سكرات الموت.
الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته، ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون، هذه الخطبة تقترب من الخطبتين السابقتين، إلا أنني أصفها بأنها تفكير مسموع، أنا أخاطب نفسي، أحدث نفسي، هناك نصوص أيها الإخوة في الكتاب والسنة، نصوص الكتاب من عند خالق السماوات والأرض، ونصوص السنة من عند سيد الخلق وحبيب الحق، الذي لا ينطق عن الهوى، ماذا نفعل بها ؟
أيها الإخوة الكرام، ألِف بعض الدعاة أن ينزلوا إلى مستوى واقع المسلمين، فتارة يقولون: افعل ولا حرج !! وهذه بلوى عامة، والله غفور رحيم، ولا تدقق، ورحمة الله واسعة، ونحن أمة محمد أمة مرحومة، من شدة ما هبط الدعاة إلى مستوى المدعوين حتى أصبح الدين كالغاز، لا شكل له ولا حجم له، يصلح لأي موقف، ومع أي مخالفة، ومع أي سقوط، ومع أي انحطاط، لكن الدعاة حقيقة ينبغي أن يرفعوا الناس إلى مستوى الشرع، لا أن يهبطوا هم إلى مستوى الناس.
أيها الإخوة الكرام، لئلا يقول أحدكم هناك تزمت، هناك تشدد، هناك سوداوية، هناك الوجه القاتم للدين، لئلا تقولوا هذا الكلام أنا أخاطب نفسي، ولكن بصوت مسموع.
أيها الإخوة الكرام: يقول الله عز وجل:
﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60)﴾
(سورة النجم)
والله لو عرفنا قيمة هذه النصوص التي سأتلوها على مسامعكم، لارتعدت مفاصلنا خوفاً من الله عز وجل، ولا ذقنا طعاماً طيباً، ولا دخلنا إلى بيت نؤوي إليه، قضية مصيرية أيها الإخوة، قضية جنة إلى الأبد، أو نار إلى الأبد، ما هذه الحياة الدنيا ؟ مهما طالت، ومهما ارتقى الإنسان فيها، ومهما جمَّع من أموال، ومهما ارتقى من مناصب، ومهما تمكن من غيره، إنها كلمح البصر، إنها صفر، ولو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر فيها شربة ماء.
أيها الإخوة الكرام: أبدأ كلامي بهذه الحقيقة، في هذه اللحظة الساعة الواحدة وخمس دقائق، من هذه اللحظة وإلى الموت، وما منا واحد إلا سيموت، هناك قدر من العمر، ما منا واحد إلا وسيموت، هناك قدر من العمر، هناك قدر من العمر قد يكون لحظة، وفي بعض الخطب كان أحد الإخوة المصلين في القاعة ووافته المنية وهو يسمع الخطبة، من هذه اللحظة إلى ساعة الموت هنا قدر من العمر، قد يكون لحظة، وقد يستمر سنوات، وقد قال عليه الصلاة والسلام مما ورد في الأثر: أعمار أمة محمد عامتهم بين الستين والسبعين.
ولا يجاوز هذا العمر إلا القليل النادر، وقد مضى الذي مضى، يا ترى والسؤال محرج، ومزعج، هل بقي بقدر ما مضى ؟ كيف مضى الذي مضى ؟ مضى كلمح البصر !! وهذا الذي بقي يمضي أيضاً كلمح البصر، ثم الإنسان أمام أعماله كلها، أمام أعمال سيحاسب عنها، عملاً عملاً، حركةً حركةً، سكنةً سكنةً، إعطاءً إعطاءً، منعاً منعاً، صلة صلة، قطيعة قطيعة،
﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
(سورة الحجر)
الكلمة التي أقولها آلاف المرات، عوِّد نفسك أن تواجه الحقيقة المرة، لا أن تركن إلى الوهم المريح.
