجانبة كلِّ ما يدعوه إلى معاودة الذنب مِن صاحبٍ، أو حَيٍّ، أو بلد، ومما يشهد لهذا المعنى مِن النصوص ما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- في قصة (قاتلِ المئةِ) الذي تاب، فقال له العالِمُ: "انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله، فأعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء" رواه مسلم. عباد الله: المرء محتاج إلى التوبة دائماً؛ لأنه لا يخلو أحد من تقصيرٍ بحَقِّ الله تعالى، كما يُروَى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوّابون" رواه ابن ماجة والترمذي واستغربه. وليست التوبة خاصة بزمن من الأزمان، ولا بحال من الأحوال ، فليست خاصة بكبار السن، ولا بالشباب، ولا بأصحاب الموبِقات فحسب، بل هي واجبة على جميع الناس، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ)، وهذا أمرٌ عام لجميع الناس، ثم أكَّده الله -جل وعلا- بقوله: (جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31]، والمرء لا يخلو من تقصير بحق الله تعالى، والتوبة قرينة الفلاح، كما قال تعالى: (لعلكم تفلحون). وزمنُها جميعُ حياة ابن آدم، كلَّما قارف ذنباً أو قصَّر في واجب، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها" رواه مسلم. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغِر" رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" رواه مسلم.قال تعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ) [النساء:18]، عبد الله: ما الذي يصُدّك عن التوبة؟ ما الذي يمنعك من القرب من ربك؟. عبد الله: احذر من أمور تثبطك عن التوبة: أولها: الاعتماد على رحمة الله تعالى، وعفوه مع الغفلة من عقابه، كقول كثير من المذنبين: الله غفور رحيم، ولم يتدبروا قول الله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ) [الحجر:49-50]. وثانيها: التسويف، وطول الأمل، وتأجيل التوبة إلى حين الكِبَر. وثالثها: الانهماكُ في مُتَعِ الحياة الدنيا، والغفلةُ عن الآخرة، ونسيانُ الموت، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "أكْثِرُوا ذكرَ هاذم اللذات" رواه الترمذي وحسَّنه، وابن ماجة، وهاذم اللذات:الموت، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "زوروا القبور؛ فإنها تذكّر الموت" رواه مسلم. ورابعها: الاغترارُ بالحسنات التي يفعلها العبد، ونسيان الذنوب، فيقول -مُعجَباً بعمله-: أنا أفعل كذا، وأنا أقوم بكذا، غير متدبر لقول الله تعالى: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [الحجرات:17]. وخامسها: مصاحبة المنهمكين في الذنوب، ولو لم يكن فيها مِن المفاسد إلا أنهم يهوّنون الذنب بقولهم وفعلهم، ويثبّطون عن التوبة. وسادسها: ظنّ المسرف على نفسه أن الله لا يقبل توبته، وأنه لابد وأن يعذبه، وهذا من تسويل الشيطان للمسكين، وهو قُنوط من رحمة أرحم الراحمين، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53]. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين... | |
|