زائر زائر
| موضوع: إذا اعترف الزاني بأبوته لابنه من الزنا ، فهل ينسب إليه ؟ الثلاثاء أبريل 03, 2012 5:22 am | |
| إذا اعترف الزاني بأبوته لابنه من الزنا ، فهل ينسب إليه ؟
السؤال : دخل والدي في الإسلام قبل ولادتي ، لكن ما أحمله عليه هو أنه لا يفهم الدين فهما صحيحا ، ولم يكن يمارس تعاليم الدين ، وهو ووالدتي المسلمة أيضا لم يكونا متزوجين عندما أنجبوني ، ولهذا فقد ولدت من علاقة زنا.
وسؤالي هو : أن والدي يقر ويعترف بأنني ابنته ، وهو الرجل الوحيد المسلم في أسرتي ؛ فهل يكون بذلك وليي ؟ وإذا لم يكن كذلك ، فهل يحق لي اختيار من أحب أن يتولى أمري ؟ وجزاكم الله خيرا .
الجواب : الحمد لله
إذا أقر الزاني واعترف بأبوته لابنه من الزنا ، فهل يلحقه نسبه ، ويعد ابناً شرعياً له ، تترتب عليه جميع أحكام الأبوة والبنوة أم لا ؟
في هذه المسألة خلاف بين العلماء :
فمذهب جمهور العلماء أن ابن الزنا لا ينسب إلى الزاني ، ولو ادعاه واستلحقه به [ استحلقه : طلب أن ينسب إليه ] ، وإنما ينسب إلى أمه فقط .
وذهب جمع من أهل العلم إلى أن الزاني إذا استلحق ولده من الزنا فإنه يُلحق به ، وهو قول بعض السلف ، ورواية عن الإمام أبي حنيفة .
أولاً : نؤكد على أن "ولد الزنا" لا علاقة له بجريمة والديه ، وأن له كامل الحقوق التي للمسلمين ذكرا كان أو أنثى ، وأن عليه أن يتقي الله تعالى ليكون من أهل جنته ورضوانه.
ثانياً : اختلف العلماء في استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشا على قولين ، هل يلحق به أولا .
وبيان ذلك : أن المرأة إذا كانت فراشا ، أي متزوجة ،
وأتت بولد بعد ستة أشهر من زواجها ، فإنه ينسب إلى الزوج ، ولا ينتفي عنه إلا بملاعنته لزوجته . ولو ادعى رجل أنه زنى بالمرأة وأن هذا ابنه من الزنا ،
لم يلتفت إليه بالإجماع ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الولد للفراش وللعاهر الحجر" رواه البخاري (2053) ومسلم (1457).
قال ابن قدامة : ( وأجمعوا على أنه إذا ولد على فراش رجل , فادعاه آخر . أنه لا يلحقه , وإنما الخلاف فيما إذا ولد على غير فراش ).
فإذا لم تكن المرأة فراشا ( زوجة ) ، وجاءت بولد من زنا ، فادعاه الزاني ، فهل ينسب إليه ؟
ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا ينسب إليه.
ونقل عن الحسن وابن سيرين وعروة والنخعي وإسحاق وسليمان بن يسار ، أنه ينسب إليه .
واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
ونقله ابن قدامة رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله ، قال :
( وروى علي بن عاصم , عن أبي حنيفة , أنه قال : لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه , أن يتزوجها مع حملها , ويستر عليها , والولد ولد له ) المغني 9/122
وقال ابن مفلح رحمه الله : واختار شيخنا [ابن تيمية] أنه إن استلحق ولده من زنا ولا فراش لحقه اهـ . الفروع 6/625
وقال ابن قدامة رحمه الله :
( وولد الزنى لا يلحق الزاني في قول الجمهور وقال الحسن , وابن سيرين : يلحق الواطئ إذا أقيم عليه الحد ويرثه . وقال إبراهيم : يلحقه إذا جلد الحد , أو ملك الموطوءة . وقال إسحاق : يلحقه . وذكر عن عروة , وسليمان بن يسار نحوه ) .
