زائر زائر
| موضوع: أسلمت بعد أن أجهضت حملها من الزنا، فهل يغفر الله لها وهل تلتقي بولدها في الجنة ؟ السبت أبريل 28, 2012 12:44 am | |
| أسلمت بعد أن أجهضت حملها من الزنا، فهل يغفر الله لها وهل تلتقي بولدها في الجنة ؟
السؤال : أخت في السابعة عشرة من العمر، اعتنقت الإسلام بعد أن كانت ملحدة ، ولكنها تذكر أنها قبل أن تُسلم كانت على علاقة مع صديق لها وقد حملت حملاً بسبب تلك العلاقة ، ولكن صاحبها ضغط عليها فأجهضت الجنين ، إنها حزينة جداً ، وتمنت أنها ما فعلت ذلك ، وتسأل الله أن يعفو عنها ، ولكنا تتساءل الآن وتقول : ما وجهة نظر الشرع في ذاك الجنين؟ هل تكونت فيه الروح أم لا في تلك المرحلة ؟ وهل هناك عواقب مترتبة على ذلك يوم القيامة ؟ وإذا منّ الله عليها وأدخلها الجنة فهل يمكنها أن تطلب منه سبحانه أن يرد عليها ذاك الجنين أم أنه لا سبيل إلى ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
لجواب: الحمد لله أولاً: الزنا جريمة محرمة في الشرائع الإلهية، مستقبحة ، يرفضها كل عقل سليم ولو لم يكن مسلماً ، وقد ذم الله عز وجل فاعلها في آيات كثيرة وأحاديث نبوية عديدة ، وتوعد فاعلها بالعقوبة الشديدة والخزي في الدنيا والآخرة ، وللاستزادة ينظر
أولاً : الزنا كبيرة من كبائر الذنوب ، وجريمة من أقبح الجرائم ، قال الله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا ) الإسراء / 32 . وقال تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) الفرقان/68، 69. ولا فرق في ذلك بين أن يكون الزنا بمسلمة أو غير مسلمة . ثانياً : أما عقوبة الزنا في الدنيا فقد أوجب الله فيه الحد ، قال الله تعالى في بيان حد الزاني البكر – أي : الغير محصن - : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) النور/2 . أما المحصن ـ وهو الذي قد سبق له الزواج ـ فجعل حده الرجم بالحجارة حتى الموت ، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (3199) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ) . ولا فرق في هذا أيضا بين من زنى بمسلمة أو زنى بكافرة .
وهذه الجريمة لا يقتصر خطرها على عقاب الدنيا العاجلة فقط ، بل إن عذاب الآخرة أشد وأعظم ، فقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري (7047) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني فانطلقا بي قال : فانطلقنا حتى إذا أتينا على مثل التنور ، فإذا فيه لغَط وأصوات ، قال : فاطّلعنا فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم ، فإذا أتاهم اللهب ضَوضَوْا [أي : صاحوا] ، قال قلت لهما : ما هؤلاء ؟ فقالا لي : وأما الرجال والنساء الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني ..) ( والتنور : هو الفرن الذي يخبز فيه ) . فالواجب على من وقع في هذه المعصية الكبيرة أن يتوب إلى الله توبة نصوحا ، وأن يبتعد عن كلّ ما يؤدي به إلى الحرام والعودة إليه ، والله تعالى يفرح بتوبة العاصين ويقبل منهم ، قال سبحانه : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 . قال ابن كثير رحمه الله : "هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها ، وإن كانت مهما كانت ، وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر" انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/106). والله أعلم . . ثانياً: من زنت ثم حملت حرم عليها إجهاض جنينها بعدما نُفخت فيه الروح ، بإجماع العلماء ، ولو كان الحمل من زنا ؛ لأنه نفس معصومة . ونفخ الروح يكون بعد مائة وعشرين يوماً . جاء في "الموسوعة الفقهية" (2/57): ".. لا يعلم خلاف بين الفقهاء في تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح ، فقد نصوا على أنه إذا نفخت في الجنين الروح حرم الإجهاض إجماعاً، وقالوا إنه قتل له, بلا خلاف..." انتهى .
