حقوق الزوجة إذا ثبت أن زوجها عاجز عن وطئها
السؤال
: تزوجت وبعد زواجي بيومين لم يحصل علاقة بيني وبين زوجي ، حتى جاءتني العادة الشهرية الدورة وبقيت لمدة 7 أيام ، حصل خلالها بعض المداعبات ثلاث مرات لكن دون انتصاب بشكل واضح ، بل بشكل خفيف ولما حصل الطهر ، حاول بأن يدخل الدخلة ولم يستطيع علما بأني بدأت أشعر بنية وبمحاولات منه بإصبعه ، ثم أخبرني بأنه ليس عنده اي مشكلة لو بقي سنة بدون علاقة ولا مشكلة لديه هذا كلامه ، و بعد عدد من المحاولات لم يحصل دخول ، ثم ذهبت الى بيت أهلي وإلى الأن أنا في بيت أهلي وذهبت للدكتورة وكشف وقالت بأني ما زلت عذراء مع العلم
بأني بدأت أشعر بنية وبمحاولات منه بإصبعه ، ثم أخبرني بأنه ليس عنده اي مشكلة لو بقي سنة بدون علاقة ولا مشكلة لديه هذا كلامه ، وبعد عدد من المحاولات لم يحصل دخول ، ثم ذهبت الى بيت أهلي وإلى الأن أنا في بيت أهلي وذهبت للدكتورة وكشف وقالت بأني ما زلت عذراء مع العلم بأن يوجد علامة محاولة لفض البكارة بشيء، ولم تكتب أي تقرير أو إثبات بهذا الكلام ، ولم تكتب أي تقرير أو إثبات بهذا الكلام ، فما الحكم .
لجواب :
الحمد لله
أولا:
إذا عجز الزوج عن الوطء فلم يطأ زوجته ولو مرة واحدة، كان لها رفع الأمر إلى القضاء، فإن ثبتت عُنَّته أجله القاضي سنة، فإن لم يطأ، كان لها الفسخ. وإن وطئ فيها، فليس لها الفسخ؛ لتبين أن عجزه كان عارضا.
والعُنّة: عيب يمنع الانتصاب والانتشار، فلا يتمكن معه الزوج من الوطء.
وفي الموسوعة الفقهية (31/ 14): "وفي اصطلاح الفقهاء: العنة هي العجز عن الوطء في القُبُل ، لعدم انتشار الآلة ، وسمي العِنِّين بذلك للين ذكره وانعطافه، مأخوذ من عنان الدابة" انتهى.
وتأجيله سنة، هو قضاء الصحابة رضي الله عنهم. وذكر الفقهاء أن الحكمة فيه أن تمر عليه فصول السنة، فقد ينشط في بعضها.
قال ابن عبد البر رحمه الله في "الاستذكار" (6/ 193): ولا أعلم بين الصحابة خلافا في أن العنين يؤجل سنة من يوم يرفع إلى السلطان، وروي ذلك عن عمر وعلي وابن مسعود والمغيرة بن شعبة - رضي الله عنهم - وقد ذكرنا الخبر عنهم بذلك عن عمر وعلي - رضي الله عنهما -...
قال أبو عمر: على هذا جماعة التابعين بالحجاز والعراق : أن العنين يؤجل سنة ، من يوم يرفع إلى السلطان.
وقد روي عن بعضهم بأنه أجله عشرة أشهر وليس بشيء.
وإنما أجله سنة ، فيما ذكر والله أعلم ، لتكمل له المداواة والعلاج في أزمان السنة كلها ، لاختلاف أعراض العلل في أزمنة العام وفصوله، فإن لم يبرأ في السنة يئسوا منه ، وفرق بينه وبين امرأته" انتهى.
ويرى بعض أهل العلم أنه إن ثبت للقاضي العجز المرضي عند الزوج: فسخ النكاح ولم ينتظر سنة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فلو أن الطب بالفحص الدقيق قال: إن الرجل عنين ، قبل أن تمضي السنة، أو قال: إنه ليس بعنين، أو قال: إنه يحتمل أن يعود عليه نشاطه في فصل من فصول السنة، فهل لنا أن نخالف هذا الحكم [يعني : الذي قضى به الصحابة] ؟
إن قلنا: إنه من باب التشريع : فلا نخالفه، حتى لو قال لنا الأطباء: إننا نعلم علم اليقين أن هذا الرجل لن تعود إليه قوة الجماع ، فإننا لا نأخذ به، بل نؤجله .
وإذا قلنا: إنه من باب القضاء الخاضع للاجتهاد، فإنه إذا قرر الأطباء ، من ذوي الكفاءة والأمانة : أنه لن تعود إليه قوة الجماع ؛ فلا فائدة من التأجيل، فلا نستفيد من التأجيل إلا ضرر الزوجة، فهو في الحقيقة يشبه مقطوع الذكر في عدم رجوع الجماع إليه، فلا حاجة في التأجيل حينئذٍ.
