معنى ورود المتقين النار ، ونجاتهم منها؟
السؤال
هل محمد في جهنم ؟ لقد قرأت القرآن ، ودرست الإسلام مع بعض أصدقائي المسلمين ورئيسي المسلم لمدة ستة أشهر، وكنت أقرأ حديثًا في "صحيح البخاري" عن الأذان ، ووجدت حديثًا غريبًا في فضل السجود ، وهو يتحدث أكثر عن جهنم ، وكيف أن جميع المسلمين سوف يحرقون حتى يصبحون هياكل عظمية مع بقاء علامات السجود فقط . أعلم ان القرآن يقول : إننا جميعًا سوف ندخل جهنم ، وننتظر أن يتم إنقاذنا ، ولكن الحديث رقم (770) من "صحيح البخاري" يقول "فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَىْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِه" فهل هذا يعني أن محمد -صلى الله عليه وسلم- في جهنم الآن؟ لأن الحديث يذكر أنه سيكون أول من يعبر الصراط ، وأنا أزعم أن ذلك من أجل الفرار من جهنم وأنه سيقود الرسل. وقد فوجئ أصدقائي بذلك ، وقالوا : إنه يستحيل أن يكون محمد في جهنم ؛ لأن جميع الأنبياء في الجنة ، ويُقَال أيضًا إن الناس الذين يتبعون آلهةً أخرى (النجوم أو الشمس أو غير ذلك) سيكونون في جهنم ، ولكن لا يُذكَر مصير اليهود والنصارى ، فأين هم؟ تذكر معظم آيات القرآن وأحاديث السنة مصير أهل الكتاب ولكن في هذا الحديث لا يوجد ذكر لهم ، فهل هم في جهنم أيضًا؟ أم أنهم ينتظرون في قبورهم؟ أم في الجنة؟ سأكون ممتنًا لردك لأن أصدقائي في العمل يلتبس عليهم الأمر وقال رئيسي في العمل إن أبا هريرة أحد الرواة الثقاتالجواب :
الحمد لله
إذا انقضت حياة الواحد من بني آدم ، ومدته في هذه الدنيا : خرجت روحه من جسده ، وهذا موته ، ويبقى جسده في قبره ، ما شاء الله له أن يبقى ، ويبلى فيه كله ، سوى عجْب الذنب ، كما صح فيه الحديث .
وأما نفس الروح ، إذا فارقت الجسد : فإنها لا تفنى ، ولا تبلى ، ولا تهلك ، بل تكون حيث شاء الله لها أن تكون ، بحسب عملها ؛ فمنها أرواح منعمة ، وأخرى شقية معذبة ، إلى أن يأذن الله بقيام الساعة ، وحشر الناس من قبورهم إلى عرصات القيامة .
قال الشيخ ابن أبي العز رحمه الله تعالى :
" ويتلخص من أدلتها: أن الأرواح في البرزخ متفاوتة أعظم تفاوت، فمنها: أرواح في أعلى عليين، في الملأ الأعلى، وهي أرواح الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه، وهم متفاوتون في منازلهم، ومنها أرواح في حواصل طير خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت، وهي أرواح بعض الشهداء، لا كلهم، بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه ... ومن الأرواح من يكون محبوسا على باب الجنة، كما في الحديث الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رأيت صاحبكم محبوسا على باب الجنة ) .
ومنهم من يكون محبوسا في قبره ، ومنهم من يكون في الأرض، ومنها أرواح في تنور الزناة والزواني، وأرواح في نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة، كل ذلك تشهد له السنة، والله أعلم " انتهى من "شرح العقيدة الطحاوية" (ص 402 - 403).
وأرواح الأنبياء في حياتهم البرزخية : في عليين، كما يدل على ذلك حديث المعراج حيث رأى النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأنبياء عليهم السلام ومكانهم في السماوات، ونبينا صلى الله عليه وسلم الآن معهم في أعلى عليين كما ورد في حديث وفاته صلى الله عليه وسلم.
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: لَنْ يُقْبَضَ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ.
فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى).
قُلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ الحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى ) " رواه البخاري (6348) ، ومسلم (2444).