ثالثاً: من كسب سيئة ، وأحاطت به خطاياه ومعاصيه في حال الكفر ، من الزنا أو السرقة ، أو غيره من الكبائر والموبقات ؛ ثم أسلم ، غفر الله له ما كان منه في حال كفره ، ثم ليستأنف مع ربه صفحة جديدة ، قال الله تعالى : ( قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/38
قال ابن العربي رحمه الله: " قَالَ عُلَمَاؤُنَا: هَذِهِ لَطِيفَةٌ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مَنَّ بِهَا عَلَى الْخَلِيقَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْكُفَّارَ يَقْتَحِمُونَ الْكُفْرَ وَالْجَرَائِمَ ، وَيَرْتَكِبُونَ الْمَعَاصِيَ ، وَيَرْتَكِبُونَ الْمَآثِمَ ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يُوجِبُ مُؤَاخَذَتَهُمْ لَمَا اسْتَدْرَكُوا أَبَدًا تَوْبَةً ، وَلَا نَالَتْهُمْ مَغْفِرَةٌ ؛ فَيَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَبُولَ التَّوْبَةِ عِنْدَ الْإِنَابَةِ ، وَبَذَلَ الْمَغْفِرَةَ بِالْإِسْلَامِ ، وَهَدَمَ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَقْرَبَ إلَى دُخُولِهِمْ فِي الدِّينِ، وَأَدْعَى إلَى قَبُولِهِمْ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ ، وَتَأْلِيفًا عَلَى الْمِلَّةِ ، وَتَرْغِيبًا فِي الشَّرِيعَةِ ؛ فَإِنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ يُؤَاخَذُونَ لَمَا أَنَابُوا وَلَا أَسْلَمُوا " انتهى من"أحكام القرآن" لابن العربي (2/398) .
وفي صحيح مسلم (121) عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه قال: لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي ، قَالَ: مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟ قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ ، قَالَ: تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟ قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي ، قَالَ: ( أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ) . قال النووي رحمه الله: " الإِسْلام يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله" أَيْ: يُسْقِطهُ وَيَمْحُو أَثَره " . انتهى من "شرح مسلم".
وجاء في فتاوى علماء "اللجنة الدائمة " (24/296) : " إذا صدق الإنسان في توبته من ذنبه ، ولو كان شركاً بالله ، أو زناً، أو قتلاً ، أو أكل مال بالباطل، وندم على ما مضى من ذنبه ، ورد الحقوق إلى أهلها أو سامحوه ، وأتبع ذلك عملاً صالحا: تاب الله عليه ، وغفر ذنبه ، بل يبدل سيئاته حسنات ، قال الله تعالى في صفة عباده الصالحين: ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا. وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) الفرقان/ 68 – 71 ، وقال: ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/ 38، وقال: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/ 53 ". انتهى . الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن قعود.
