ثروت Admin
عدد المساهمات : 1166 تاريخ التسجيل : 18/06/2014 الموقع : خى على الفلاح
| موضوع: وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ الأحد أغسطس 31, 2014 7:53 pm | |
| الجمع بين قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ ) ، وقوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ).
السؤال : كيف يمكن التوفيق بين ما جاء في الآية 44 من سورة سبأ ، وغيرها من الآيات التي تدل على أنّ الرسول محمد صلى الله عليه و سلم قد أرسله الله لأمة لم يأت عليها رسول أو نذير من قبل ، وبين الآيات التي تذكر أنّ الله أرسل نذيراً لكل أمة , 10:47, 16:35, 35:24, 40:5, 22:34,67 ؟
الجواب : الحمد لله أولا : من رحمة الله تعالى بخلقه أن أرسل لهم الرسل ، وأنزل إليهم الكتب ، ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، وليقيم عليهم الحجة ، فليست أمة من الأمم إلا وقد أرسل الله إليهم رسولا ، وبعث فيهم نذيرا ، يدعوهم إلى عبادة ربهم ، وينذرهم عذاب يوم عظيم ، قال تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر /24 ، وقال تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل/ 36 .
ثانيا : وجه الجمع بين ذلك وبين قوله تعالى : ( وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) القصص/ 46 . وقوله تعالى : ( بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) السجدة/ 3 . وقوله عز وجل : (وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) سبأ/ 44 . وجه الجمع بين هذه الآيات : أن قوله : ( مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ ) ، وقوله : ( وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ ) يقصد به العرب خاصة ، أو قريشا خاصة ؛ فإن الله تعالى لم يرسل فيهم رسولا قبل محمد صلى الله عليه وسلم . وأما قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر /24 ، ونحوه : فالمراد : كل الأمم ؛ فكل الأمم قد سبقت فيها النذر ، وجاءتها الرسل ، إلا هذه الأمة الأمية ، قريش ، أو العرب عامة ، لم يأتهم نذير قبل مجيء النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم ، كانوا كغيرهم من الأمم التي خلت فيها النذر . قال قتادة : " يعني قريشا ، كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير من قبل محمد صلى الله عليه وسلم " انتهى من " الجامع لأحكام القرآن " (14 /84) . وقال ابن كثير رحمه الله : " قَوْلُهُ تَعَالَى: ( لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ) يَعْنِي بِهِمُ : الْعَرَبَ ؛ فَإِنَّهُ مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِهِ " انتهى من " تفسير ابن كثير" (6/ 563) . وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما معنى قوله تعالى: ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ ) وقوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) وأيضاً الآية: ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ ) ؟ فأجاب: " هذه الآيات لا تتعارض ؛ فإن الله تعالى بعث في كل أمة رسولاً ؛ كما قال تعالى ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) ... فلابد لكل أمة من رسول ، ولكل أمة من نذير ينذرها عذاب الله عز وجل ويبشرها برحمته لمن أطاع . وأما قوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ ) فالمراد : أن الله تعالى لم يرسل إلى العرب نذيراً قبل محمد صلى الله عليه وسلم ، ولهذا ليس من العرب رسول إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو دعوة إبراهيم وإسماعيل ، حيث قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام : ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) . فلم يبعث الله عز وجل نذيراً إلى العرب إلا محمداً صلى الله عليه وسلم ، بعثه الله تعالى نذيراً ، ولكافة الناس ، كما قال الله تعالى ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) " انتهى مختصرا من " فتاوى نور على الدرب للعثيمين " (5/ 2) بترقيم الشاملة .
وينظر : " زاد المسير" (6 /333) ، " فتح القدير" (4 /252) ، " تفسير السعدي " (ص 617) .
واختار ابن جزي رحمه الله : أن المراد بنفي النذارة عنه : هم الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، من العرب ، فلا ينفي ذلك أن يكون من سبق منهم : قد جاءتهم النذر . قال ابن جزي رحمه الله : " ( وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ ) معناه : أن الله قد بعث إلى كل أمة نبياً يقيم عليهم الحجة . فإن قيل : كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله ( لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ ) ؟ فالجواب : أنهم لم يأتهم نذير معاصر لهم ، فلا يعارض ذلك من تقدم قبل عصرهم . وأيضاً : فإن المراد بقوله : ( وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ ) : أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ليست ببدع فلا ينبغي أن تنكر ، لأن الله أرسله كما أرسل من قبله ، والمراد بقوله : ( لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ ) أنهم محتاجون إلى الإنذار ، لكونهم لم يتقدم من ينذرهم ، فاختلف سياق الكلام ، فلا تعارض بينهما " . انتهى من " التسهيل " ( ص 1635) .
والله تعالى أعلم .
| |
|