وأما أجساد الأنبياء : فهي في قبورهم ، في هذه الدنيا ، وهي محفوظة فيها مصونة ، لا يمسسها شيء ، ولم يبل منها لحم ولا بشر ، ولا عظم ؛ فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء .
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (148285).
ثانيا:
بعد قيام الساعة تنتهي هذه الحياة البرزخية ويقوم كل الناس لرب العالمين ولا يبقى أحد في قبره، وذلك بعد النفخة الثانية في الصور ، فيقوم كل الناس من قبورهم ويحشرون.
قال الله تعالى
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ) الزمر/68.
وقال الله تعالى
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ، قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ، إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ، فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) يس /51 – 54.
ومن الثابت بالأدلة الشرعية أن هناك مراحل وأحوالا عدة يمر بها الناس من قيام الساعة وخروج كل الناس من قبورهم وحشرهم إلى دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار؛ ويطول الجواب بتفصيلها، وقد سبق تلخيصها في جواب السؤال رقم : (220511) فيحسن مطالعته للأهمية.
وعلى هذا يجب تنزيل كل خبر من الوحي عن أحوال القيامة بالمرحلة التي تلائمها ، وما يشكل علينا نكل علمه إلى الله تعالى.
وما ذكرت في السؤال من أن القرآن نص على أن الناس جميعا يدخلون النار ، يشير إلى قوله تعالى
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) مريم/71 – 72.
وقوله ( وَإِنْ مِنْكُمْ ) تعمّ جميع المؤمنين، والراجح أن هذا الورود هو ورود حقيقي على النار، لكن المتقين ينجون من عذابها ولا يبقون فيها، وأما الظالمين فيعذبون بها.
غير أن هذا الورود : لا يعني نفس "دخول" النار ؛ بل دلت النصوص على أن هذا الورود للمؤمنين على النار هو نفسه المرور على الصراط الذي جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي ذكرته في سؤالك.
عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ السُّدِّيِّ، قَالَ: " سَأَلْتُ مُرَّةَ الهَمْدَانِيَّ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) فَحَدَّثَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ يَصْدُرُونَ مِنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ ، فَأَوَّلُهُمْ كَلَمْحِ البَرْقِ، ثُمَّ كَالرِّيحِ، ثُمَّ كَحُضْرِ الفَرَسِ، ثُمَّ كَالرَّاكِبِ فِي رَحْلِهِ، ثُمَّ كَشَدِّ الرَّجُلِ، ثُمَّ كَمَشْيِهِ ) رواه الترمذي (3159) وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنِ السُّدِّيِّ فَلَمْ يَرْفَعْهُ ".
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى:
" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: يردها الجميع ثم يصدر عنها المؤمنون، فينجيهم الله، ويهوي فيها الكفار، وورودُهُم هو ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرورهم على الصراط المنصوب على متن جهنم ، فناج مسلَّم ومكدَّس فيها " انتهى من "تفسير الطبري" (15 / 601).
وحديث أبي هريرة الذي ورد في السؤال ، هو :
" أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: ( هَلْ تُمَارُونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟ ) قَالُوا: لاَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ( فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ ) قَالُوا: لاَ، قَالَ: ( فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ القَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا الرُّسُلُ، وَكَلاَمُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟) قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ( فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ اللَّهُ المَلاَئِكَةَ: أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، قَدْ امْتَحَشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ... ) رواه البخاري (806) ، ومسلم (182).
والرواة في سياقهم لأحاديث النبي صلى الله عليهم أحيانا يختصرون نص الحديث ، وأحيانا يستوفون الحديث بكامله على حسب حالهم ومناسبة ذكرهم للحديث، وكذا بحسب سماعهم للحديث؛ فبعضهم يحضر مجلس الحديث من أوله فيسمع الحديث كاملا، وبعضهم يجلس وقد مضى شطرا منه فيسمع بعضه ونحو هذا من الأحوال.
ولهذا السبب إذا أراد الشخص أن يفهم الحديث على وجهه ، فعليه أن يجمع الأحاديث التي في نفس الموضوع حتى تكتمل الصورة؛ فالأحاديث يفسر بعضها بعضا.