وقال شيخ الإسلام : ( وأيضا ففي استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشا قولان لأهل العلم , والنبي صلى الله عليه وسلم قال : " الولد للفراش , وللعاهر الحجر " فجعل الولد للفراش ; دون العاهر . فإذا لم تكن المرأة فراشا لم يتناوله الحديث , وعمر ألحق أولادا ولدوا في الجاهلية بآبائهم , وليس هذا موضع بسط هذه المسألة ) الفتاوى الكبرى 3/178
وقد استدل جمهور العلماء على عدم لحوق ولد الزنى بالزاني بما رواه أحمد (7002) وأبو داود (2265) وابن ماجه (2746) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَضَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا ، أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنَّهُ لا يَلْحَقُ بِهِ وَلا يَرِثُ وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ فَهُوَ وَلَدُ زِنْيَةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ .
والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود ، وحسنه الأرناؤوط في تحقيق المسند. واستدل به ابن مفلح لمذهب الجمهور.
فقضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ولد الزنى لا يلحق بالزاني ولا يرثه ، حتى لو ادعاه الزاني .
ولاشك أن إلحاق الولد بشخص ما ، أمر عظيم يترتب عليه أحكام كثيرة ، من الإرث ، والمحرمية له ولأقاربه .
والحاصل أن الفتاوى التي صرحت بانتفاء نسب ولد الزنا من الزاني ، موافقة لما عليه جمهور العلماء .
وأما الشيخ ابن جبرين حفظه الله ، فلعله بنى كلامه على القول الآخر الذي ذكرنا أصحابه فيما سبق .
وبناء على قول الجمهور ، فإن ولد الزنا – ذكرا كان أو أنثى – لا ينسب إلى الزاني ، ولا يقال إنه ولده ، وإنما ينسب إلى أمه ، وهو محرم لها ، ويرثها كبقية أبنائها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
( وأما الولد الذي يحصل من الزنا ، يكون ولدا لأمه ، وليس ولدا لأبيه ؛ لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
" الولد للفراش وللعاهر الحجر " العاهر : الزاني ، يعني ليس له ولد . هذا معنى الحديث .
ولو تزوجها بعد التوبة فإن الولد المخلوق من الماء الأول لا يكون ولدا له ، ولا يرث من هذا الذي حصل منه الزنا ولو ادعى أنه ابنه ، لأنه ليس ولدا شرعيا ) انتهى ،
نقلا عن : فتاوى إسلامية 3/370
وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله (11/146) : الولد المخلوق من ماء الزاني لا يسمى ولدا للزاني اهـ .
والقول بأن ابن الزنا يلحق بالزاني إذا استلحقه ، ولم تكن أمه فراشا لأحد [ يعني : لم تكن زوجة لرجل آخر ] : أقرب وأظهر ، والله أعلم ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وتلميذه ابن القيم . ينظر: " الاختيارات الفقهية " ( ص 477) و "زاد المعاد" (5/374) .
روى الدارمي في سننه (3106) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : " أَيُّمَا رَجُلٍ أَتَى إِلَى غُلَامٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ ابْنٌ لَهُ وَأَنَّهُ زَنَى بِأُمِّهِ ، وَلَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ الْغُلَامَ أَحَدٌ ، فَهُوَ يَرِثُهُ ". قال ابن القيم : " القياس الصحيح يقتضيه ، فإن الأب أحد الزانيين ، وهو إذا كان يلحق بأمه وينسب إليها ، وترثه ويرثها ، ويثبت النسب بينه وبين أقارب أمه ، مع كونها زنت به ، وقد وجد الولد من ماء الزانيين ، وقد اشتركا فيه واتفقا على أنه ابنهما ، فما المانع من لحوقه بالأب إذا لم يدعه غيره ؟ فهذا محض القياس". انتهى من " زاد المعاد " (5/374) .
وبناء على هذا القول : يكون والدك هو وليك الشرعي ، ولا تحتاجين ـ حينئذ ـ أن تختاري شخصاً آخر ليتولى أمرك مع وجوده . والله أعلم |
|