الكتابة من الله عز وجل أنواع:
النوع الأول: الكتابة في اللوح المحفوظ وهذه الكتابة لا تبدل ولا تغير،
ولهذا سماه الله لوحاً محفوظاً، لا يمكن أن يبدل أو يغير ما فيه.
الثاني: الكتابة على بني آدم وهم في بطون أمهاتهم، لأن الإنسان في بطن أمه
إذا تم له أربعة أشهر، بعث الله إليه ملكاً موكلاً بالأرحام، فينفخ فيه
الروح بإذن الله، لأن الجسد عبارة عن قطعة من لحم إذا نفخت فيه الروح صار
إنسانًا، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد
النوع الثالث: كتابة حولية كل سنة، وهي الكتابة التي تكون في ليلة القدر،
فإن الله سبحانه وتعالى يقدر في هذه الليلة ما يكون في تلك السنة، قال الله
تبارك وتعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم} [الدخان: 4]. فيكتب في هذه الليلة
ما يكون في تلك السنة.
النوع الرابع: كتابة يومية وهي التي تقوم
بها الملائكة حيث يكتبون كل ما يعمله الإنسان في ذلك اليوم ، سواء كان
قولاً بلسانه أو عملاً بجوارحه ، أو اعتقاداً بقلبه وذلك في الصحف التي
بأيدي الملائكة وهذه الكتابة تكون بعد العمل ، والكتابات الثلاث السابقة
كلها قبل العمل، لكن الكتابة الأخيرة هذه تكون بعد العمل، يكتب على الإنسان
ما يعمل من قول بلسانه، أو فعل بجوارحه، أو اعتقاد بقلبه، فإن الملائكة
الموكلين بحفظ بني آدم أي بحفظ أعمالهم يكتبون قال الله تعالى: {كلا بل
تكذبون بالدين. وإن عليكم لحافظين. كراماً كاتبين. يعلمون ما تفعلون}
[الانفطار: 9 ـ 12]. فإذا كان يوم القيامة فإنه يعطى هذا الكتاب كما قال
تعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً
يلقاه منشوراً.اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً}[الإسراء: 13، 14].
يعني تعطى الكتاب ويقال لك أنت: اقرأ وحاسب نفسك، قال بعض السلف: لقد أنصفك
من جعلك حسيباً على نفسك، وهذا صحيح أي إنصاف أبلغ من أن يقال للشخص تفضل
هذا ما عملت حاسب نفسك، أليس هذا هو الإنصاف؟! بل أكبر إنصاف هو هذا، فيوم
القيامة تعطى هذا الكتاب منشوراً مفتوحًا أمامك ليس مغلقاً، تقرأ ويتبين لك
أنك عملت في يوم كذا، في مكان كذا، كذا وكذا، فهو شيء مضبوط لا يتغير،
وإذا أنكرت فهناك من يشهد عليك {يوم تشهد عليهم ألسنتهم} يقول اللسان: نطقت
بكذا {وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} {النور :24} تقول اليد: بطشت،
تقول الرجل: مشيت، بل يقول الجلد أيضاً، الجلود تشهد بما لمست {وقالوا
لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول
مرة وإليه ترجعون} [فصلت: 21]. فالأمر ليس بالأمر الهين ـ نسأل الله تعالى
أن يتولانا وإياكم بعفوه ومغفرته