زائر زائر
| موضوع: هل يتصدق الحي عن الميت إذا رآه في منامه ؟ الثلاثاء مارس 19, 2013 5:22 am | |
| السؤال : تعتقد أمي وبعض الناس أن على من رأى ميتا في المنام أن يتصدق عن ذلك الميت ! فقد رأت أمي جارة لنا توفيت قديما فأخبرتني أنها ستتصدق عنها ، كما أنها رأت مرة فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأطعمتنا ذرة مقلية وشايا صدقة منها على فاطمة ، الشيء الذي رابني وأزعجني ، أرجو بيان حكم الشرع في التصدق الميت عقب رؤيته في المنام .
الجواب : الحمد لله اتفق أهل العلم على أن الدعاء والاستغفار والصدقة والحج تصل للميت .
أما الدعاء والاستغفار فلقول الله تعالى : ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء ).
وأما الصدقة فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة : ( أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها ولم توصي وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ) رواه البخاري برقم 1388 ، ومسلم برقم 1004 ، وثبت في البخاري عن سعد بن عبادة : ( أن أمه توفيت وهو غائب فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وأنا غائب فهل ينفعها إن تصدقت عنها فقال : نعم ، فقال : أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها ) رواه البخاري برقم 2756 .
وأما الحج فقد قال صلى الله عليه وسلم لمن سألته عن الحج : ( أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ، قالت : نعم قال : فدين الله أحق بالقضاء ) رواه البخاري برقم 6699 ، ومسلم برقم 1148 .
ومما سبق تعلم أن الصدقة عن الميت تنفعه ويصل إليه ثوابها .
وقد روي حديث ضعيف في الصلاة عن الميت ، وذكر الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك أنه ضعف هذا الحديث ثم قال :
لَيْسَ فِي الصَّدَقَةِ (يعني عن الميت) اخْتِلافٌ اهـ .
قال النووي :
قَوْله : ( لَيْسَ فِي الصَّدَقَة اِخْتِلافٌ ) فَمَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لا يُحْتَجُّ بِهِ , وَلَكِنْ مَنْ أَرَادَ بِرَّ وَالِدَيْهِ فَلْيَتَصَدَّقْ عَنْهُمَا فَإِنَّ الصَّدَقَة تَصِلُ إِلَى الْمَيِّتِ وَيَنْتَفِع بِهَا بِلا خِلَافٍ بَيْن الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب . وَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَن الْمَاوَرْدِيّ الْبَصْرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِيّ فِي كِتَابه الْحَاوِي عَنْ بَعْض أَصْحَاب الْكَلام مِنْ أَنَّ الْمَيِّت لا يَلْحَقُهُ بَعْد مَوْته ثَوَاب فَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ قَطْعًا وَخَطَأٌ بَيِّنٌ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاع الأُمَّة فَلا اِلْتِفَاتَ إِلَيْهِ وَلا تَعْرِيجَ عَلَيْهِ . وَأَمَّا الصَّلاة وَالصَّوْم فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء أَنَّهُ لا يَصِلُ ثَوَابُهُمَا إِلَى الْمَيِّت إِلا إِذَا كَانَ الصَّوْم وَاجِبًا عَلَى الْمَيِّت فَقَضَاهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَوْ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فَإِنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ أَشْهَرُهُمَا عَنْهُ أَنَّهُ لا يَصِحّ وَأَصَحُّهُمَا عِنْد مُحَقِّقِي مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يَصِحّ . وَأَمَّا قِرَاءَة الْقُرْآن فَالْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّهُ لا يَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَى الْمَيِّت وَقَالَ بَعْض أَصْحَابه : يَصِل ثَوَابهَا إِلَى الْمَيِّت . وَذَهَبَ جَمَاعَات مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّهُ يَصِل إِلَى الْمَيِّت ثَوَاب جَمِيع الْعِبَادَات مِنْ الصَّلاة وَالصَّوْم الْقِرَاءَة وَغَيْر ذَلِكَ . . . ثم ذكر النووي أن الدُّعَاء وَالصَّدَقَة وَالْحَجّ يصِلُ ثوابها إلى الميت بِالإِجْمَاعِ اهـ بتصرف .
وقال في تحفة المحتاج (7/72) :
"وينفع الميت صدقة عنه ومنها وقف لمصحف وغيره وحفر بئر وغرس شجر منه في حياته أو من غيره عنه بعد موته" اهـ .
وأما أفضل الطرق لنفع والدك فعليك بالإكثار من الدعاء له ، قال الله تعالى : ( وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (1631).
أما بالنسبة للصدقة فمن أفضل ما تبذل فيه الصدقات الجهاد في سبيل الله وبناء المساجد ومساعدة طلبة العلم بطباعة الكتب أو إعطائهم الأموال التي يحتاجون إليها .
الكلام عن بعض الرؤى التي يدل ظاهرها على حاجة الميت لما ينتفع به من الأحياء ، من دعاء أو صدقة أو قضاء دين أو نحو ذلك . فهاتان الحالتان : الصدقة عن الميت ابتداءً ، والصدقة عنه في حال كان ظاهر الرؤية يدل على حاجته للصدقة : أمر لا بأس به . وأما اعتقاد أنه بمجرد رؤية الميت في المنام ، يجب ، أو يستحب الصدقة عنه : فهذا لا أصل له ، ولا دليل عليه ، بل هو إلى البدعة أقرب . وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : من رأى شخصاً غريباً في المنام ، مثال : العم أو الجد أو الخال ... الخ ، فهل يلزم التصدق عمن رآه في المنام ؟ فأجاب رحمه الله : " لا يلزم أن يتصدق عن الميت إذا رآه في المنام على أي حالٍ كان ، وإنما إذا رأى الميت على حالٍ تسره ، فإن هذا خيرٌ له ويحدث به الإنسان من يحب ، وإذا رآه على حالٍ مكروهة ، فإن المشروع فيمن رأى ما يكره : أن يستعيذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ، وأن يتفل على يساره ثلاث مرات ، وأن ينقلب عن جنبه الذي كان عليه إلى الجنب الآخر ، وألا يحدث بذلك أحداً ، فإن عاد إليه مرةً ثانية في منامه ، فليقم ويتفل عن يساره ثلاث مرات ، ويستعيذ بالله من شرها ومن شر ما رأى ومن شر الشيطان ، ويذكر الله ، ويتوضأ ، ويصلى ، حتى يزول عنه هذا الحلم الذي رأى فيه ما يكره ؛ لأن الشيطان يتمثل بالأشياء التي تحزن المرء وتدخل عليه الهم والغم ، وقد أشار الله تبارك وتعالى إلى محبة الشيطان لما يحزن المرء ، فقال : ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ) ، فدل هذا على أن الشيطان حريصٌ على ما يحزن المرء ويضيق صدره ويدخل عليه الهم والغم " . انتهى من " فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين " . http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_7605.shtml
والله أعلم . |
|