أبو أحمد المشرف العام للمنتديات
عدد المساهمات : 87 تاريخ التسجيل : 05/11/2016
| موضوع: قصّةُ سيِّدِنا سليمانَ عليهِ السلامُ معَ الهُدْهُدِ الأحد نوفمبر 20, 2016 7:08 pm | |
| قصّةُ سيِّدِنا سليمانَ عليهِ السلامُ معَ الهُدْهُدِ
إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهدِيهِ ونشكرُهُ، ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسِنا ومنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلّ لهُ ومنْ يُضْلِِلْ فلا هاديَ لَهُ.
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ ولا مثيلَ لهُ ولا جسمَ ولا أعضاءَ لهُ ولا شكلَ ولا هيئةَ لهُ، تنَزَّهَ اللهُ عنِ الشّكلِ والمثيلِ والشريكِ والمكانِ، فهوَ وحدَهُ الأوّلُ الذي لا ابتداءَ لوجودِهِ وما سواهُ مخلوقٌ ، تباركَ اللهُ ربُّ العالمينَ القادرُ على كلِّ شىءٍ المستغني عن كلِّ ما سواهُ المفتقِرُ إليهِ كلُّ ما عداهُ .
وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ وحبيبُهُ، بلَّغَ الرّسالةَ وأدَّى الأمانَةَ ونصحَ الأمَّةَ فجزاهُ اللهُ عنّا خيرَ ما جزَى نبيًّا من أنبيائِهِ. الصّلاةُ والسّلامُ عليكَ يا سيّدي يا رسولَ اللهِ، أنتَ طِبُّ القلوبِ ودواؤها، وعافيةُ الأبدانِ وشفاؤها، ونورُ الأبصار وضياؤها، اللهمَّ صلِّ على سيّدِنا محمّدٍ صلاةً تَقضي بها حاجاتِنا وتفرِّجُ بها كُرُباتِنا وتكفينا بها شرَّ أعدائِنا وسلِّمْ عليهِ وعلى ءالهِ وإخوانِه النّبيِّين والمرسلينَ سلامًا كثيرًا .
أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليِّ القديرِ القائلِ في محكم كتابِه ﴿وَلَقَدْ ءاتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ سورة النمل/15 . أكرمَ اللهُ عزَّ وجلَّ عبدَهُ ونبيَّهُ سليمانَ عليهِ السلامُ بنعَمٍ كثيرةٍ وخَصّهُ بمزايا رائعةً كانتْ عُنوانًا للعَظَمَةِ والمجدِ ومَظْهرًا من مظاهِرِ المُلْكِ العظيمِ والجاهِ الكبيرِ والدرجةِ العاليةِ عندَ اللهِ سبحانَهُ، فقدْ فضّلَهُ اللهُ تعالى بالنبُوّةِ وتسخيرِ الشياطينِ والجنِّ والطيرِ وقدْ علّمَهُ اللهُ تعالى مَنْطِقَ الطّيرِ ولُغتَهُ وسائرَ لغاتِ الحيواناتِ فكانَ يفهمُ عنْها ما لا يفهمُهُ سائرُ الناسِ وكانَ يتحدّثُ معها أحيانًا كما كانَ الأمرُ مع الهُدْهُدِ والنّملِ.
وكانتْ وظيفةُ الهُدْهُدِ في جيشِ سيّدِنا سليمانَ أنّهم كانوا إذا أعوزوا الماءَ واحتاجوا إليهِ في حالِ الأسفارِ أنْ يجيءَ الهُدْهُدُ فينظرَ لهم هلْ بهذهِ البقاعِ مَنْ ماءٍ ؟ لأنّ الهُدْهُدَ كانَ ينظرُ إلى الماءِ تحتَ تُخومِ الأرضِ ، كانَ يرَى الماءَ في الأرضِ كما يرى الماءَ في الزّجاجَةِ بمشيئةِ اللهِ تعالى. فلقدْ ذَكَرَ المفسّرونَ أنّ سليمانَ لما حَجّ خرَجَ إلى اليمنِ فوافى صنعاءَ وقتَ الزّوالِ فنَزَلَ ليصلّي فلمْ يجدِ الماءَ فتفقّدَهُ لذلكَ .
