تنازلت الجدة لأحفادها عن نصيبها ثم أرادت الرجوع ثم ماتت
السؤال :
لي عم توفي وفي أثناء عزائه قالت جدتي رحمها الله في لحظة تحسر وزعل علي ابنها : مش عايزة حاجة من ورثه ولن آخذ شيئاً متنازلة لأولاده وكانت التركة رصيد في البنك وسيارة وقطعة أرض زراعية وقطعة أرض مباني في مدينة الشروق وبالفعل زوجة عمي المتوفي وأبناؤه أخذوها من البنك وقامت بالتوقيع على تنازل على الفلوس اللي في البنك وعن السيارة واستلموا فلوسهم وعملوا عقد صحة توقيع لقطعة أرض المباني ووقع والدي وعمي الآخر علي العقد كشهود علي العقد وبعد فترة من إهمال أولاد عمي المتوفي لجدتهم وعدم اعطائها اي اموال حتي ولو علي سبيل مصروف الجيب ندمت وقالت لوالدي ولعمي الآخر انا سوف اشتكيكم انتم اللي خلتوني اختم لهم علي عقد البيع مع العلم انها لم تكن تعرف قيمة الارض لما قامت بالتوقيع والتي تبلغ 85 متر هي عارفة مساحتها فقط ، بعد ذلك توفت جدتي رحمها الله ولما ولاد عمي وزوجة عمي راحوا يسجلوا الارض في جهاز المدينة عشان يبتدوا يأجروا منها الجهاز رفض الاعتراف بصحة التوقيع اللي جدتي عملاه لهم وطلبوا الورثة اللي هو والدي وعمي عشان ييجوا يتنازلوا لهم عن الورث اللي ورثوه من امهم اللي هما ال 85 متر ولكن بعد سؤال اكثر من شيخ ولجنة افتاء في الازهر قالوا لنا ده حقكم وتقدروا متتنازلوش عنه لانه ورثكم الشرعي عن والدتكم رحمها الله من ابنها الله يرحمه فقولنا كده لزوجة عمي وابنائه وده اللي اغضبهم وقالوا لنا حرفيا خليكم براحتكم وهنرفع قضية والمحكمة هتحكم لنا ده طبعا بعد مشاكل وتراشق الفاظ واتهامنا اننا اكلنا مال اليتامي وكدا السؤال هنا هل والدي ملزم انه يتنازل من جديد لاولاد عمي ؟؟ لأن جهاز المدينة رافض يعطيهم حق التصرف في الارض إلا لو الورثة تنازلوا افيدوني أفادكم الله
الحمد لله
إذا تنازلت الجدة عن نصيبها من الميراث لأحفادها، وهي رشيدة تحسن التصرف في المال، صح تنازلها، واعتبر هبة منها لمن تنازلت لهم.
والهبة لا تلزم ، ولا يمتنع الرجوع فيها إلا بالقبض.
فإذا كان الأحفاد قبضوا منها نصيبها، أو كان نصيبها موجودا في أيديهم عند هبته لهم، فقد تمت الهبة ولزمت، وانتقل النصيب إلى الأحفاد، ولا يحل لها الرجوع في ذلك وهي حية، ولا يحل لأبيك وعمك المطالبة بهذا النصيب بعد موتها، وعليهما أن يتنازلا عنه في جهاز المدينة ليتمكن الأحفاد من الانتفاع به.
وأما إن كان نصيب الجدة أو شيء منه، لم يقبضه الموهوب لهم، ولم يكن تحت أيديهم وتصرفهم عند الهبة، فلها الرجوع، وإذا ماتت بطلت الهبة فيما لم يقبض ولم يكن تحت يد الموهوب له.
قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله : " ( وتلزم بالقبض بإذن واهب ) ؛ لما روى مالك عن عائشة رضي الله عنها : " أن أبا بكر رضي الله عنه : نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية ، فلما مرض قال : يا بنية كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزتيه أو قبضتيه ، كان لك ، فإنما هو اليوم مال وارث ، فاقتسموه على كتاب الله تعالى .
( إلا ما كان في يد مُتَّهِب [ وهو الموهوب له ] ) وديعةً ، أو غصبا ، ونحوهما ؛ لأن قبضه مستدام ، فأغنى عن الابتداء " .
انتهى من " شرح الروض على زاد المستقنع " (ص/ 298) .
وقال ابن قدامه رحمه الله : " وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض , بطلت الهبة , سواء كان قبل الإذن في القبض أو بعده . ذكره القاضي في موت الواهب ; لأنه عقد جائز، فبطل بموت أحد المتعاقدين , كالوكالة والشركة " انتهى من " المغني " (5/381).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولو أن الواهب مات بعد أن وهب الهبة، ولم يقبضها الموهوبُ له ، فهل تلزم الهبة ؟ لا تلزم ؛ لأن الموهوب له لم يقبضها ، والمال يرجع إلى الورثة ؛ لأنها هبة لم تلزم " انتهى من " الشرح الممتع " (11/ 72) .
وعلى هذا التفصيل ينبني حكم المسألة.
فالرصيد الذي كان في البنك والسيارة قد امتلكه الأحفاد ملكا تاما ، لأنهم قبضوا الرصيد من البنك – كما ذكرت في سؤالك – والغالب أن السيارة تكون معهم وتحت أيديهم ، وبهذا تلزم الهبة فيهما ، ولا حق لأبيك وعمك في نصيب الجدة حينئذ.
وأما الأرض، فإن كانت تحت أيدي الأحفاد ، أو وضعوا أيديهم عليها بعد الهبة وتمكنوا من التصرف فيها، فقد لزمت الهبة ، ولا حق فيها لأحد غيرهم .
والله أعلم