اروه احمد
عدد المساهمات : 363 تاريخ التسجيل : 26/11/2011
| موضوع: تقول " أكره والدي كثيراً فهو السبب في تعاستي فهل ألام على كرهي له ؟ " السبت أبريل 07, 2012 5:45 am | |
| تقول " أكره والدي كثيراً فهو السبب في تعاستي فهل ألام على كرهي له ؟ "
السؤال: أنا فتاة أبلغ من العمر 30 سنة ، ما أعاني منه أني أكره والدي بشدة ولا أطيق أن أسمع حتى أخباره , أبي قد أجرم في حقي وحق والدتي وإخوتي ، تركني وأنا صغيرة في عمر الثامنة ورحل إلى بلد آخر وتزوج من أخرى ونسي أنه لديه ابنتين صغيرتين ، أنا وأختي كنا في حاجة لوجوده معنا لكن لم يهتم لذلك فكل ما يهمه نفسه , تركنا أنا وأمي وأختي عند إخواني المتزوجين ، زوجاتهم كانوا قساة القلوب علينا ، يختلقون المشاكل ، وإخواني يصدقونهم ، وحتى وصل الأمر إلى طردنا أنا وأمي وأختي لنعيش فترة في بيت أختي المتزوجة ، وكثير من المصاعب مرت علينا ، ألوم والدي ؛ لأنه لم يفكر بنا ولم يوفر لنا العيش الهانئ ، تتقاذفنا الأقدار بكل قسوة وظلم ، بعدها هاجرنا مع والدتي إلى نفس البلد الذي فيه والدي ، وكان قد أنجب أولاداً من الأخرى ، لم يعدل بيننا ، عشنا ظروفاً قاسية ، لم يصرف علينا ، حتى أمي المسكينة كانت تبيع ملابسنا المستعملة لتوفير الأكل لنا ، وكبرنا وما زلتُ لا أرى من أبي أي اهتمام ، أكرهه بشدة ، فهو لا يستحق حتى كلمة " أب " ؛ لم يوفِّر العيش الكريم لي ولأختي ، ولم يهتم بمستقبلنا من ناحية الزواج والاستقرار , أصبحتُ قاسية بسبب الظروف الصعبة التي مررت بها ، والآن قد باع بيتا له وأعطى الأموال كلها لزوجته الأخرى وأولادها ونحن لم يذكرنا بشيء أبداً , أكرهه جدّاً ، فهل أُلام على كرهي له ؟ وما هو حكم الشرع في ذلك ؟
الجواب : الحمد لله أولاً: نسأل الله تعالى أن يجبر مصابكم وأن يزيل آلامكم وأن يكتب لكم الأجر ، كما نسأله تعالى أن يهدي والدكم فقد أساء غاية الإساءة بذلك الإهمال المتعمد لأسرته التي أوجب الله تعالى عليه رعايتها والعناية بها ، وخاصة أن من فرَّط فيهم من أسرته هم الضعفاء منهم ، كما أن أباكم قد وقع في ظلم أمكم فلم يعطها حقها من النفقة ولم يعدل بينها وبين زوجته الأخرى ، كما أنه وقع في الظلم في العطية حيث أعطى أولاده من زوجته الأخرى دون أولاده من الزوجة الأولى ، وكل ما فعله أبوكم هو معاصٍ واضحة بيِّنة وتفريط فيما أوجب الله تعالى عليه ، وهو مستحق للوعيد إلا أن يتوب لربه ويرجع عن غيِّه ويقيم العدل في أسرتيه ويصلح ما أفسده ، فإن فعل ذلك وجد ربَّه توَّاباً رحيماً . ثانياً: مع كل ما فعله والدكم فإنَّ حقَّه في البرِّ والطاعة في المعروف محفوظان بنص الشرع ، وإذا كان الله تعالى قد ذكر حق الوالد المشرك – بل والداعي لأولاده لأن يشركوا بربهم عز وجل – بالبر والصحبة بالمعروف فلأن يكون ما دونه في السوء أولى وأحرى بذاك البر وتلك المصاحبة بالمعروف ، قال تعالى : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/ 15 ، فإذا استحق الأب الوعيد على معاصيه وتفريطه في الواجبات الشرعية ، فإن الأولاد العاقين وغير البارين بوالديهم متوعدون – كذلك - على أفعالهم ، وليس من الجائز مقابلة العقوق بعقوق ولا مقابلة الظلم بظلم . ثالثاً: أما البغض القلبي للوالد العاصي أو الكافر فإن الأولاد لا يلامون عليه ، ولا يتنافى هذا مع برِّه وطاعته بالمعروف ، لكن عليك أن تمسكي لسانك عن الإساءة إليه ، وأن تمسكي يدك أيضا عن الإساءة إليه .
