عنترAdmin Admin
عدد المساهمات : 201 تاريخ التسجيل : 27/10/2011
| موضوع: هل يجوز لمن استدان بالربا أن يأخذ من الزكاة لسداد دينه ؟ الجمعة ديسمبر 07, 2012 1:59 pm | |
| هل يجوز لمن استدان بالربا أن يأخذ من الزكاة لسداد دينه ؟
السؤال: لقد أخذت قرضا ربويا لشراء بيت سامحني الله ، وإنني أحاول الآن سد قرضي حيث كان أحد أقربائي يساعدني بالاقتراض منه ، وقد توقف هذا الرجل عن مساعدتي لكوني أسدد دينا ربويا. فهل هذا صحيح ؟ يقول أنه سوف يعاقب ؛ لأنه ساعدني ، وأنا الآن أواجه أوقاتا عصيبة في سدادي لهذا القرض ، فهل يعاقب قريبي هذا لإقراضه إياي بسدادي قرضا ربويا؟
الجواب: الحمد لله: أولا: نسأل الله تعالى أن يعفو عنك ، ويتجاوز عما فعلت ، فإن الربا كبيرة من كبائر الذنوب ، وقد جاء فيه من الوعيد ما لم يأت في غيره ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ) البقرة/278-279 . وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ) رواه مسلم ( 1598 ) . و في وعيد المتعامل بالربا :
لا يجوز الاقتراض بالربا ، من البنك أو غيره ، ولو كان ذلك لتجهيز منزل الزوجية ؛ لما ورد في الربا من التحريم المؤكد ، والوعيد الشديد ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278- 279 .
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ , وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ) .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا " انتهى من "المغني" (6/436) .
والواجب على من اقترض بالربا أن يتوب إلى الله تعالى ، ويندم على ما فات ، ويعزم عزما أكيدا على عدم العود إلى هذا الذنب العظيم ، والجرم الخطير ، الذي ورد فيه من الوعيد ما لم يرد في غيره ، نسأل الله العافية .
ثم إنه لا يلزمك شرعا إلا سداد رأس المال ، أما الزيادة المحرمة فلا تلزمك ، ولا يجوز للمقرض أخذها منك ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) . لكن إن خشيت الضرر والمساءلة بعدم دفع الفائدة ، فادفعها ، مع توبتك إلى الله تعالى وكراهتك لهذا المنكر العظيم .
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ما نصه : اقترضت من أحد الأصدقاء مبلغ مائة جنيه على أن أوفيه بعد سنة مائة وخمسين، وحينما حان وقت الوفاء حاولت إعطاءه مائة فقط ولكنه أصر على أخذ زيادةٍ قدرها خمسون جنيهًا مقابل التأجيل ، فما الحكم في هذه الزيادة ؟ وإن كان هذا من قبيل الربا فهل علي أنا إثم وكيف أتخلص من ذلك علمًا أن تلك النقود التي اقترضتها منه قد اختلطت مع مالي فماذا عليَّ أن أفعل ؟
فأجاب : " الله سبحانه وتعالى حرم الربا وشدد الوعيد فيه ، قال سبحانه وتعالى: ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) البقرة/275 , إلى أن قال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) البقرة/ 278، 279 .
والربا له صور وأنواع ومن أنواعه هذا الذي ذكرته في السؤال وهو القرض بالفائدة ؛ لأن القرض الشرعي هو القرض الحسن الذي تقرض به أخاك لينتفع بالقرض ثم يرد عليك بدله من غير زيادة مشترطة ولا نقص , هذا هو القرض الحسن ، أما القرض الذي يجر نفعًا أو القرض الذي يقصد من وراءه الزيادة الربوية فهذا حرام بإجماع المسلمين ، حرام بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين وعلى فاعله الوعيد الشديد ، فالواجب هو رد مثل المبلغ الذي اقترضه أما الزيادة التي اشترطها عليك وأخذها منك فهي حرام وربًا، والنبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه ، فلعن صلى الله عليه وسلم من أكل الربا ومن أعانه على أكله من هؤلاء ، فهذا الذي فعلتموه حرام وكبيرة من كبائر الذنوب وعليكم التوبة إلى الله سبحانه وتعالى ، وعليه هو أن يرد عليك هذه الزيادة التي أخذها منك لأنها لا تحل له ، وأنت فعلت محرمًا بإعطائه الزيادة ، وكان الواجب عليك أن تمتنع من إعطائه الزيادة . . . . فهذا الذي أقدمتما عليه هو صريح الربا ، فعليكما جميعًا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى وعدم الرجوع إلى هذا التعامل ، وعلى الآخر أن يرد الزيادة التي أخذها ، والله أعلم " انتهى من "المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (5/210) .
واعلم أنه كلما عجلت بالتخلص من هذا القرض كان ذلك أفضل وأحسن وأبرأ ؛ لتتخلص من الربا وآثاره .
ولذلك فالأولى لك أن تبادر بسداده ، وأن توفر الأموال التي ستنفقها لأداء العمرة للتخلص من هذا الدين . .
ثانيا: إن كنت قد تبت من هذه المعاملة الربوية وعزمت على عدم العودة إليها ، وندمت على ذلك ، ولا يمكنك التخلص من هذه الفوائد بحكم أن النظام يلزمك بسداد القروض بفوائدها ، فلا مانع من أن يقوم قريبك بمساعدتك في سداد هذا الدين ، ولا إثم عليه في ذلك ؛ لما في ذلك من تفريج كربتك ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) البخاري (2442) ، ومسلم (2580) ، ولأنه كلما تأخر سدادك للدين ، تراكمت الفوائد عليك أكثر ، وأما إعانة التائب على السداد ، فليس فيها منكر ، ولا إعانة على منكر بوجه من الوجوه ، حتى إنه يمكن للمعين أن يصرف شيئا من زكاة ماله للمدين ، إذا لم يكن عنده ما يقضي به دينه ، مما هو فاضل عن حاجته . وقد نص أهل العلم على أن الغارم لأمر محرم إذا تاب إلى الله فلا بأس أن يعطى من الزكاة في سداد دينه . قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " مسألة : من غرم في محرم ، هل نعطيه من الزكاة ؟ الجواب : إن تاب أعطيناه ، وإلا لم نعطه ، لأن هذا إعانة على المحرم ، ولذلك لو أعطيناه استدان مرة أخرى" انتهى من "الشرح الممتع" (6/235) .
وقال الدكتور عمر سليمان الأشقر : " ومن ادَّان بالربا فلا يجوز قضاء دينه من مصرف الغارمين في الزكاة ، إلا إذا تاب وأناب من التعامل بالربا " انتهى . من ضمن "أبحاث الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة" صـ210 .
والله أعلم . | |
|