زائر زائر
| موضوع: يعاني من شدة الشهوة ويريد الاستمناء أو مشاهدة الأفلام الخليعة لتخفيف ذلك ؟ ويسأل عن أيهما أخف إثماً الأحد يناير 05, 2014 7:46 am | |
| يعاني من شدة الشهوة ويريد الاستمناء أو مشاهدة الأفلام الخليعة لتخفيف ذلك ؟ ويسأل عن أيهما أخف إثماً
السؤال : إذا ما كانت شهوة الفرج تتملك شخصيتى لقدر كبير ، وبعيد جدا جدا ، وكنت أحاربها بشتى الوسائل ، مثل الصيام ولكنى أجد نفسي أاقع فيها بعد ساعات الصوم !! ، أو أني أقسم على نفسي أنى لن أفعلها لمدة زمنية حتى تنطفئ بداخلي ، ولكنى أجد نفسي أفعلها مرة أخرى بعد انتهاء الفترة الزمنية التى اقسمت بها . أنا في حيرة ، وأبحث عن ما يعرف بأقل الضررين ، إذا كنت في أحيان أندفع نحو مشاهدة أفلام ، وبين الحين الآخر الدخول في الممارسة الشخصية مع نفسي . كنت دائما أفكر في شتى الوسائل والسبل ، ولكنها لا تجدي إلا في إطار زمني ، وما ألبث حتى أعاود مرة أخرى .
فقررت أن أسأل : أيهما أقل ضرراً على ديني : مشاهدة الأفلام ؟ أم الاستمناء ؟ أيهما يحمل في طياته ذنبا أعظم ، وإن كنت أعلم أن كليهما ذنب ؟
الجواب : الحمد لله يا عبد الله ؛ نحن لا يخفى علينا - إن شاء الله - قدر ما تعانيه من تعب وألم وقلق ، نعلم الصراع الذي تعيشه ، بين مجاهدة الشهوات ، والاستسلام لها ، والوقوع في أسرها . بين عقاب النفس على إلمامها بها ، وترك الحبل لها على غاربه ، لترتاح من قلقها . لكننا نعلم أيضا أنك لم تصبر على مرارة العلاج ، ولذلك : لا تلبث أن تتركه ، وتعود لمرضك ، منذ أول جرعة تتجرعها . لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (الصَّوْمُ جُنَّةٌ) ـ أي : وقاية .. ـ رواه البخاري (7492) . لكن ليس معنى ذلك : أن تلبس "جُنة" - درعا - بالية مُخرَّقة ، ثم أنت تريد لها أن تحميك في الميدان !! لا ؛ بل أنت تخلعها أيضا ، وتتوهم أنك تعيش في حمايتها !! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أيضا : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) رواه البخاري (5065) ، ومسلم (1400 ) . إن من شأن الصوم أن يضعف الرغبة ، ويقلل التطلع إلى الشهوة ؛ لكن هيهات هيهات أن تظفر بذلك ، إذا كنت تضعفها بطريق ـ أنت لا تمضي فيه إلى نهايته ـ ثم أنت تقويها من غير طريق ، وطريق !! قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الصَّوْمَ قَامِعٌ لِشَهْوَةِ النِّكَاحِ . وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الصَّوْمَ يَزِيدُ فِي تَهْيِيجِ الْحَرَارَةِ ، وَذَلِكَ مِمَّا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ ؟ لَكِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَقَعُ فِي مَبْدَأِ الْأَمْرِ ؛ فَإِذَا تَمَادَى عَلَيْهِ وَاعْتَادَهُ : سَكَنَ ذَلِك " . انتهى من "فتح الباري" (4/119) . أرأيت أنك لم تقطع الطريق حقا ، وإنما اكتفيت بخطوة ، ثم رجعت القهقرى ؟! إنك تحتاج إلى أن تصبر على الدواء ، ومرارته ، وتجاهد نفسك على طول الطريق . إنك تريد أن تختار بين أمرين : العادة السرية مع نفسك ، أو مشاهدة الأفلام . حسنا ؛ هب أننا قلنا لك : فلتشاهد الأفلام ؛ فهل ستنحل عقدتك ، وتزول مشكلتك ، وتضعف شهوتك ؛ أم إنها ستزيد ؟! قد كان يمكن قبول مثل هذا الاختيار : لو أن فيهما ، أو في أحدهما حلا لمشكلتك ؛ أما وأحدهما هو المشكلة ، أو نوع من أنواع المشكلة ، والآخر : طريق مؤكد إليها ؛ فهل عساك ـ يا عبد الله ـ أن تفر من الرمضاء إلى النار ؟ أم هل تريد أن تتداوي بالتي كانت هي الداء ؛ ثم تريد منا أن نتخير لك أولاهما بك ، أو أخفهما إثما ؟! إن شفاءك وراحتك ، لن يكون في هذا ، ولا في ذاك . وتأمل معي هذا الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه (1984) : " أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعْفِيَّ، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَمْرِ، فَنَهَاهُ - أَوْ كَرِهَ - أَنْ يَصْنَعَهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ: ( إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ ) !! . لقد ظن الصحابي هنا ، كما يظن بعض الناس ، أن الخمر تنفعه في التداوي من بعض مرضه ؛ وطلب الرخصة فيها ، لأجل ذلك ؟ فبين له النبي صلى الله عليه وسلم : أن الداء لا يكون شفاء من الداء، بل لا يزيده إلا مرضا !! فالواجب عليك أن تسعى لأن تعف نفسك بالزواج ، في أقرب فرصة تمكنك ، وليس شرطا أن تتقيد بالرسوم والتقاليد الاجتماعية ، بل تخفف منها قدر طاقتك ، وبادر إلى الزواج بمن تعفك . وإلى أن يتحقق لك ذلك : فاقطع نفسك تماما عن طريق الأفلام ، وغض بصرك ، وتعفف عن العادة السرية ، وأكثر من الصوم ، وأجهد نفسك فيه ، وفي أعمال الطاعات ، وفي كل عمل نافع مباح من أمر الدنيا والآخرة ، ولا تدع نفسك عاطلا فارغا ؛ فنفسك : إن لم تشغلها بالحق ، وإلا شغلتك بالباطل . يا عبد الله ؛ إنما هي نزوة عابرة ونشوة آفلة ، ثم تبقى الحسرة والندامة ، وياليتها وقفت عند الحسرة في الدنيا وانقطعت بانقطاع آجالنا، إنما هي حسرة لا تموت ، تتبعنا إلى حيث القبر والمحشر والوقوف بين يدي الديان ، فعلام نخسر آخرتنا بأمر إن استعنا بالله ، وصبرنا على الابتعاد عنه ، وجاهدنا نفوسنا انتصرنا عليه بفضل الكريم الجواد . وإليك بعض الوسائل التي من الممكن أن تعينك بحول الله وقوته على الابتعاد عن هذه الآثام: - المسارعة للتوبة ومجاهدة النفس عليها . - صدق اللجوء إلى الله أن يعينك على شر نفسك وأن يغلبك على شهوتك وأن ييسر لك طرق تصريفها في الحلال ، وأن يصرف عنك الحرام وما قد يؤدي اليه . - الحرص على الصلاة في وقتها ، والاستكثار من النوافل . - الحرص على الصيام ، وقراءة القرآن . - استشعار رقابة الله ، وأنه حيي كريم ، ستير ، سبحانه ؛ فاحذر أن تهتك الستر بينك وبينه ، فيهتك الله سترا ، من مساويك!! - احرص على الصحبة الطيبة التي تعين على الخير وترشدك إليه . - اجتهد في ممارسة الرياضة ، وشغل الوقت بالأعمال المفيدة مثل المطالعة . نسأل الله تعالى أن يهديك ، وأن يصرف عنك السوء والفحشاء ، وأن يجعلك من عباده المخلَصين. والله أعلم.
|
|