وبما أن الأمر قد وقع من والدكم ، وقد تحملتم من الآلام ما تحملتم ، فإننا نوصيكم باحتساب ما جرى معكم عند الله ، ونوصيكم بالدعاء لوالدكم بالهداية والتوبة وإصلاح ما أفسد ؛ فهو أحوج ما يكون لرحمة الله تعالى والمن عليه بالتوبة . إن الله تعالى أمر الأبناء ببر والديهم والإحسان إليهم ، ونهاهم عن عقوقهم والإساءة إليهم ، وغرس فيهم من المحبة الفطرية ما يعينهم على ذلك البر والإحسان ، وينفرهم من العقوق والعصيان . فإذا ما قدر أن يقع من الوالدين ، أو أحدهما ، شيء من المعاصي الشرعية التي يطلع عليها الأبناء ، أو تلك التي تكون في حق أبنائهم أصالة ، فينبغي على الابن أن ينظر إليهما بعين الرحمة والشفقة على ما وقعا فيه ، والحرص على هدايتهما ونجاتهما من معصية الله جل جلاله. فإذا غلب الإنسان ، فوقع في قلبه شيء من الكراهة لهما ، فليجاهد نفسه على ضبط الأمور ، فتكون الكراهة لفعلهما ، وليس لذاتهما ؛ بحيث يكون اجتهاده ورغبته الصادقة في نجاتهما من معصية الله ، ورجوعهما إلى طاعته ، ليزول الداعي إلى تلك الكراهة . فإذا غلب ـ أيضا ـ على شيء من ذلك ، أو بقي في قلبه من النفرة أو البِغضة ، التي لها سبب ظاهر ، ما لم يجد له دفعا ، فيرجى له ألا يؤاخذ بذلك ، إن شاء الله ، وألا يكون عليه فيه حرج ، لا سيما إذا كان ذلك في حق والد كافر ، أو ظاهر الفسوق والعصيان ، أو مبتدع منافر للسنة وأهلها ، أو نحو ذلك .