وذُكِرَ أيضًا أنّه وقعتْ نفحةٌ منَ الشمسِ على رأسِ سيِّدِنا سليمانَ فنظرَ فإذا موضعُ الهُدْهُدِ خالٍ ، لأنّ الطّيرَ كانتْ تُظِلّ سليمانَ عليهِ السلامُ منْ أشعّةِ الشّمسِ . فلمّا فقدَ الهُدْهُدَ دعا عريفَ الطّيرِ وهو النَّسْرُ فسألَهُ عنهُ فلمْ يجدْ عندَهُ عِلْمَهُ ، ثمّ قالَ لسيّدِ الطّيرِ وهوَ العُقابُ: "عليَّ بهِ" فارتفعَ العُقابُ فنظرَ فرأى الهُدْهُدَ مُقبِلاً منْ بعيدٍ فقصدَهُ فقالَ لهُ الهُدْهُدُ: "ناشدتُكَ اللهَ أنْ تتْرُكَني" فتركَهُ ووصلَ الهُدْهُدُ إلى سيِّدِنا سليمانَ فلمّا قَرُبَ منهُ أرْخَى ذنبَهُ وجناحيْهِ يجرُّهُما على الأرضِ وقال: "يا نبيَّ اللهِ اذكُرْ وقوفَكَ بينَ يديِ اللهِ" .(أيْ في موقفِ يومِ القيامةِ، وليس معنى ذلك أنّ الله موضوفٌ باليدِ الجارحةِ لأنه منَزّهٌ عن ذلك وموجودٌ بلا مكانٍ) فارتعَدَ سليمانُ وعفا عنهُ. يقولُ ربُّ العِزّةِ في مُحكَمِ التّنْزيلِ: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ سورة النمل/20-21 . قالَ أوْ لأذبحنَّهُ أوْ ليأتيَني بسلطانٍ مبينٍ أي بحُجّةٍ لهُ فيها عُذرٌ ظاهرٌ على غيبتِه.
فلمّا سألَهُ عنْ غَيْبَتِهِ أخبرَهُ بأنّهُ اطّلَعَ على ما لَمْ يطّلِعْ عليهِ وأخبرَهُ بخبرٍ يقينٍ صادقٍ وهوُ أنّهُ كانَ في اليمنِ في بلدَةِ سبَإٍ وأنّ هناكَ مَلِكَةً على هذهِ البلادِ تُدعى بلقيسَ قدْ ملَكَتْ على تلكَ الأمّةِ في اليمنِ وأوتيَتْ منْ كلِّ شىءٍ يُعطاهُ المُلوكُ ويؤتاهُ النّاسُ ولها عرشٌ عظيمٌ مزخرفٌ بأنواعِ الزِّينةِ والجواهرِ مِمّا يُبهِرُ العيونَ. يقولُ اللهُ تعالى: ﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَىْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ * أَلاَّ يَسْجُدُوا للهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ سورةُ النملِ/22-23-24-25-26.
أَلاَّ يَسْجُدُوا للهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وخَبْءُ السّماءِ المطرُ، وخَبْءُ الأرضِ النباتُ.
وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ، فلمّا فَرَغَ الهُدْهُدُ منْ كلامِهِ قالَ سليمانُ عليهِ السلامُ: "سننظُرُ أصدَقْتَ (أي فيما أخبَرْتَ عن خبر بلقيس) أمْ كنتَ منَ الكاذبينَ ؟"
ثمّ كتبَ سليمانُ كتابًا: "منْ عبدِ اللهِ سليمانَ بنَ داودَ إلى بلقيسَ ملكةِ سبَإٍ بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ السلامُ على مَنِ اتّبعِ الهُدى أمّا بعدُ فلا تعلُو عَلَيّ وأتوني مسلمينَ" وطَبَعَهُ بالمِسكِ وختمَهُ بخاتَمِهِ وقالَ للهُدْهُدِ: "اذهبْ بكتابي هذا فألْقِهِ إليهِمْ " أيْ إلى بَلقيسَ وقومِها، فأخَذَ الهُدْهُدُ الكتابَ بمِنقارِهِ ودخلَ عليها مِنْ كُوّةٍ فطَرَحَ الكتابَ على نَمْرِها وهي راقدةٌ وتوارى في الكَوَّةِ فانتبَهَتْ فَزِعَةً ، يقولُ اللهُ تعالى في القرءانِ العظيمِ إخبارًا عنْ بلقيسَ : ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ النمل/29-30-31 .
هذا وأستغفر الله لي ولكم
| |
|