زائر زائر
| موضوع: هل تطلب الانفصال عن زوجها لأنه يفعل العادة السرية ؟ الخميس أبريل 12, 2012 5:24 am | |
| هل تطلب الانفصال عن زوجها لأنه يفعل العادة السرية ؟
لسؤال: هل يجوز للمرأة طلب الطلاق إذا كان زوجها يمارس العادة السرية ؛ خشية أن تقع في الحرام ، حيث إنه لا يعطيها حقها الشرعي من الناحية الجنسية ؟
جواب : الحمد لله لا شك أن وطء الرجل لزوجته ، وإعطاءها حقها من المعاشرة الجنسية ، وإشباع رغبتها من ذلك ، بحسب طاقته وما يليق بحاله ، هو من أعظم حقوق الزوجة على
زوجها ، ومن أعظم مقتضيات العشرة بالمعروف ؛ وقد قال الله تعالى ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/ 19 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ بِالْمَعْرُوفِ ؛ وَهُوَ مِنْ أَوْكَدِ حَقِّهَا عَلَيْهِ : أَعْظَمُ مِنْ إطْعَامِهَا . " وَالْوَطْءُ الْوَاجِبُ " قِيلَ : إنَّهُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مُرَّةً ، وَقِيلَ : بِقَدَرِ
حَاجَتِهَا وَقُدْرَتِهِ ؛ كَمَا يُطْعِمُهَا بِقَدَرِ حَاجَتِهَا وَقُدْرَتِهِ ، وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (32 /271) .
ومن هذا المنطلق ، ينبغي أن تحل هذه المشكلة العظيمة ؛ فإن ما يفعله هذا الزوج ، فضلا عن أنه معصية لله جل جلاله بنفسه ، حتى ولو لم يترتب عليه إخلال
بحقوق الزوجية ، وحتى لو لم يكن متزوجا أصلا ؛ فإن من أعظم آثاره ما ذكرته الزوجة هنا من أنه يفضي إلى إضاعة حق الزوجة من العشرة بالمعروف ،
وتفريغ رغبته خارج وعائها الشرعي ، وترك الوعاء الشرعي فارغا من حاجته ؛ وهذا من أعظم التفريط ، والسفه في العقل ، والانحراف عن مقاصد الشرع .
لكن عليك أولا أن تبدئي بنصيحة زوجك ، والتفاهم معه حول ذلك ؛ وبيان حرمة هذا الأمر في دين الله ، وحرمة تضييع حق الزوجة ، أو التفريط فيه . فإن لم ينفع معه النصح ، وترتب على فعله ذلك ما ذكرت من تضييع حقك الشرعي ، وتعريضك للفتنة ؛ كان لك أن تطلبي الخلع أو الطلاق منه . قال شيخ الإسلام :
" وَحُصُولُ الضَّرَرِ لِلزَّوْجَةِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُقْتَضٍ لِلْفَسْخِ بِكُلِّ حَالٍ ، سَوَاءٌ كَانَ بِقَصْدٍ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ ، وَلَوْ مَعَ قُدْرَتِهِ وَعَجْزِهِ ، كَالنَّفَقَةِ ؛ وَأَوْلَى "
انتهى من"الفتاوى الكبرى" (5 /481-482) .
الواجب على الزوج أن يعاشر امرأته بالمعروف ، لقوله تعالى :
( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، ومن المعاشرة بالمعروف : الجماع ، وهو واجب عليه ، بقدر كفايتها ، وقد قدَّر جمهور العلماء المدة التي لا يحل للزوج أن يترك
الجماع فيها : أربعة أشهر . والأصح أن ذلك لا يتحدد بمدة ، بل الواجب عليه أن يطأها بقدر كفايتها ، ما لم ينهك الجماع بدنه ، أو يشغله عن معيشته .
ولكن كثير من الأزواج يغفلون عن حق المرأة في الاستمتاع وقضاء الوطر ، وهذا ينشأ غالباً عن الجهل بحال المرأة واختلافها عن الرجل في هذه العملية . والمصارحة ، ومحاولة العلاج ، وقراءة الكتب المختصة في هذا الجانب ، لها دور كبير في التصحيح - إن شاء الله - .
ويحرم على المرأة الاستمناء باليد وغيرها ؛ لأدلة تجدينها في جواب السؤال رقم (329).
كما أن المرأة إذا اعتادت الاستمناء قد يصدها ذلك عن زوجها نهائياً ، ولا تشعر بالرغبة في الجماع بعد ذلك .
وما يفعله زوجك معك ؛ من إهمالٍ لحقك ، وتركك الفترات الطويلة دون أن يقربك ، لا شك أنه ظلم لك ، وعليك أن تخبريه بذلك ، وقيامه بحقك هو مقتضى العلم الذي يطلبه ويدعو إليه . فقد أخرج البخاري (1968) عن أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ : آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، فَرَأَى أُمَّ
الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً [تاركة لباس الزينة] ، فَقَالَ لَهَا : مَا شَأْنُكِ ؟ قَالَتْ : أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا ، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ ؟ قَالَ : فَإِنِّي
صَائِمٌ ، قَالَ : مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ ، قَالَ : فَأَكَلَ ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ ، قَالَ : نَمْ ، فَنَامَ ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ : نَمْ ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ :
سَلْمَانُ قُمِ الآنَ ، فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ : إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( صَدَقَ سَلْمَانُ ) .
وفي رواية في "علل الدارقطني" (8/128) أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قال لأبي الدرداء: ( سلمان أفقه منك ) .
قال العيني في "عمدة القاري" (11/82) : " فيه جواز النهي عن المستحبات إذا خشي أن ذلك يفضي إلى السآمة والملل وتفويت
الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب " . وعلى فرض أن زوجك لا شهوة له ، فمن الممكن أن يُكره نفسه على الجماع إن كان حريصاً على قضاء حقك ، وابتغاء الذرية الصالحة ،
وهذا ما يفعله الزوج الصالح في حال كراهته للجماع ، كما قال عمر رضي الله عنه :
( وَاللَّهِ إِنِّي لأُكْرِهُ نَفْسِى عَلَى الْجِمَاعِ رَجَاءَ أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنِّى نَسَمَةً تُسَبِّحُ ) . أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (7/79)
ثم إنه يجوز لزوجك أن يقضي شهوتكِ بيده إن كان لا يريد مجامعتك ، ودل على ذلك قوله تعالى :
( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ يْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) المؤمنون/5-6
فسبل الحلال متوفرة - والحمد لله - ، ولا يجوز لكِ اللجوء إلى فعل المحرم ما دامت سبل الحلال متوفرة .
لذا فإنه لا بد من المصارحة ، ولك الحق في طلب فراقه إن استمر على ذلك .
ونسأل الله تعالى أن يصلح شأنك ، ويهدي زوجك ، ويجمع بينكما في خير . والله تعالى أعلم . |
|