أيها الإخوة الكرام، هذه الحقيقة الأولى، أنه لا بد من أن نغادر الدنيا، وأنه قد حكم علينا بالموت مع إيقاف التنفيذ، ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا))
(صحيح البخاري)
هذا الحديث الشريف أيها الإخوة ينخلع له القلب، ففي هذه اللحظة قد تجد إنسان يعمل بعمل أهل الجنة وليس من أهل الجنة
أيها الإخوة الكرام، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبت علينا إيماننا حتى نلقاه، وأن يجعل خير أيامنا آخرها، وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها.
أيها الإخوة الكرام، سيظل المؤمن خائفاً من تقلب قلبه، وما سمي القلب قلباً إلا لتقلبه، ولقد كان عليه الصلاة والسلام كالجبل الراسخ في الإيمان، وهو خير عباد الله على الإطلاق ومع ذلك فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ...))
(سنن ابن ماجه)
لا تقولوا: هذا تشاؤم، وهذا تزمت، وهذا تشدد، والدعاة يقولون غير هذا، القضية سهلة، افعل ولا حرج، الدين يسر، ما جعل عليكم في الدين من حرج
﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)﴾
(سورة الحجر)
هذا كله صحيح ولكن بعد التوبة:
((اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ))
عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
((كَثِيرًا مِمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِفُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ))
(صحيح البخاري)
هذا موضوع أيها الإخوة خطير جداً، ينبغي أن نذهب إلى البيوت، وأن تبدأ بعد سماع هذه الخطبة متاعبنا، ينبغي أن نحاسب أنفسنا بشكل دقيق، ينبغي أن نتحرى دخلنا، وأن نتحرى إنفاقنا، وأن نتحرى وضع أهلنا، وأن نتحرى خروج بناتنا في الطريق، وأن نتحرى حجاب زوجاتنا، وأن نتحرى نوع كلامنا.
أيها الإخوة الكرام، ولا ينطبق هذا الحديث عل وقت من أوقات حياة المسلمين كما ينطبق اليوم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا))
(صحيح مسلم)
مصائد الشيطان في هذه الأيام لا تعد ولا تحصى، شمة واحدة تصرف الشاب إلى المخدرات، وفيلم واحد يأخذ الرجل إلى الزنى،
((فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا))
لذلك الدعاء القرآني:
﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (
﴾
(سورة آل عمران)
أيها الإخوة، سؤال دقيق هل يعاني المؤمن من سكرات الموت ؟ الموت لحظة رهيبة، والكل يخافه ويكرهه، المؤمن والكافر، ولابد لكل أحد منهم، ولا فرار عنه، ونزع الروح نزع، وآلام النزع آلام، وكل إنسان يذوقه مؤمناً أو كافراً لقوله تعالى:
﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57)﴾
(سورة العنكبوت)وقال تعالى:
﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)﴾
(سورة الزمر)
لكن الحقيقة المؤمن لا يناله من ألم الموت إلا القليل، بل هو آخر عذاب يعاني منه في حياته كلها، أما الكافر فهو أول عذاب له وما بعد الموت فهو أصعب بكثير، يروي البخاري في صحيحه عن عَائِشَةَ تَقُولُ:
((إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ فَقُلْتُ آخُذُهُ لَكَ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ فَتَنَاوَلْتُهُ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ وَقُلْتُ أُلَيِّنُهُ لَكَ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ فَلَيَّنْتُهُ فَأَمَرَّهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أَوْ عُلْبَةٌ يَشُكُّ عُمَرُ فِيهَا مَاءٌ فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ))
(صحيح البخاري)
أذكى إنسان، أعقل إنسان الذي يعد لهذه الساعة التي لابد منها، إن للموت لسكرات.
