اشترك في ( كليك نت) قبل العلم بالتحريم فهل له أن يتم شراء السلعة ؟
السؤال:
أرجوك أن تقدم لنا إجابة شافية ونهائية لمسألة التسويق الشبكي (net marketing ) ، وليس التسويق الهرمي (pyramid scheme). دخلت مع أحد الشركات بعد أن قيل لي إنها تجارة حلال ، وقد قامت الشركة واسمها(click net) وهي شركة تونسيه ، قامت بجلب شاب غير معروف ، وقد أصدر فتوى تقضي بجواز الأمر فتواه مفصلة ودقيقة تعرض فيها لكل النقاط ، فلو سمحت أن تطلع على فحوى هذه الفتوى التسويق الشبكي ظاهرة قديمة جديدة في تونس . ولا توجد فتوى شرعية من دار الفتوى في خصوص هذه المسألة , أنا توقفت عن البحث عن وكلاء الآن ، ولم أدخل إلا شخصا واحدا فقط .
وسؤالي :
في حالة التحريم هل يمكن لي أن أشتري المنتج بمالي الخاص ؟ أي أن أدفع المبلغ المتبقي للحصول على السلعة دون الاعتماد على وكلاء ، حتى لا أكون قد دفعت المبلغ هباءا. وهل علي أن أعوض للوكيل الذي أدخلته معي ؟
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز التعامل بنظام التسويق الشبكي الموجود بشركة كليك نت (click net)،
وإذا كنت شاركت فيها اعتمادا على قول من ذهب إلى الجواز ، فلا إثم عليك ، لكن يلزمك الآن الخروج منها .
ويجوز أن تدفع ما تبقى من ثمن السلعة ، لتنال سلعتك ولا يضيع عليك ما دفعت .
ولا يلزمك تعويض من دخل التسويق بدعايتك ، بل يلزمك إخباره بحرمة المعاملة ، ودعوته للخروج منها .
ونسأل الله أن يعوضكما خيرا .
والله أعلم .
السؤال:
أريد معرفة الحكمة من مراحل الحساب يوم القيامة ، فنحن نعرف أنه بمجرد نزول المتوفى للقبر وهبوط الملكين عليه وسؤاله بعدها يرى الإنسان نفسه ، إن كان قبره روضة من رياض الجنة أو كان قبره حفرة من حفر النار ، هذا يعني أنه يوم القيامة عند الحشر كل إنسان يعرف إن كانت نهايته الجنة أو النار ، فما هي الحكمة من الوقوف طويلاً ؟ وما الحكمة من عبور الصراط إن كان الإنسان يدري مسبقاً أنه سيستطيع العبور أو لا ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت في قبره يرى مقعده من الجنة أو النار ، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَى مَقْعَدِهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَيُقَالُ : هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه البخاري ( 1379 ) ومسلم ( 2866 ) ، وليس هذا يعني أنه ليس ثمة فائدة لما يكون بعد البعث من القبور والحشر والحساب بناء على أن المؤمن قد عرف ـ بما يراه في قبره ـ أنه من أهل الجنة ، والكافر قد علم أنه من أهل النار ؛ وذلك لأن ما يراه المسلم من مقعده في قبره هو باعتبار مآله الأخير ، وباعتبار نجاته من الكفر والخلود والنار ، وليست أسئلة الملكين هي آخر مطاف العبد .
ومما يقوي هذا ويؤكِّده أن حسنات المسلم وسيئاته التي دفنت معه وقت السؤال لن تقف عند حدِّها ذاك ! فالحسنات قد تزيد بما خلَّفه وراءه من صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له ، والسيئات قد تزداد بما تركه وراءه من سنَّة سيئة وسيئات جارية .
ومما يقويه أيضاً أن الحسنات قد تنقص يوم الحساب لانشغال ذمة فاعلها بحقوق للناس ، فقد يلقى الله تعالى المسلم ربَّه بحسنات صلاته وصيامه وحجه فتذهب كلها لمن قذفه وشتمه وأكل ماله ، وما يلقى ربَّه به من سيئات قد تزداد بأخذ سيئات ممن ظلمه فتلقى عليه ، وحديث " المفلس " دليل واضح وبيِّن على هذا الأمر ، ولله تعالى الحكَم البالغة حيث لم يجعل الميزان في أول موت العبد ، بل جعل الميزان آخر المطاف ليكون بعده الفلاح أو الخسارة
ثانياً:
يذهب الإشكال عند الأخ السائل – أيضاً – بسؤاله : هل رؤية العبد لمقعده من الجنة في قبره يمتنع معه أن يعذَّب في قبره على بعض ذنوبه ؟!
وجواب هذا السؤال : أنه بالطبع لا يمتنع ؛ وذلك لأن الوعيد المترتب على العذاب في البرزخ ليس هو بالضرورة الوعيد المترتب على العذاب في نار جهنم ، ولأن رؤية المقعد من الجنة هو باعتبار أنه ليس كافراً فحسب ، ولذا فقد يرى العبد مقعده من الجنة في قبره ويعذَّب على بعض ذنوبه ، ولذا فقد ذهب الأكثر من العلماء إلى أن حديث رؤية المقعد في القبر إنما هو باعتبار الكفر، فيرى مقعده في النار ، أو الإسلام ، فيرى مقعده في الجنة ؛ وأما حال المسلم العاصي ، فلا تعرض لذكره في الحديث
ومما يؤكد هذا : أن رؤية المسلم لمقعده تكون بعد سؤال الملكين عما يعلم به إسلام العبد من كفره ، وليس يكون هذا على ما جاء به من حسنات ، ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ : مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا ) .
ومثله يقال في أخذ الكتاب باليمين عند تطاير الصحف ؛ فإن هذا الأخذ باليمين باعتباره مسلماً لا كافراً وليس يعني أنه لن يعذَّب أو لن يدخل النار على ذنوب اقترفها .
ثالثاً:
ومما يزيل الإشكال – كذلك – معرفة أن أهوال القيامة وكربها وشدائدها مما يكفِّر الله تعالى به الذنوب ، فهذا الذي رأى مقعده من الجنة قد يكون مستحقّاً للعذاب بسيئات راجحة فغفرت له بما يراه في قبره من الضغطة والفتنة وبما يراه من أهوال القيامة وشدائدها
على أنه ، بعد ذلك كله ، ينبغي الانتباه إلى أن لكل موطن فزعته التي تذهل العبد عن حاله التي هو فيها ، فكيف بحاله التي كان عليها من قبل ؟
فقد يفزّع المؤمن ثم يؤّمن ليشهد المنة ، وقد يفزع لما كان عليه من التقصير في أمر الله ، ويكون فزعه تكفيرا لسيئاته .
والأنبياء عليهم السلام يقول كل منهم يوم القيامة – كما في حديث الشفاعة - : نفسي نفسي نفسي . فكيف بمن دونهم ؟
وقال الله تعالى عن الكافرين : ( قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ) يس/ 52 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" وهذا لا ينفي عذابهم في قبورهم ؛ لأنه بالنسبة إلى ما بعده في الشدة كالرقاد " . انتهى من " تفسير ابن كثير" (6 /581) .
والله أعلم