ما حكم العمل في الصحافة للرجال والنساء ؟
السؤال:
ما حكم امتهان مهنة الصحافة في الإسلام وخصوصاً بالنسبة للنساء ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
العمل في الصحافة تجري فيها الأحكام الخمسة :
1. فقد تكون واجبة ، ويكون امتهان الصحافة جهاد في سبيل الله ، بالقول والعمل ، كنصرة المستضعفين ، وإغاثة المنكوبين ، ولنضرب لذلك مثلا حال إخواننا في سوريا ، فقد كشف الصحفيون جرائم النظام وما خفي عن الناس .
ويدخل في الوجوبِ : الردُ على أعداء الدين ، وكشفُ الشبهات التي يثيرها ضلاَّل المسلمين وغير المسلمين
فالصحافة منبر يجاهَد فيه باللسان والقلم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم ( 78 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ) رواه مسلم ( 71 ) .
فالصحافة الإسلامية يجب أن يسعى الناس إلى إقامة صرحها ؛ فإنها دعوة وسلاح ، خاصة وأنها لا تكاد تمثل شيئاً عند مقارنتها بالصحافة الغربية أو صحافة أهل الضلال .
والصحافة الإسلامية يجب أن يكون منطلقها الشرع وحده ، لها سماتُها التي تليق بها ، من البعد عن نشر الفواحش ، والعناوين الفاسدة لجذب قلوب الناس إليها .
والإسلام لا يعطي الحصانة للصحفي كالتي يجدها في بلاد الغرب ، بل إن الصحفي محكوم بالشرع ، والشرع ينظر إليه كآمر بالمعروف وناهٍ عن المنكر .
فمن وجد في نفسه أهلية لذلك : فليبادر وليسابق إلى الخير ؛ فإن الأمة الآن أحوج ما تكون إلى صحفيين إسلاميين ينطلقون من قواعد الشرع ، يكونون يداً في بناء نهضة الإسلام ؛ فإن الإعلام عمدته العقل ، وإن العقل سلاح لا يُغلب ، وهي حيلة تكاد تكون الوحيدة في بعض الأحيان ، لإظهار محاسن الإسلام ، وتجلية صورته الغائبة .
فتبين بهذا أن حكم هذا النوع أنه من فروض الكفاية ، وقد يتعين في أناس بأعيانهم .
2. وقد تكون مستحبة إذا كان هناك من يغني عنك في الذود عن حمى الإسلام فيها ، أو كانت الصحافة لكسب الرزق والنفقة على من تعول ، شريطة خلوها من المحاذير .
3. وقد تكون مباحة ، إذا كانت في نشر الأخبار الطريفة والمباحة وما شابه ، وتغطية بعض المؤتمرات التي تهم شؤون العامة ، ومع احتساب الأجر قد ينال المسلمُ الأجرَ على ذلك .
4. وتكون محرمة إذا كانت مشتملة على مفاسد ظاهرة كتغطية أخبار الفنانين والفنانات ، أو نشر الفتنة ، أو الكذب في الأخبار ، أو الوقوف مع الظالم على المظلوم ، أو مدح من لا يستحق المدح .
قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) النور/ 19 ، وقال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/ 1 .
5. وتكون مكروهة إذا كانت تشتمل على مكروهات في ذاتها ، والمكروهات هي كل ما نهى عنه الشرع لا على وجه الإلزام .
ثانياً:
وأما عمل النساء في الصحافة : فإنه يضاف إلى ما سبق ذكره : حرمة ظهورها في قنوات الإعلام متبرجة ، وحرمة ظهور شيء من جسدها ، أو دخولها أماكن الرجال واختلاطها بهم ، أو سفرها من غير محرم معها ؛ فإن ذلك محرم عليها ، فتنة لها وفتنة لغيرها ، قال تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) الأحزاب/ 33 ، ومعلوم أن الشرع سدَّ أبواب الفتنة وحذر منها ، والنساء فتنة عظيمة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ ) رواه البخاري ( 4808 ) ومسلم ( 4924 ) .
ويضاف إلى ذلك : أنه يجب الحذر من المنابر الإعلامية ؛ فإنها تنتقي النساء الجميلات لترويج الأخبار ولشد قلوب الناس إليهم ، فلتتفطن المرأة إلى هذا المقصد السيء .
وهذا لا يمنع أن تمارس المرأة المتاح لها في هذا المجال ، مما لا يستلزم منها الوقوع في مخالفة شرعية ؛ ككتابة المقالات والتحليلات الإخبارية ، وكل عمل بعيد الرجال وعن ظهور صورتها .
وانظرأخى أختى إلأى هذا الامر وهو يندرج تحت ثرث نقاط
أولاً :
جاء الشرع بتدابير عديدة تحمي المجتمع من الفتن ومن انحلال الأخلاق ، ولا شك أن خروج المرأة من بيتها ومخالطتها للرجال وتكسرها في الكلام مع كونها في أكمل ما يكون من الزينة ، كل ذلك من أعظم أسباب الفتن ، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ) رواه البخاري (5096) . وقال صلى الله عليه وسلم : (فَاتَّقُوا الدُّنْيَا ، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ) رواه مسلم (2742) .
وإذا نظرنا إلى الواقع ازداد يقيننا بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، فالدول والمجتمعات ـ الإسلامية وغير الإسلامية ـ التي خرجت نساؤها وتبذلت واختلطت بالرجال لم تَجْنِ من وراء ذلك إلا الشر ، والانحلال الخلقي ، وكثرة اللقطاء .