موضوع آخر في ساعة الموت، لحظة الموت لكل عبد من عباد الله هي مرحلة إخبار بالنتيجة النهائية، فالمؤمن يبشر بالجنة، والكافر يبشر بالنار، قال تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)﴾
(سورة فصلت)
وأما الكافر فإنه يتلقى الصفعات عند الموت، قال تعالى:
﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27)﴾
(سورة محمد)
أيها الإخوة الكرام، هناك خطب كثيرة وشهيرة وذائعة في العالم الإسلامي تتحدث عن الموت، ولكن فيها نصوص ضعيفة جداً، أنا حاسبوني في هذه الخطبة عن أية فكرة لا تغطيها آية أو حديث صحيح، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام هذه اللحظات الأخيرة في حياة المؤمن والكافر، وقال عليه الصلاة والسلام وهذا حديث دقيق جداً، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ:
((خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ قَالَ فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ يَعْنِي بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ فَيَقُولُونَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ دِينِيَ الْإِسْلَامُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولَانِ لَهُ وَمَا عِلْمُكَ فَيَقُولُ قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ قَالَ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ لَهُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي قَالَ وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمُ الْمُسُوحُ (ثياب خشنة جداً ) فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ(سيخ اللحم) مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُونَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ ( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ) فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ (كان غارقاً في الأفلام، كان غارقاً في المعاصي، كان غارقاً في الموبقات، كان غارقاً في الملاهي،كان غارقاً في أكل الربا، من ربك ؟ ربه المال، ربه المرأة ))
(( لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوؤُكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ فَيَقُولُ رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ))
(مسند الإمام أحمد)
أيها الإخوة، دققوا في أعمالكم، دققوا في كسب أموالكم، دققوا في إنفاق أموالكم، دققوا في بيوتكم، لن تحاسب عن مجموع المسلمين، انفد أنت بريشك، حاسب نفسك، حاسب نفسك عن بيتك، عن أولادك، وعن بناتك، عن ما في البيت من أجهزة، حاسب نفسك عن عملك، عن طريقة دخلك، عن طريقة كسب مالك.
أيها الإخوة الكرام، من عصاة المؤمنين من بعذب في قبره على صغير من الإثم وكبير، فمنهم من يعذب بالنميمة وهو بالقبر، ومنهم من يعذب بأنه لم يكن يستتر من بوله، أي كان يظهر عورته أمام الناس، ومنهم من يعذب في دين كان عليه لم يؤده، كم من مشكلة قرض لا يؤدى ؟ افعل ما بدا لك هذا الحاضر، إليك والمحاكم، معظم مشكلات الناس في الديون الآن، منهم من يعذب في دين كان عليه لم يؤده، وفي مسند الإمام أحمد عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
((تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَغَسَّلْنَاهُ وَحَنَّطْنَاهُ وَكَفَّنَّاهُ ثُمَّ أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَيْهِ فَقُلْنَا تُصَلِّي عَلَيْهِ فَخَطَا خُطًى ثُمَّ قَالَ: أَعَلَيْهِ دَيْنٌ قُلْنَا دِينَارَانِ فَانْصَرَفَ فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ فَأَتَيْنَاهُ فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ الدِّينَارَانِ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُحِقَّ الْغَرِيمُ وَبَرِئَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ: مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا مَاتَ أَمْسِ. قَالَ: فَعَادَ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ لَقَدْ قَضَيْتُهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ...))
(مسند الإمام أحمد )
أي لم يبترد جلده بالكفالة، لم يبترد إلا بالأداء، لعظم الدين، لو أن الإنسان مات شهيداً في ساحة المعركة، وكان عليه دين لا يغفر له، أين المسلمون وهذه النصوص ؟
أيها الإخوة، منهم من مات شهيداً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد غل بردة لا تساوي أربعة دراهم، وقد دخل العذاب بعد الموت مباشرة، روى هذا الحديث مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا غَنِمْنَا الْمَتَاعَ وَالطَّعَامَ وَالثِّيَابَ ثُمَّ انْطَلَقْنَا إِلَى الْوَادِي وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ لَهُ وَهَبَهُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُذَامَ يُدْعَى رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ فَلَمَّا نَزَلْنَا الْوَادِي قَامَ عَبْدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُلُّ رَحْلَهُ فَرُمِيَ بِسَهْمٍ فَكَانَ فِيهِ حَتْفُهُ فَقُلْنَا هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نَارًا أَخَذَهَا مِنَ الْغَنَائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ قَالَ فَفَزِعَ النَّاسُ فَجَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ))
(صحيح مسلم)
أيها الإخوة، كم من أسرة مسلمة يأخذ الأخ الأكبر أجمل ما في البيت ؟ يقول: هذه من رائحة والدي، كل شيء يؤخذ قبل القسمة هو غلول، ومن غل شراكين هما في النار، شيء لا قيمة له إطلاقاً، أحياناً تكون في الحج يرتدي الإنسان خفاً ثمنه خمس ريالات، تجد أكوام على باب الحرم، على مثل هذا يحاسب الإنسان.
