خُلق الإيثار
الإيثار هو أن تؤثر منافع غيرك على منافعك، أن تحب لأخيك كما تحب لنفسك
بل وأكثر مما تحب لنفسك، أن تعطي لأخيك مثل أو أكثر مما تعطي لنفسك،
و أن تفضل منافع الغير على منافع نفسك رغبة في رضاء الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 13
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا، ولو شئنا لشبعنا، ولكننا كنا نؤثر على أنفسنا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(أفضل الصدقة جهد المقل وابدأ بمن تعول)
الراوي: أبو هريرة المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 1259
خلاصة حكم المحدث: صحيح
و أثنى الله على أهل الإيثار وجعلهم من المفلحين
قال الله تعالى:
{ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ 9 ـ الحشر ].
...............
جاء رجل جائع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، وطلب منه طعامًا
فأرسل صلى الله عليه وسلم ليبحث عن طعام في بيته، فلم يجد إلا الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من يُضيِّف هذا الليلة رحمه الله)، فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله.
وأخذ الضيفَ إلى بيته، ثم قال لامرأته: هل عندك شيء؟ فقالت: لا، إلا قوت صبياني
فلم يكن عندها إلا طعام قليل يكفي أولادها الصغار، فأمرها أن تشغل أولادها عن الطعام وتنومهم
وعندما يدخل الضيف تطفئ السراج وتقدم كل ما عندها من طعام للضيف، ووضع الأنصاري الطعام للضيف، وجلس معه في الظلام حتى يشعره أنه يأكل معه، وأكل الضيف حتى شبع
وبات الرجل وزوجته وأولادهما جائعين. وفي الصباح، ذهب الرجلُ وضيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال للرجل: (قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة)
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2054
خلاصة حكم المحدث: صحيح
عن عثمان بن عطاء عن أبيه:
قالت امرأة أبي مسلم الخولاني: يا أبا مسلم! ليس لنا دقيق
قال: عندكم شيء؟ قالت: درهم بعنا به غزلاً.
قال: أبغينيه وهاتي الجراب، فدخل السوق فوقف على رجلٍ يبيع الطعام
فوقف عليه سائل فقال: يا أبا مسلم تصدق عليَّ فهرب منه، فأتى حانوتاً آخر
فتبعه السائل فقال: تصدق علي، فلما أضجره أعطاه الدرهم، ثم عمد إلى الجراب
فملأه نجارة النجارين مع التراب، ثم أقبل إلى باب منزله، فنقر الباب وقلبه مرعوب
من أهله، فلما فتحت الباب، رمى بالجراب وذهب، فلما فتحته إذا هو بدقيق حواريّ
فعجنت وخبزت، فلها ذهب من الليل الهوي، جاء أبو مسلم، فنقر الباب
فلما دخل وضعت بين يديه خواناً وأرغفة
فقال: من أين لكم هذا؟
قالت له: يا أبا مسلم! من الدقيق الذي جئت به، فجعل يأكل ويبكي.
ولقد قسّم بعض العلماء خلق الإيثار إلى مراتب فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
الأولى: أن تُؤْثِرَ الخلقَ على نفسك فيما يرضي الله ورسوله
وهذه هي درجات المؤمنين من الخلق، والمحبين من خلصاء الله.
الثانية: إيثارُ رضاء الله على رضاء غيره وإن عظُمت فيه المحن، ولو أغضب الخلْق
وهي درجة الأنبياء، وأعلاها لِلرسل عليهم صلوات الله وسلامه
ومن أهم الأسباب التي تعين على الإيثار:
1- الرغبة في مكارم الأخلاق، والتنزه عن سيئها، إذ بحسب رغبة الإنسان
في مكارم الأخلاق يكون إيثاره؛ لأن الإيثار أفضل مكارم الأخلاق.
2- بُغض الشُّحِّ، فمن أبغض الشُّحَّ علم ألا خلاص له منه إلا بالجود والإيثار.
3- تعظيم الحقوق، فمتى عظمت الحقوق عند امرئٍ قام بحقها ورعاها حق رعايتها
وأيقن أنه إن لم يبلغ رتبة الإيثار لم يؤد الحقوق كما ينبغي فيحتاط لذلك بالإيثار
4- الاستخفاف بالدنيا، والرغبة في الآخرة، فمن عظمت في عينه الآخرة هان عليه أمر الدنيا
وعلم أن ما يعطيه في الدنيا يُعطاه يوم القيامة أحوج ما يكون إليه.
5- توطين النفس على تحمل الشدائد والصعاب، فإن ذلك مما يعين على الإيثار
إذ قد يترتب على الإيثار قلة ذات اليد وضيق الحال أحيانًا
فما لم يكن العبد موطنًا نفسه على التحمل لم يطق أن يعطي مع حاجته
لكن ... هناك نقطة دقيقة جداً، خطيرة جداً، ملخصها : لا مؤاثرة بالخير، أي أنا لن أخدم أمي
كي أفسح المجال لأخي لينال هذا العمل الطيب، هذا في الإسلام مرفوض، المؤاثرة خير كلها،
ولكن لا مؤاثرة في الخير، أن تؤثر ألا تفعل هذا العمل الصالح كي تتيح لأخيك أن يفعله مستحيل،
أنا لن أصلي قيام الليل لئلا أشعر من حولي أنهم مقصرون، لا، هذا ليس وارداً إطلاقا.
لا مؤاثرة في الخير، والمؤاثرة خير كلها