زائر زائر
| موضوع: صار فرعون واعِظـا الثلاثاء أبريل 08, 2014 11:20 am | |
| صار كُتّاب الصُّحُف وُعَّاظا !!
حينما تَفَوَّه أحد الكتاب بِمَا تَفَوّه به من كُفر صُراح بواح هَبّ كّتاب الصحف يَعِظون الناس بالرِّفق بِصاحِبهم ، بنحو عبارة : لا تكونوا عَوْنا للشيطان على أخيكم .. ونحو : ما كان الرِّفْق في شيء إلاَّ زَانَه .. والْتَمِسُوا لأخيكم عُذرا .. يا لهذا الأدب الذي تَنَزَّل عليهم فجأة .. ويا لهذا الأسلوب الذي وُلِد في لحظته ووُجد في ساعته ! وهذا يعني أن هذه الأساليب غير خافية عليهم !! لقد كنت أظن أن القوم لا يُحسنون غير السّلق بالألْسِنة الْحِدَاد ! ويومًا ما الْتَمَسْت لهم الأعذار لتدنّي مستوياتهم التعليمية ، لَمّا عَلِمْتُ أن عددا لا بأس به من كُتّب الصحف مِن حَملة الشهادة الابتدائية فقط !! وقليل منهم مَن جاوَز ذلك !! لكن حينما تتعلّق القضية بِرِجَال الهيئات أو بِأهل العِلم والفَضل .. فإن القوم لا يُحسنون الْتِمَاس الأعذار ، وتَغيب عنهم الأساليب الودِّية الوديعة لتتحوّل أقلامهم إلى سيوف مُصْلَتة على رِقاب أهل الفَضل بِحُجج واهية ، من نحو : لا أحَد فَوق النقد !! ونحو : هدفنا الإصلاح .. ومصلحة الوطن فوق الجميع ، والنصح لِوُلاة الأمر .. ومُحَاسبة الْمُقَصِّر .. إلى غير ذلك .. مما غاب كلّه بِرمّته أمام قضية كُفْرِ وزندقةِ صاحِبهم ، ليتحوّل الصحفي فجأة إلى واعظ هادئ الـنَّبْرَة مُتَّزِن النظرة !! يتلمس الأعذار ويُوبّخ الأغيار على غَيْرَتِهم ، ويُبيّن لهم الحجّة ويسلك بهم الْمَحَجَّة ، ويشرح للناس كيف يُعامَل المخطئ !!
وكأن التاريخ يُعيد نفسه .. إذا تعلّق الأمر بِهم رأيتهم تدور أعينهم كالذي يُغْشَى عليه مِن الموت ؛ لأنهم خافوا أن يُسَلّ سيف الحقّ عليهم ! وإذا تعلّق الأمْر بالمؤمنين سَلَقُوهم بألْسِنَة حِدَاد ! ألم يَقُل الله تعالى عن إخوانهم : (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) ؟ تأمَل قول الإمام البغوي في تفسيره : (فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ) آذَوْكُمْ وَرَمَوْكُمْ فِي حَالِ الأَمْنِ . اهـ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى بَالَغُوا فِي مُخَاصَمَتِكُمْ وَالاحْتِجَاجِ عَلَيْكُمْ . كما نَقَل القرطبي .
وقال ابن كثير في وصْف لهم دقيق : وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ أَشِحَّةٌ عَلَى الْخَيْرِ ، أَيْ : لَيْسَ فِيهِمْ خَيْرٌ ، قَدْ جَمَعُوا الْجُبْنَ وَالْكَذِبَ وَقِلَّةَ الْخَيْرِ ، فَهُمْ كَمَا قَالَ فِي أَمْثَالِهِمُ الشَّاعِرُ : أَفِي السِّلْمِ أعْيَارًا جَفَاءً وغلظَةً ... وَفي الحَربْ أمْثَالَ النِّسَاء العَوَاركِ ! أَيْ : فِي حَالِ الْمُسَالِمَةِ كَأَنَّهُمُ الْحَمِيرُ . وَالأَعْيَارُ : جَمْعُ عِيرٍ ، وَهُوَ الْحِمَارُ ، وَفِي الْحَرْبِ كَأَنَّهُمُ النِّسَاءُ الْحُـيَّض . اهـ .
ها هُم يُخاصِمون ويُجادِلون ويُحاجّون المؤمنين في شأن ذلك الزنديق الذي قال ما قال عن عَمْدٍ وإصرار .. ولو صَدَر خطأ غير مُتعمّد مِن رجل صالح أو امرأة صالحة .. لتبدّلَت الْمُجَادَلة والْحُجج إلى سَلْق وصَلْق وسَلْخ ، وضَرْب وطَعْن في النوايا ، وتفسيرات وأقوال يَستحي إبليس مِن قولها !!
إنها مبادئ أولئك الصِّغار في كل شيء .. صِغار في إيمانهم .. إن لم يكونوا في كثير من الأحيان موتى ! صِغار في مبادئهم .. التي سُرعان ما تتحوّل وتتقلّب كالحرباء ! صِغار في حيائهم .. فلا دِين ولا حياء عند فئام منهم .. صِغار في عقولهم وأفكارهم .. فغيرهم يُفكِّر عنهم نيابة ! بل ويَكتُب عنهم نيابة !! صِغار في أعمارهم .. فهم أغْمار ، بل وسُذَّج !!
|
|