أيها الإخوة، القبر بغير عذابٍ عذابٌ، القبر وإن كان بغير عذاب فهو عذاب بحد ذاته، هو منزل رهيب، فيه الوحدة، فيه الوحشة، والظلمة والضيق، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
((أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَوْ شَابًّا فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عَنْهَا أَوْ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ قَالَ أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي قَالَ فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا أَوْ أَمْرَهُ فَقَالَ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ فَدَلُّوهُ فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلاتِي عَلَيْهِمْ ))
(صحيح مسلم)
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وليس من مؤمن إلا ويستقبل من القبر بضمة أو بضغطة
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ))
(ورد في صحيح النسائي وقد صحح من قبل بعض علماء الحديث )
هذا حال سعد بن معاذ، سيد الأوس السابق بالإيمان، الذي لا تحصى مناقبه، والذي اهتز لموته عرش الرحمن، فما بالك بنا نحن ؟ بهؤلاء المسلمين المقصرين، الذين يأكلون المال الحرام، يأكلون الربا، يختلطون مع النساء الأجانب، يطلقون ألسنتهم بالغيبة والنميمة.
أيها الإخوة الكرام: وما بعد القبر أعظم منه، إنه البعث والنشور، إنه اليوم الثقيل الطويل، إنه يوم العبوس القمطرير، إنه يوم واحد، ولكنه خمسون ألف سنة من الدنيا طولاً، يوم لا تغرب شمسه إلا بعد مضي خمسين ألف سنة، يوم يقوم الناس فيه لرب العالمين في رشحهم وعرقهم إلى أنصاف آذانهم، منهم من يأخذه عرقه إلى كعبيه، منهم من يأخذه عرقه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه عرقه إلى ثدييه، ومنهم من يلجمه عرقه، ومنهم من يغط في عرقه غطيطاً
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)﴾
(سورة الحج )
أيها الإخوة الكرام: أمر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم بقيام الليل استعداداً وحذراً لهذا اليوم، فقال تعالى:
﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (26) إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (27)﴾
(سورة الإنسان)
العبرة أن يشتري بيتاً فخماً، وأن يركب مركبة فارهة، وأن يمتع نظره بمحاسن النساء، وأن يعلو على الناس في الأرض
﴿وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (27)﴾
ويقول الله عز وجل:
﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً (17) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً (18)﴾
(سورة المزمل)
﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)﴾
(سورة المعارج)
﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)﴾
(سورة الزمر)
أيها الإخوة، لئلا تقولوا الخطيب يتشدد، خطبة متزمتة، مخيفة، هذه الحقيقة، هذه كلها آيات قرآنية وأحاديث صحيحة، لكننا ألفنا التساهل، وتمييع الأمور، وتخفيف العقبات، الدين يسر، وافعل ولا حرج، وربك غفور رحيم، ونحن خير أمة أخرجت للناس، وهذه بلوى عامة يا أخي ماذا نفعل، وفيها فتوى أيضاً والفضائيات تقدم من الفتاوى مالا يعد ولا يحصى، لكن الله عز وجل سيحاسبنا، ولا يقبل منا عذراً إن كنا سمعنا أو قيل لنا: لمَ لمْ تحقق ؟ لماذا في أمور الدنيا تحقق ؟ لماذا في أمور الدنيا لا تصدق إلا بعد التحقيق ؟ لماذا في أمور الآخرة تصدق بدون تحقيق ؟
أيها الإخوة الكرام، في هذا اليوم العصيب يرى كل حميم حميمًه، الحميم أي أشد علاقة في الدنيا التصاقاً، زوج وزوجته، أخ وأخوه، شريك وشريكه، هناك علاقات حميمة جداً في الدنيا، فقال تعالى:
﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (10)﴾
(سورة المعارج)
عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَائِشَةَ
((أَنَّهَا ذَكَرَتِ النَّارَ فَبَكَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَدًا عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ وَعِنْدَ الْكِتَابِ حِينَ يُقَالُ ( هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ أَفِي يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَالِهِ أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ قَالَ يَعْقُوبُ عَنْ يُونُسَ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِهِ))
(سنن أبو داود)
وفي ما سوى ذلك قد تقع عين الأم على ابنها تقول: يا بني ! جعلت لك صدري سقاءً، وحجري غطاءً، وبطني وعاءً، فهل من حسنة يعود علي خيرها اليوم ؟ يقول هذا الابن لأمه: (وهل من علاقة أشد من علاقة الابن بأمه ؟) ليتني أستطيع ذلك يا أماه إنما أشكو مما أنت منه تشكين.
