الحصول على الطلاق المدني تجنبا لسجن الزوج المتزوج من أخرى
السؤال :
تزوجت زواجاً إسلامياً من رجل مسلم وذهبت وسجلت هذا الزواج لدى المحكمة المدنية هنا في أمريكا، ثم اكتشفت مؤخراً أن زوجي متزوج بامرأة أخرى وأني الزوجة الثانية ، زوجته الأولى تعيش في الأردن ، تزوجها في مرحلة الشباب ، وهي قريبته وله منها طفل ولا يزورها إلا في النادر ، وقال : إنه لا يمكن أن يطلقها لأن الطلاق ستنجم عنه مشاكل أسرية كثيرة .
كونه متزوجاً بزوجة أخرى لم ينقص حبه في قلبي ، إلا أن المشكلة أن تسجيلي لدى المحكمة المدنية قد جرّ علينا مشكلة عويصة ، وما كنت لأسجّل لو علمت بقصة زواجه بامرأة أولى ؛ لأن السلطات الأمريكية تعتبر الزواج بثانية زواجاً باطلاً وفقاً للقانون الذي لا يجيز التعدد ، ويمكن في أي لحظة أن يطبّقوا هذا القانون على زوجي فيزجّوا به في السجن.
السؤال الآن هو: هل يمكننا استصدار حكم قضائي من احدى المحاكم المدنية هنا على أننا قد تطلقنا لتجنب المشاكل القانونية ؟
لكن في حقيقة الأمر سنظل متزوجين، أم ما هو مقترحكم للخروج من هذه المشكلة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
ينبغي أن تنظري ما يترتب على الحكم القضائي بتطليقك من زوجك من أحكام تتعلق بالأولاد ، والميراث ، والمهر والنفقة ، فلو رزقت بولد هل يمكنك نسبته إلى أبيه ؟ ولو قُدرت وفاة أحدكما هل يرثه الآخر ؟ وكيف تثبتين حقك في النفقة والمهر المؤخر إن كان .
فإذا أمكن تلافي هذه المفاسد ، وكان احتمال تعرض زوجك للسجن احتمالا ظاهرا ، فلا حرج في حصولكما على الطلاق المدني .
ثانيا :
الطلاق المدني إذا خلا من تلفظ زوجك بالطلاق ، ووقع عليه أو كتبه بلا نية الطلاق : لم يقع به طلاق
وعلى هذا
جوز للمرأة أن تطلب الطلاق في حال إصرار الزوج على ارتكاب الموبقات كشرب الخمر أو تناول المخدرات ، فإن أبى الزوج طلاقها فلها رفع الأمر إلى القاضي الشرعي ليلزم الزوج بالطلاق أو يطلق هو إن رفض الزوج أن يطلق ، فإن لم يوجد القاضي الشرعي رفعت أمرها إلى الجهة الإسلامية الموجودة في بلدها كالمركز الإسلامي ليقنعوا الزوج بالطلاق ، أو يدعوه للخلع ، ويجوز أن توثق هذا الطلاق الشرعي بعد ذلك في المحكمة الوضعية للحاجة لهذا التوثيق .
ثانياً :
إذا كنت لجأت إلى محكمة وضعية ألزمت الزوج بالطلاق ، وتلفظ به أو كتبه بنية الطلاق ، فالطلاق واقع .
وإن كان لم يتلفظ ولم يكتب الطلاق بنية الطلاق ، وإنما حكمت المحكمة بالطلاق ، فإن تطليق القاضي الكافر لا يقع .
وقد اتفق الفقهاء على اشتراط الإسلام في القاضي الذي يحكم بين المسلمين ؛ لأن القضاء نوع ولاية ، ولا ولاية لكافر على مسلم .
قال ابن فرحون رحمه الله : " قال القاضي عياض رحمه الله : وشروط القضاء التي لا يتم القضاء إلا بها ولا تنعقد الولاية ولا يستدام عقدها إلا معها عشرة : الإسلام والعقل والذكورية والحرية والبلوغ والعدالة والعلم وكونه واحدا وسلامة حاسة السمع والبصر من العمى والصمم وسلامة اللسان من البكم , فالثمانية الأول هي المشترطة في صحة الولاية والثلاثة الأخر ليست بشرط في الصحة , لكن عدمها يوجب العزل , فلا تصح من الكافر اتفاقا , ولا المجنون " انتهى من تبصرة الحكام (1/26) ، وينظر : الموسوعة الفقهية (33/295) .
وقد نص البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا ، المنعقد بكوبنهاجن- الدانمارك مع الرابطة الإسلامية ، في الفترة من 4-7 من شهر جمادى الأولى لعام 1425هـ الموافق 22-25 من يونيو لعام 2004 م على : " أنه يرخص في اللجوء إلى القضاء الوضعي عندما يتعين سبيلا لاستخلاص حق أو دفع مظلمة في بلد لا تحكمه الشريعة ، شريطة اللجوء إلى بعض حملة الشريعة لتحديد الحكم الشرعي الواجب التطبيق في موضوع النازلة ، والاقتصار على المطالبة به والسعي في تنفيذه ".
وجاء فيه : " المحور السابع : مدى الاعتداد بالطلاق المدني الذي تجريه المحاكم خارج ديار الإسلام :
بَيَّن القرار أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقا شرعيا فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية ، أما إذا تنازع الزوجان حول الطلاق فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة ، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية ، فإذا حصلت المرأة على الطلاق المدني فإنها تتوجه به إلى المراكز الإسلامية وذلك على يد المؤهلين في هذه القضايا من أهل العلم لإتمام الأمر من الناحية الشرعية ، ولا وجه للاحتجاج بالضرورة في هذه الحالة لتوافر المراكز الإسلامية وسهولة الرجوع إليها في مختلف المناطق " انتهى .
وعلى هذا ، فعليك مراجعة المركز الإسلامي في بلدك وهم يتولون النظر في الأمر .
ثالثا :
إذا طلقت المرأة من زوجها الطلقة الأولى أو الثانية ، وانقضت العدة ، جاز أن ينكحها مرة أخرى بعقد جديد ومهر جديد ، بحضور الولي والشهود .
وأما إن طلقت ثلاث طلقات فلا تحل لزوجها الأول حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، ثم يموت عنها الثاني أو يفارقها .
والنصيحة لك أن توثقي نكاحك وحقوقك بوسيلة معتبرة كعقد النكاح في المركز الإسلامي بعد تاريخ الطلاق ، إن كان هذا مجديا ، أو توثيقه في بلدك الأصلي أو بلد إسلامي آخر ، إن كان ذلك لا يترتب عليه الضرر الذي يمكن أن يترتب على توثيق زواجكما في المحاكم الأمريكية .
ونسأل الله أن ييسر أمركما ويعينكما على طاعته .
ونصيحتنا لزوجك ألا يضيع حق زوجته الأولى وولدها ، وأن لا يذرها كالمعلقة ، بل إن شاء طلقها ، وإن شاء أبقاها مع إعطائها حقها ، إلا أن ترضى هي بإسقاطه .
والله أعلم .