زائر زائر
| موضوع: تريد أن تقسم مالها بين أولادها في حياتها الجمعة ديسمبر 07, 2012 2:07 pm | |
| تريد أن تقسم مالها بين أولادها في حياتها
السؤال : إنني أكتب وصيتي وكل ما أملكه هو أصول تتمثل في مجوهرات ذهبية ، إنني أريد أن أقسم هذه التركة بالتساوي بين ابني وابنتي ، فهل يجوز ذلك ؟ فإذا لم يكن جائزا ، فما هو الخيار الثاني لي ؟ إذا أعطى أحد الناس أطفاله ذهبا كهدية ، وكانوا لا يزالون تحت وصايتها فهل لها أن تستخدمه ؟ لا أريد أن أهادي أبنائي الآن ؛ لأنهما لا يزالان صغيرين ، ولكن هل يمكن أن أكتب وصية ؟ فما هو الخيار المتاح أمامي ؟
جواب : الحمد لله
أولاً :
يجوز للإنسان أن يقسم ماله في حياته ، بشرط ألا يقصد الإضرار ببعض الورثة . قال المرداوي في " الإنصاف " (7/142) : " لا يكره للحي قسم ماله بين أولاده ، على الصحيح من المذهب ، وعنه: يكره ، ( يعني : عن الإمام أحمد قول آخر بالكراهة ) قال في الرعاية الكبرى : يكره أن يقسم أحد ماله في حياته بين ورثته ، إذا أمكن أن يولد له " انتهى . وتكون القسمة على ما جاء في الشرع ، فللذكر مثل حظ الأنثيين .
ثانياً :
إذا قسم أحد ماله بين ورثته في حياته فلا يخلو من حالين: الحال الأولى : أن يعطي كل فرد نصيبه ويملكه إياه فمثل هذا يكون له حكم العطية ، ويشترط فيه العدل بين الأولاد ، وإعطاء الذكر ضعف ما للأنثى ، إلا أن يرضى الأولاد بالتفاضل رضاً صريحاً لا يحمل عليه الحياء .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : أنا عندي من الأولاد بنت واحدة ، وأملك بيتاً من طابقين ، ولي إخوان ، فهل أستطيع أن أمنح بنتي جزءاً من البيت ، أم هذه المنحة تؤثر على حق الورثة ، وبالتالي تكون المنحة حراماً ؟ فأجابت : " إذا كان منحك للجزء من بيتك لابنتك منجّزاً ولم تقصد حرمان بقية الورثة بأن قبضتْه في الحال ، وملكت التصرف فيه- فلا بأس بذلك ؛ لأن هذا من باب العطية ، وإن كان منحك لها بالوصية فهذا لا يجوز ؛ لأنه لا وصية لوارث ، لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا وصية لوارث)" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/213) .
والذي يظهر والعلم عند الله من سؤالك أنك لا تريدين تمليك أطفالك نصيب كل واحد منهم ، وعليه فيكون ذلك من باب الوصية ، والوصية للوارث منهي عنها شرعا ، ولا يُحتاج إليها بعد ما أعطى الله كلا نصيبه المفروض ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ) رواه أبو داود (2870) وغيره وصححه الألباني في " صحيح الجامع" رقم (1789) . فإن حصل وأوصى صاحب المال بشيء منه لبعض ورثته ، فللباقين الحق في إمضاء الوصية أو ردها . والذي ننصحك به ترك أمر تقسيم أموالك في حال حياتك لما قد يوقع ذلك من الحزازات بين أولادك ، ثم من يدري ، فلعل الله يرزقك بأولاد آخرين سوى من عندك الآن ، ولعله أن يكون لك عند موتك ورثة سوى أولادك ، ثم لعلك تحتاجين إلى بعض مالك في حياتك ، فلا يمكن التصرف فيه بعض ما قسمته على أولادك . ولأجل هذا كله ، وغيره من العوارض التي تعرض للإنسان في حياته ، ننصحك ألا تقسمي شيئا من أموالك الآن على أولادك الصغار ، ودعي الأمور تجري في مسارها الطبيعي المعتاد ، واستعيني بالله ، والجئي إليه في صلاح ذريتك وحفظهم في حياتك وبعد مماتك . ثالثا : إذا أعطى أحد الوالدين ولده هدية أو نحوها بقصد الهبة وتمليك الولد إياها فقد انتقل ملكها للولد ، ولا مانع من استخدامها من قبل الوالدين بشرط حاجتهما لذلك ، وانتفاء الضرر عن الولد ، فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : " أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ، فَقَالَ : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ ) " رواه ابن ماجه ( 2291 ) وابن حبان في صحيحه ( 2 / 142 ) من حديث جابر ، و ( 2292 ) وأحمد ( 6902 ) من حديث عبد الله بن عمرو . ورواية أحمد عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:" أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ، قَالَ : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ ، إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا ) . وله طرق وشواهد يصح بها . انظر : " فتح الباري " ( 5 / 211 ) ، و " نصب الراية " ( 3 / 337 ) . والله أعلم . |
|