هل يجوز للمعتدة من وفاة زوجها أن تظهر أمام زوج ابنتها ؟
السؤال:
توفي والدي وأمي الآن معتدة ، فهل يجوز لها أن تظهر أمام زوجي أم لا يجوز لها ذلك ؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا .
الجواب :
الحمد لله
يلزم المعتدة من وفاة زوجها أن تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه حتى تنتهي العدة وهي أربعة أشهر وعشرا ، ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة .
الأشياء التي تمتنع عنها المحادة .
المحادة جاء في الأحاديث ما ينبغي أن تمتنع عنه ، وهي مطالبة بأمور خمسة :
الأمر الأول : لزوم بيتها الذي مات زوجها ، وهي ساكنة فيه تقيم فيه حتى تنتهي العدة ، وهي أربعة أشهر وعشراً ، إلا أن تكون حبلى ، فإنها تخرج من العدة بوضع
الحمل ، كما قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) . ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة كمراجعة المستشفى عند المرض وشراء
حاجتها من السوق كالطعام ونحو ذلك ، إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك ، وكذلك لو انهدم البيت ، فإنها تخرج منه إلى غيره ، أو إن لم يكن لديها من يؤنسها وتخشى
على نفسها ، لا بأس بذلك عند الحاجة .
الأمر الثاني : ليس لها لبس الجميل من الثياب لا أصفر ولا أخضر ولا غيره ، بل تلبس من الثياب غير الجميل ، سواء كان أسود أو أخضر أو غير ذلك ، المهم أن تكون الثياب غير جميلة ، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم .
الأمر الثالث : تجنُّب الحليّ من الذهب والفضة والماس واللؤلؤ ، وما أشبه ذلك سواء كان ذلك قلائد أو أساور أو خواتم ، وما أشبه ذلك حتى تنتهي العدة .
الأمر الرابع : تجنُّب الطِّيب ، فلا تتطيب لا بالبخور ولا بغيره من الأطياب ، إلا إذا طهرت من الحيض خاصة ، فلا بأس أن تتبَخَّر ببعض البخور .
الأمر الخامس : تجنُّب الكحل ، فليس لها أن تكتحل ولا ما يكون في معنى الكحل من التجميل للوجه ، التجميل الخاص الذي قد يفتن الناس بها ، أما التجميل العادي
بالماء والصابون فلا بأس بذلك ، لكن الكحل الذي يجمِّل العينين وما أشبه الكحل من الأشياء التي يفعلها بعض النساء في الوجه ، فهذا لا تفعله .
فهذه الأمور الخمسة يجب أن تُحفظ في أمر من مات عنها زوجها .
أما ما قد يظنه بعض العامة ويفترونه ، من كونها لا تكلِّم أحداً ، ومن كونها لا تُكلِّم بالهاتف ، ومن كونها لا تغتسل في الأسبوع إلا مرة , ومن كونها لا تمشي في بيتها
، ومن كونها لا تخرج في نور القمر ، وما أشبه هذه الخرافات ، فلا أصل لها بل لها أن تمشي في بيتها حافية ومنتعلة ، تقضي حاجتها في البيت تطبخ طعامها
ضيوفها ، تمشي في ضوء القمر ، في السطح وفي حديقة البيت ، تغتسل متى شاءت ، تكلِّم من شاءت كلاماً ليس فيه ريبة ، تصافح النساء ، وكذلك محارمها ، أما
غير المحارم فلا ، ولها طرح خمارها عن رأسها إذا لم يكن عندها غير محرم ، ولا تستعمل الحناء ولا الزعفران ولا الطيب لا في الثياب ولا في القهوة ، لأن الزعفران
من أنواع الطِّيب ، ولا يجوز أن تُخطَب ، ولكن لا بأس بالتعريض ، أما التصريح بالخطبة فلا ، وبالله التوفيق .
فتوى الشيخ ابن باز من كتاب فتاوى إسلامية ج/3 ص/315-316
وللمزيد يُنظر كتاب الإمداد بأحكام الإحداد لفيحان المطيري ، وكتاب أحكام الإحداد لخالد المصلح .
وما عدا ما نهيت عنه فإنها تعيش حياتها الطبيعية بلا تكلف ولا تشديد على نفسها ، بل على ما جرت به عادتها .
وزوج ابنتها محرم لها ، يجوز لها أن تجالسه وتحادثه وتكشف أمامه ما جرت العادة بكشفه ، من وجهها وكفيها ، ونحو ذلك .
قال الله تعالى :
( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ... ) النساء/23 .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
هناك امرأة عندها بنت متزوجة ، وهذه المرأة تتستر عن زوج ابنتها ، ولا تأكل معه ، وحتى أيام المناسبات لا تسلم عليه ، فما الحكم في ذلك ؟
فأجاب : " زوج البنت من المحارم لأمها ؛ لقول الله سبحانه في بيان المحرمات :
( وأمهات نسائكم ) وهذا أمر مجمع عليه بين أهل العلم ... لكن لا يلزمها كشف الحجاب له أو الأكل معه، فإن فعلت فهو الأحسن والأفضل حتى تسود المحبة
والألفة بينهما، وحتى تمتثل حكم الله الذي أباح لها ذلك " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (21 /26) .
وقال الشيخ أيضا :
" المحدة تقضي حاجتها في البيت ، تطبخ طعامها وطعام ضيوفها ، تمشي في ضوء القمر ، في السطح وفي حديقة البيت ، تغتسل متى شاءت ، تكلم من شاءت
ليس فيه ريبة ، تصافح النساء ، وكذلك محارمها ، أما غير المحارم فلا ، ولها طرح خمارها عن رأسها إذا لم يكن عندها غير محرم " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (22 /190) .
والله تعالى أعلم .