أيها الإخوة
﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً (104)﴾
(سورة طه)
مانع الزكاة يعذب خمسين ألف سنة، في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهُ إِلَّا جُعِلَ صَفَائِحَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جَبْهَتُهُ وَجَنْبُهُ وَظَهْرُهُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ثُمَّ يُرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ...))
(مسند الإمام أحمد )
أيها الإخوة، المؤمنون في ظل الله يوم القيامة، من أهل الإيمان من يكونون في ظل الله قد خصهم الله بهذا الإكرام، لاختصاصهم بالأعمال العظيمة، قال تعالى:
﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً (5) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (
إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10)﴾
(سورة الإنسان)
يجب أن نخاف، يجب أن ترتعد مفاصلنا لهذا اليوم، الخوف علامة الإدراك، وعدم الخوف علامة الإغلاق، إن كنت مدركاً ينبغي أن تخاف، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ))
(صحيح البخاري)
أيها الإخوة الكرام، مرة ثانية هذا تفكير مسموع، أنا أفكر، وأنا أخاطب نفسي وحدي والله، لكن معي نصوص محرجة من كتاب الله ومن سنة رسول الله الصحيحة، وهذا كلام الله، وهذا كلام سيد الخلق وحبيب الحق، الذي لا ينطق عن الهوى، فلابد من أن نأخذ حذرنا، لابد من أن نراجع حساباتنا، لابد من أن نجلس جلسات نتأمل فيها مصيرنا، لابد من أن ندقق في أعمالنا، في تجارتنا، في كسبنا، في بيعنا، في شراءنا، في بيوتنا، في زوجاتنا، في بناتنا، لابد من أن نسأل أنفسنا ماذا أعددنا لهذا اليوم ؟ ماذا نجيب الله عز وجل ؟
﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
(سورة الحجر)
عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
((لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا))
(سنن ابن ماجه)
أيها الإخوة المؤمنون، هذا مزعج، وهذا كلام مؤلم، وهذا كلام قاسٍ، ولكنه الحقيقة، الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، أمثال هؤلاء المسلمين غارقون في الحرام، غارقون في الكذب، والغيبة والنميمة، غارقون في العلاقات الشائبة مع النساء، حياتهم اختلاط، ولائمهم اختلاط، أعراسهم اختلاط، لا يدققون، يحبون الدعاة الذين يسهلون عليهم، يشيدون بهم كثيراً، يا أخي هذا عالم، مرن، حضاري، عالم متفهم لمعطيات العصر، هذا الكلام لا ينفعهم، لو أثنوا على هؤلاء الذين يخففون عنهم، هذا لا ينجيهم يوم القيامة، كن مع الحقيقة المرة.