وقد أشارت إحصائية حديثة إلى أنه للمرة الأولى في التاريخ تتجاوز نسبة المواليد غير الشرعيين في بريطانيا نسبة المواليد الذين ولدوا داخل مؤسسة الزواج ، وفي هذا عبرة لمن يعتبر .
وفي أمريكا توضح الإحصائيات إلى أنه من 70-90% من الموظفات العاملات ارتكبت معهن فاحشة الزنا . "مجلة الدعوة" عدد (1783) .
وقد حَذَّر بعض العقلاء من ذلك ، ولكن ... لا حياة لمن تنادي .
فقد قالت الكاتبة الإنجليزية الشهيرة (اللادي كوك) في جريدة (الأيكو) :
"على قدر الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا، ولا يخفى ما في هذا من البلاء العظيم على المرأة، فيا أيها الآباء لا يغرنكم بعض دريهمات تكسبها بناتكم باشتغالهن في المعامل ونحوها، ومصيرهن إلى ما ذكرنا ، فعلموهن الابتعاد عن الرجال، إذ دلنا الإحصاء على أن البلاء الناتج من الزنا يعظم ويتفاقم حيث يكثر الاختلاط بين الرجال والنساء، ألم تروا أن أكثر أولاد الزنا أمهاتهن من المشتغلات في المعامل ومن الخادمات في البيوت ومن أكثر السيدات المعرضات للأنظار.
ولولا الأطباء الذين يعطون الأدوية للإسقاط لرأينا أضعاف ما نرى الآن" انتهى .
"الإسلام روح المدنية" لمصطفى الغلايينى (ص212) .
ثانياً :
جاء الإسلام وقد أمر المرأة بما هو أكمل في المحافظة على صيانتها وعفتها ، وصيانة المجتمع مما قد يضره ، ومن ذلك : أنه نهاها عن الجهر بالقول أمام الرجال الأجانب عنها ، إلا إذا وجدت حاجة ملحة لذلك .
ففي صلاة الجماعة إذا أخطأ الإمام ، ينبهه الرجال بالتسبيح ، والنساء بالتصفيق ، حتى لا تجهر بصوتها في مجمع الرجال ، مع أنهم في عبادة عظيمة هي أعظم عبادات الإسلام .
والمرأة المحرمة بحج أو عمرة لا تجهر بالتلبية إلا بقدر ما تسمع رفيقاتها فقط .
ولا شك أن عمل المذيعة منافٍ لذلك أعظم المنافاة ، إذ يسمعها آلاف أو مئات الآلاف من الرجال الأجانب عنها ، من غير ضرورة ولا حاجة ماسة لذلك .
فقد رأينا وسمعنا المرأة مذيعة لنشرة الأخبار ، ومقدمة برامج رياضية واقتصادية ، ودينية ، فما هو الداعي أو الضرورة لذلك ؟ أليس هناك من الرجال من يقوم بذلك على وجه أكمل وأحسن ؟
ثالثاً :
أما إذا نظرنا إلى عمل المرأة مذيعة في التليفزيون فهو يتضمن مجموعة من المخالفات الشرعية :
1- اختلاطها بالرجال الأجانب عنها ، كالمصور ، والمخرج ، والمنتج ... وغيرهم من العاملين معها ، بل قد تقع كثيراً في الخلوة المحرمة مع أحد هؤلاء .
2- ضرورة كشفها للوجه ، مع تزينها وتجملها بأبهى ما تستطيع من الزينة ، والله تعالى قد قال عن العجائز من النساء : (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ) النور/60 . فكيف يجوز للمرأة الشابة أن تظهر بكامل زينتها أمام مئات الآلاف من الرجال الأجانب عنها ؟
3- تكسر كثير منهن في الكلام ، وكلهن يكن جميلات الأصوات ـ فهذا من أساسيات اختيارها مذيعة ـ وجمال صوت المرأة يوقع في الفتنة ، فكيف إذا انضم إليه تكسرها وميوعتها في الكلام ، والله تعالى يقول : (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) الأحزاب/32 .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
"المرأة لا يجوز لها مخاطبة الرجال الذين ليسوا محارم لها إلا عند الحاجة ، وبصوت ليس فيه إثارة ، ولا تبسط في الكلام معهم زيادة عن الحاجة" انتهى .
"فتاوى المرأة المسلمة" (1/432) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل يجوز للمرأة أن تعمل مذيعة يسمع صوتها الأجانب ؟
فأجاب :
"إن المرأة في الإذاعة تختلط بالرجال بلا شك ، وربما تبقى مع الرجل وحده في غرفة الإرسال ، وهذا لا شك أنه منكر ، وأنه محرم ، وقد ثبت عن النبي الصلاة والسلام أنه قال : (لا يخلون رجل بامرأة) ولا يحل هذا أبداً ، ثم إن المعروف أن المرأة التي تذيع تحرص على أن تجمل صوتها ، وتجعله جذاباً فاتناً ، وهذا أيضاً من البلاء الذي يجب تجنبه لما فيه من الفتنة . وفي الرجال .. الشباب والكهول ما يغني عن ذلك ، فصوت الرجل أقوى من المرأة وأبين وأظهر" انتهى .
"فتاوى المرأة المسلمة" (1/433، 434) .
والله أعلم