وأما عن الجنين الذي أسقط قبل إسلام أمه ، فالله أعلم بشأنه ، وما يكون من حاله يوم القيامة . أولا : الجنة دار الكرامة التي أعدها الله تعالى لعباده المؤمنين ، فيها من النعيم والسعادة ما لا يخطر على بال بشر ، ولا يبلغه خيال أحد ، فمن دخلها فقد سعد السعادة الحقيقية الأبدية ، وفاز فوزا عظيما . قال الله عز وجل : ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) السجدة/17 ومن السعادة التي تكفل الله بها لعباده المؤمنين أن يجمع شمل الأسرة الواحدة ، الوالدين والأولاد ، بعد دخولهم الجنة جميعا برحمة الله ، وشفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، جاء هذا الوعد في كتاب الله الكريم ، آيات تتلى إلى يوم القيامة ، حيث يقول عز وجل : ( وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ) الطور/21 قال ابن عباس في تفسير هذه الآية : " إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه ، ثم قرأ : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ) " انتهى . رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" ، وابن أبي الدنيا في "العيال" (رقم/357) وغيرهم . وانظر للتوسع: تفسير ابن جرير الطبري (22/467) وهذا الوعد مصداق ما جاء أيضا في قوله عز وجل : ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ) الرعد/23، وقوله تعالى : ( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ) الزخرف/70 قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/451) : " وقوله تعالى : ( ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ) أي : يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء ، والأهلين ، والأبناء ، ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين ؛ لتقر أعينهم بهم ، حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى ، من غير تنقيص لذلك الأعلى عن درجته ، بل امتنانا من الله وإحسانا ، كما قال تعالى : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين ) " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (المجموعة الثانية، 2/409) : " السؤال : هل نلتقي مع أبنائنا في الآخرة ، وكلنا أمل في ذلك ؟ نأمل منكم شرح هذا الموضوع ، وأرشدونا إلى كل ما ترونه خيرا . فجزاكم الله خير الجزاء . فكان الجواب : الله جل وعلا أخبر أنه بفضله ومنه وكرمه يلحق ذرية المؤمنين بآبائهم في المنزلة وإن لم يبلغوا منزلتهم في العمل ، فقال جل شأنه : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى نور على الدرب" (العقيدة/ الإيمان باليوم الآخر) : " إذا دخل أحد الجنة هل يتعرف على أقاربه ؟ نعم يتعرف على أقاربه وغيرهم من كل ما يأتيه سرور قلبه ؛ لقول الله تعالى : ( وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) بل إن الإنسان يجتمع بذريته في منزلةٍ واحدة إذا كانت الذرية دون منزلته ، كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِين ) " انتهى.
ثانيا : ينبغي أن يفرق هنا بين أمرين : الأول : تزاور أهل الجنة ، وتعارفهم ، ولقاؤهم فيما بينهم وهم في جنات النعيم ، فهذا من تمام نعيم أهل الجنة ، ولا مانع من أن يزور الأدنى منزلة في الجنة ، من هو فوقه فيها ، كما أن ذلك حاصل في الدنيا . قال تعالى : ( فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ * أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ) الصافات/50-61 . قال ابن كثير رحمه الله : " يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَّهُ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ، أَيْ: عَنْ أَحْوَالِهِمْ، وَكَيْفَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا، وَمَاذَا كَانُوا يُعَانُونَ فِيهَا؟ وَذَلِكَ مِنْ حَدِيثِهِمْ عَلَى شَرَابِهِمْ، وَاجْتِمَاعِهِمْ فِي تُنَادِمِهِمْ وَعِشْرَتِهِمْ فِي مَجَالِسِهِمْ، وَهُمْ جُلُوسٌ عَلَى السُّرُرِ، وَالْخَدَمِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، يَسْعَوْنَ وَيَجِيئُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ عَظِيمٍ، مِنْ مَآكِلَ وَمُشَارِبَ وَمَلَابِسَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. " . انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/15) . وينظر : "حادي الأرواح" لا بن القيم (1/259-263) .
وأما الجمع بين الأبناء والآباء ، أو غيرهم من الأهل ، لينزلوا منزلة واحدة في الجنة ، على وجه الدوام ، فالأظهر ـ والله أعلم ـ أن ذلك خاص بمن مات صغيرا من الذرية والأبناء ؛ فيمن الله على آبائهم في الجنة ، ويرفع أبناءهم إلى منزلتهم ، لتقر أعينهم بأبنائهم فيها . قال ابن القيم رحمه الله ، بعد حكاية الخلاف في هذه المسألة : " واختصاص الذرية هاهنا بالصغار أظهر لئلا يلزم استواء المتأخرين بالسابقين في الدرجات ولا يلزم مثل هذا في الصغار فان أطفال كل رجل وذريته معه في درجته والله اعلم " انتهى من "حادي الأرواح" (398) . وهذا هو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أيضا . ينظر: "الباب المفتوح" (161/4) .
والله أعلم .
|
|
بسمة بسمة
عدد المساهمات : 268 تاريخ التسجيل : 27/12/2011
| موضوع: رد: أسلمت بعد أن أجهضت حملها من الزنا، فهل يغفر الله لها وهل تلتقي بولدها في الجنة ؟ السبت مايو 05, 2012 7:34 pm | |
| | |
|