أيها الإخوة الكرام، سامحوني إذا قسوت عليكم، والله أنا أقسو على نفسي، وأنا أخاطب نفسي، وأنا أخاف كما تخافون أنتم، وهذا الخطاب تفكير مسموع لا يلزم به أحد، ولكن ما أتيت بكلمة واحدة من دون دليل من القرآن والسنة، وهذا كلام خالق الأكوان، لماذا تخلى الله عنا جميعاً ؟ لما نحن فيه، لماذا شرذمة قليلة تتحدانا كل يوم ؟ لما نحن فيه، لماذا قل ماء السماء ؟ لأنه قل ماء الحياء، لماذا غلا لحم الضأن ؟ لأنه رخص لحم النساء.
أيها الإخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وغداً يتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا.
عَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا ثُمَّ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ))
(سنن ابن ماجه)
الخطبة الثانية:
وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة: الآلام التي تصاحب الأمراض ما علاقتها بالمرض ؟
أقول لكم كلمة ربما لا تصدق، إنها جزء من الشفاء، إنها تذكر، إنها تحذِّر، إنها إنذار مبكر، الأمراض التي قد تصاحبها أمراض قد لا تحتمل هذه الآلام جزء من الشفاء، لكن ما هي الأمراض الخطيرة التي لا يصاحبها ألم ؟ تتفاقم وتستحكم، ثم لابد من مفارقة الدنيا، أيها الإخوة هذا مثل، وحينما يأتي كافر كهؤلاء الأعداء قاتلهم الله، ويبادرون في جرح كرامة المسلمين، ويبادرون في تقتيل أبنائهم، هذا جزء من النصر، لأنه يوحدنا، لأنه يوقظنا، لأنه يدعونا لأن نتجه إلى الله، لأنه يدعونا لأن نصطلح مع الله، لأنه يدعونا لأن نحب بعضنا بعضاً، لأنه يدعونا أن نتعاون، أن نتكاتف، ومما ورد في الأثر أن السيدة فاطمة رضي الله عنها أصابتها حمى فقال عليه الصلاة والسلام: ما بالك يا بنيتي ؟ فقالت: حمى لعنها الله، قال: لا تلعنيها فالذي نفس محمد بيده لا تترك المؤمن وعليه من ذنب.
فحينما تأتينا المصائب، وحينما يشتد خطر الأعداء علينا، وحينما يبادر العدو في قهر المسلمين، وفي إذلالهم، وفي تقتيل أولادهم، هذا إنذار مبكر، هذه دليل مقدمة للصحوة، هذه مقدمة لنعرف لماذا نحن هكذا، ينبغي أن تسأل لماذا ؟ لماذا تخلى الله عنا ؟ لماذا لم نستطع أن نحقق ما نريد ؟ لماذا وعود الله لا تطبق علينا ؟ هذا كله لعله طريق إلى النصر، لعله طريق إلى الفوز، لعله طريق إلى الصلح مع الله، لعله طريق إلى العودة إلى الله عز وجل، لا يقع في الكون شيء إلا أراده الله، بل إن إرادة اللـه تستوعب خطط المجرمين، تستوعبها وتوظفها لصالح المسلمين.
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك، اللهم يا واصل المنقطعين صلنا برحمتك إليك، اللـهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا يا رب العالمين، اللهم صن وجوهنا باليسار ولا تبذلها بالإقتار، فنسأل شر خلقك ونبتلى بحمد من أعطى وذم ومن منع، وأنت من فوقهم ولي العطاء، وبيدك وحـدك خزائن الأرض والسـماء، اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين، اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب يا رب العالمين اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، اللهم نعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن الخوف إلا منك، ومن الذل إلا لك، نعوذ بك من عضال الداء، ومن شماتة الأعداء، ومن السلب بعد العطاء مولانا رب العالمين، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم اجعل تدمير أعدائنا في تدبيرهم، واجعل الدائرة تدور عليهم يا رب العالمين، اللهم انصر عبادك المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم وفقنا لما تحن وترضى، اهدنا واهد بنا، وارزقنا طيباً، واستعملنا صالحين، وخـذ بيد ولاة المسلمين إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.
والحمد لله رب العالمين