زائر زائر
| موضوع: هل يجوز لعامة المسلمين أن يدعو بـ " اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى " الإثنين أبريل 08, 2013 12:58 pm | |
| هل يجوز لعامة المسلمين أن يدعو بـ " اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى "
السؤال : هل يحل للمسلمين العاديين مثلى أن يدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي قاله قرب وفاته : ( اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى ) ؟
الجواب : الحمد لله أولا : روى البخاري (5674) - واللفظ له - ومسلم (2191) عن عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ مُسْتَنِدٌ إِلَىَّ يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى ) .
والمقصود بالرفيق الأعلى : مرافقة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في أعلى جنات النعيم ، فإذا التحق العبد الصالح بالرفيق الأعلى ذهب إلى درجته ، فيكون النبي مع النبيين والصديق مع الصديقين والصالح مع الصالحين .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ نَبِيّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، قَالَتْ : فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ يَقُولُ : ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) قَالَتْ : فَظَنَنْتُهُ خُيِّرَ حِينَئِذٍ " . رواه البخاري (4435) ومسلم (2444)
قال ابن عبد البر رحمه الله : " وأما قوله : ( وألحقني بالرفيق الأعلى ) فمأخوذ عندهم من قول الله عز وجل : ( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) " انتهى من "الاستذكار" (3 /85) . وقال ابن كثير رحمه الله : " وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: ( اللهم في الرفيق الأعلى ) ثلاثا " انتهى من "تفسير ابن كثير" (2 /353) . وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وقد وقع لي من طريق أحمد بن حرب عن مسلم بن إبراهيم شيخ البخاري فيه بزيادة بعد قوله " الذي قبض فيه أصابته بحة " : فجعلت أسمعه يقول : ( في الرفيق الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين ) الآية " . انتهى من "فتح الباري" (8 /137) . وعلى ذلك : فالأصل أنه لا حرج من سؤال العبد ربه أن يلحقه بالرفيق الأعلى إذا مات ، وأن يبلغه منازل الصالحين ، وليس ذلك من خصائص النبيين . وعن زيد بن أسلم قال : " أُغْمِيَ عَلَى الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: " أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَصْلُ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى : ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)النساء/ 69 " . رواه ابن أبي الدنيا في "كتاب المحتضرين" (ص 358) بإسناد صحيح .
وقال علماء اللجنة الدائمة : " إن الله حرم أجساد الأنبياء والرسل على الأرض أن تأكلها ، فهي باقية كما هي ، وهم أحياء في قبورهم حياة برزخية الله أعلم بكيفيتها ، وليست كحياتهم في الدنيا ، وأرواحهم في الجنة ، وهكذا أرواح المؤمنين ، وروح نبينا محمد في الرفيق الأعلى في الجنة " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2 /443) . ثانيا : لا يُدعى بهذا الدعاء إلا في حالتين : أولا : عند تحقق نزول الموت وعَلم العبد أنه في الاحتضار فلا بأس حينئذ أن يدعو بهذا الدعاء ، فروى البخاري (5673) ومسلم (2682) - واللفظ له - عن أبي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ وَلَا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ ) . قال الحافظ رحمه الله : " وَمَفْهُومه أَنَّهُ إِذَا حَلَّ بِهِ لَا يَمْنَع مِنْ تَمَنِّيه ، رِضًا بِلِقَاءِ اللَّه ، وَلَا مِنْ طَلَبه مِنْ اللَّه لِذَلِكَ ؛ وَهُوَ كَذَلِكَ , وَلِهَذِهِ النُّكْتَة عَقَّبَ الْبُخَارِيّ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة بِحَدِيثِ عَائِشَة " اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى " إِشَارَة إِلَى أَنَّ النَّهْي مُخْتَصّ بِالْحَالَةِ الَّتِي قَبْل نُزُول الْمَوْت " انتهى . ثانيا : أن يكون مراده بذلك : أنه متى حل بي الموت ، فاجعلني في الرفيق الأعلى ؛ وقد كان من دعاء إبراهيم الخليل عليه السلام : رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [الشعراء/ 83] . قال ابن كثير : " أي: اجعلني مع الصالحين في الدنيا والآخرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عند الاحتضار: ( اللهم الرفيق الأعلى ) قالها ثلاثا " . انتهى من "تفسير ابن كثير" (6 /147) . وعلى العبد إذا سأل هذه المسألة أن يجتهد في العمل الصالح حتى يوفقه الله للالتحاق بالرفيق الأعلى إذا قبضه ؛ فإن الله تعالى قد اشترط لذلك المقام العلي : أن يلزم العبد نفسه طاعة الله ورسوله ؛ كما قال تعالى : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ) النساء/69-70 . قال ابن كثير رحمه الله : " أي: كل مَنْ أطاع الله ورسوله على حسب حاله وقدر الواجب عليه من ذكر وأنثى وصغير وكبير، ( فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) أي: النعمة العظيمة التي تقتضي الكمال والفلاح والسعادة " انتهى من "تفسير ابن كثير" (1/185) .
والله تعالى أعلم . |
|