ومما يعلم بالطب، واشتهر عند الناس : أن من كُوِيَ من صُلبه ، فإنه تبطل شهوته، إما لأنه لا يُنزل، أو لا ينتشر، ولهذا يحترزون جداً من كي الإنسان في صُلبه، فمثل هذا إذا علمنا أنها لن تعود شهوته ، فلا فائدة من التأجيل؛ لأن ذلك يشبه المجبوب الذي لا يرجى، بل يُقطع بعدم قدرته على الوطء" انتهى من الشرح الممتع (12/ 207).
ثانيا:
لا تثبت العنّة بمجرد دعوى الزوجة على زوجها أنه لم يطأها. بل تثبت بإقرار الزوج، أو يثبت ذلك بالفحص الطبي له .
قال في شرح منتهى الإرادات (2/ 676): " فإن ادعت امرأة عُنَّة زوجها ، (وأقر بالعنة ، أو ثبتت) عُنَّته (ببينة) . قال في المبدع: فإن كان للمدعي بينة من أهل الخبرة والثقة : عمل بها .. (أجّل سنة هلالية) ... (منذ ترافعه) ...
(فإن مضت) السنة (ولم يطأ ؛ فلها الفسخ) ... " انتهى ، مختصرا .
وعلم بهذا أن الزوج لو وطيء زوجته ولو مرة لم يكن عنينا.
فإن ادعى الزوج أنه وطئها، وأنكرت ذلك، وكانت بكرا : فحصتها الطبيبة الثقة العارفة بذلك الشأن .
قال ابن قدامة: " المرأة إذا ادعت عُنَّة زوجها، فزعم أنه وطئها، وقالت: إنها عذراء : أُرِيَت النساء، فإن شهدن بعُذْرَتها، فالقول قولها، ويؤجل.
وبهذا قال الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي
وإنما كان كذلك؛ لأن الوطء يزيل عذرتها، فوجودها يدل على عدم الوطء" انتهى من المغني (7/ 205).
ثالثا:
إذا قالت الزوجة: رضيت به عِنِّينا، لم يكن لها الفسخ بعد ذلك.
قال في زاد المستقنع: "ولو قالت في وقت: رضيت به عنيناً، سقط خيارها أبداً".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: "قوله: «ولو قالت في وقت: رضيت به عنيناً، سقط خيارها أبداً» .
كامرأة رضيت بزوجها عنيناً، ثم أصابها ما يصيب النساء من شهوة النكاح، فأرادت أن تفسخ، نقول: لا خيار لكِ، فإن قالت: ذاك الوقت أنا معجبة به وراضية، لكن طالت المدة، وأنا الآن لا أريده، فنقول: لا خيار لك؛ لأن التفريط منك.
وهذا مما يجعل الإنسان يأخذ درساً في أن لا يكون مبالغاً في الأمور، فلا يظن أن الأحوال تدوم، بل يكون عنده احتياط وتحفظ، ولهذا ورد في بعض الآثار: «أبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما» ، وهذا صحيح، لا تغالِ في الأمور، ونزِّل الأمور منازلها، واحسب للمستقبل حسابه ، حتى تكون حكيماً فيما تفعل ، وفيما تقول" انتهى من الشرح الممتع (12/ 211).
رابعا:
إذا فسخ النكاح لأجل العنة، كان للزوجة كامل مهرها، المعجل منه والمؤجل، وعليها العدة في قول الجمهور.
وفي الموسوعة الفقهية (31/ 29): "زوجة العنين لها جميع المهر عند الحنفية .
وعند الحنابلة لها المهر المسمى على الصحيح من المذهب .
ونقل عن أحمد أن لها مهر المثل .
والخلوة من العنين : كالخلوة من أي زوج ، توجب عندهم المهر.
أما المالكية : فالمشهور عندهم أن لها أيضا الصداق كاملا ، بعد انتهاء السنة؛ لأنها مكنت من نفسها، وطال مقامه معها، وتلذذ بها ...
وقال الشافعي: ليس للمرأة إن استمتع بها زوجها ، إذا قالت: لم يصبني، ليس لها إلا نصف المهر ، لأنها مفارقة قبل أن تصاب.
عدة زوجة العنين:
26 - تجب على زوجة العنين العدة ، عند الحنفية والحنابلة، كما تجب عند المالكية احتياطا ، ولا يملك الزوج الرجعة في العدة أو بعدها.
أما عند الشافعية : فليس عليها عدة ما دام لم يصبها" انتهى.
خامسا:
ما ننصح به في هذا المقام، أن يستعين الزوجان بالرقية الشرعية، فربما كان الزوج سليما ومنع من زوجته لسحر أو مس أو عين.
فإن استمر ذلك، ولم يكن بالمرأة حاجة للجماع لكبر سن مثلا، ورضيت بالزوج، فلها ذلك ولا حرج، فإن للزواج حكما كثيرة غير الوطء ، منها الأنس والرعاية والنفقة وغير ذلك.
وإن كانت شابة ، أو لا تستغني عن وطء الزوج، فلتبدأ بالتفاهم مع زوجها ليفارقها ويعطيها حقوقها، أو تننازل عن شيء منها، ليفارقها، فهذا خير لهما من رفع الأمر إلى القضاء.
فإن أبى الطلاق أو الخلع، فلترفع أمرها للقضاء .
والله أعلم.