غير أن ذلك كله ليس عذراً يبيح التفريط في برهما ، أو الوقوع في شيء من العقوق الظاهر لهما ، بالقول أو بالفعل . قال تعالى – في حق الوالدين المسلميْن - : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/ 23 ، 24 . سئل علماء اللجنة الدائمة : إنني أجد بغضا وكراهية لأبي ؛ وذلك غضباً لله عز وجل ، فإنه ما من بيت من بيوت الجيران إلا ونظر على شأنهم ، وكم من المشاكل حدثت بسبب هذا الموضوع ، وعلمت حقّاً بما قاله ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سيأتي زمان على هذه الأمة يذوب فيه قلب المؤمن كما يذاب الملح في الماء ، وذلك لكثرة ما يجد ولا يقدر أن ينكره ، وإنه يسبب لي المشقة لعلمي أن معصية الوالدين من الكبائر . فأجابوا : عليك بالإحسان إلى والدك وبذل المعروف له وطاعته في غير معصية الله عز وجل ، وحاولي بذل النصيحة له إن قدرت عليها ولم تخشي مفسدة أعظم . الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 25 / 155 ، 156 ) . وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - : أبونا قد هجر أمَّنا ، هو يعاملنا بقسوة ، ولا يعطينا شيئاً ، علماً بأنه يملك الكثير من الأموال ، مما أحدث في قلوبنا شيء من الكراهية له ، فبماذا توجهونه ؟ مأجورين . فأجاب : الواجب عليه : أن ينفق على أبنائه إذا كانوا فقراء ، الواجب عليه : أن ينفق عليهم ، وأن يعاملهم باللطف والإحسان والخلق الحسن ، والواجب على أولاده أيضاً : أن يعرفوا قدْره ، وأن يبرُّوه ، وأن يخاطبوه بالتي هي أحسن ، وإذا دعت الحاجة إلى أن يرفعوا الأمر إلى المحكمة : فلا بأس ، يقولون : والدنا ، ونحن فقراء ولم ينفق علينا ، يرفعون أمره إلى المحكمة ، وإذا توسط لهم بعض الطيبين من الجيران والأقارب لدى الوالد حتى ينفق : فهذا أحسن من المحكمة ، أحسن من الخصومة . وصيتي للأولاد : الرفق ، والبر بالوالد ، والكلام الطيب مع الوالد . ووصيتي للوالد : أن يتقي الله ، وأن ينفق على أولاده المحتاجين ، وأن لا يحوجهم إلى الشكوى إلى المحكمة ، أو إلى توسط للناس ، يجب أن يعدل من نفسه ، وأن يعرف ما أوجب الله عليه ، وأن ينفق عليهم ما داموا فقراء ، وأن يحسن إليهم ، وأن لا يحوجهم إلى شكوى ولا إلى غيرها ، وعلى الأولاد جميعاً أن يجتهدوا في برِّ والدهم ، والكلام الطيب معه ، ومخاطبته بالتي هي أحسن ، وإذا دعت الحاجة إلى أن يطلبوا من أعمامهم أو من بعض جيرانهم أو أصدقاء والدهم أن يتوسطوا لدى والدهم بالإحسان إليهم وإيتاء حقهم بدلاً من الشكوى : فهذا أطيب ، وأحسن . " فتاوى نور على الدرب " ( شريط رقم 261 ) .
فالوصية لمن كان هذا حاله : أن تحتفظ بشعورك تجاه والدك في قلبك ، وأن تجاهد نفسك للتخلص منه ، وأن تصبر على ما ترى من والدك ، وأن تعينه على طاعة ربه وأن لا يقع في مخالفة شرعية ، ولا تنس أن برَّه عليك واجب ، وعقوقه محرَّم ، فأحسن إليه ، وادع الله أن يهديه فهذا من حقه عليك .
وما سبق كله هو في حال أن يكون الوالد مرتكباً لمعصية بينة ، أو منكر يُغضب الله ، وأما أن يكون ما يصدر من الأب ضبطاً لأولاده في أفعالهم ، وقسوة في محلها على المخالف : فمثل هذا لا يجوز معه بغضه البغض القلبي ، ولا ينطبق عليه ما ذكرناه سابقاً ، فليُنتبه لهذا ، فإن كلامنا في العُصاة الظلمة والقُساة البُغاة ، وليس فيمن يقسو في مكانه ، ويضع حدّاً لمخالفات أولاده بما يردعهم ويربيهم . والله أعلم | |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: تقول " أكره والدي كثيراً فهو السبب في تعاستي فهل ألام على كرهي له ؟ " السبت أبريل 07, 2012 1:32 pm | |
| جزاكم الله خيرا اختى وجعله فى ميزان حسناتكم اللهم ارزق ابائنا وامهاتنا الفردوس الاعلى من الجنة ووفقهم ياربنا لما تحبه وترضاه امين |
|