وأبو هريرة رضي الله عنه أثناء سياقه للحديث : أجمل بعض مواضعه، وقد ورد حديث آخر فصّل هذا الأجمال.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: " قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: (هَلْ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ إِذَا كَانَتْ صَحْوًا؟ ) قُلْنَا: لاَ، قَالَ: ( فَإِنَّكُمْ لاَ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ، إِلَّا كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا، ثُمَّ قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ: لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ! فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ ، حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ ، مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ ، ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ ، فَيُقَالُ لِلْيَهُودِ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ، لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلاَ وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ: اشْرَبُوا! فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ، لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ، وَلاَ وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ: اشْرَبُوا! فَيَتَسَاقَطُونَ، حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يَحْبِسُكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ؟ فَيَقُولُونَ: فَارَقْنَاهُمْ، وَنَحْنُ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَيْهِ اليَوْمَ، وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي: لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا، قَالَ: فَيَأْتِيهِمُ الجَبَّارُ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَلاَ يُكَلِّمُهُ إِلَّا الأَنْبِيَاءُ، فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ؟ فَيَقُولُونَ: السَّاقُ، فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدَ، فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ )، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الجَسْرُ؟ قَالَ: ( مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ، وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ، تَكُونُ بِنَجْدٍ، يُقَالُ لَهَا: السَّعْدَانُ، المُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ ، وَكَأَجَاوِيدِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا ... ) رواه البخاري (7439) ، ومسلم (183).
ويتبيّن بالجمع بين الحديثين الآمور الآتية:
الأمر الأول:
أن هذا الحديث يتحدث عن قضية المرور على الصراط ، وهذه حادثة ليست من متعلقات الحياة البرزخية ، التي ينتقل إليها الناس بعد موتهم ، وقبل قيام الساعة ؛ بل لها وقت محدد ، بعد أن يقوم الناس من قبورهم ، ويحشروا في عرصات القيامة ، وتكون بعد مرور الناس على أهوال القيامة وقبيل دخول أهل الجنة إلى الجنة كما بُيِّن في الفتوى رقم : (220511).
الأمر الثاني : أن الناس بعد الحساب ينقسمون إلى قسمين:
قسم: يحتوي على أهل الشرك ، كعبدة الكواكب والأصنام والنيران ، فهؤلاء يساقون إلى جهنم.
كما في حديث أبي سعيد الخدري السابق: ( لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ ).
وكذلك المشركون ممن يدعي اتباع الأنبياء، حيث ورد في حديث أبي سعيد : ( ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ، فَيُقَالُ لِلْيَهُودِ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ، لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلاَ وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ: اشْرَبُوا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ، لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ، وَلاَ وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ: اشْرَبُوا فَيَتَسَاقَطُونَ ).
وأما القسم الثاني: فهم الذين أظهروا التوحيد من أتباع الأنبياء، فهؤلاء هم الذين يمّرون على الصراط المضروب على جهنم وهو الطريق إلى الجنة. وقد فصّل هذا حديث أبي سعيد:
( حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يَحْبِسُكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ؟ فَيَقُولُونَ: فَارَقْنَاهُمْ، وَنَحْنُ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَيْهِ اليَوْمَ، وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي: لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا، قَالَ: فَيَأْتِيهِمُ الجَبَّارُ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَلاَ يُكَلِّمُهُ إِلَّا الأَنْبِيَاءُ، فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ؟ فَيَقُولُونَ: السَّاقُ، فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدَ، فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ ).
الأمر الثالث: مرور الموحدين على الصراط الذي يمر بجهنم، تختلف سرعة هذا المرور من شخص إلى آخر، ففي الحديث ( المُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ، وَكَأَجَاوِيدِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا ... ).
ومدار هذا السرعة على إيمان المار وصلاح عمله؛ كما ورد في حديث ابن مسعود عند الترمذي والذي سبق ذكره:
( يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ يَصْدُرُونَ مِنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ، فَأَوَّلُهُمْ كَلَمْحِ البَرْقِ، ثُمَّ كَالرِّيحِ، ثُمَّ كَحُضْرِ الفَرَسِ، ثُمَّ كَالرَّاكِبِ فِي رَحْلِهِ، ثُمَّ كَشَدِّ الرَّجُلِ، ثُمَّ كَمَشْيِهِ ).
ولا شك أن الأنبياء ومنهم نبينا صلى الله عليه وسلم هم أعلى المؤمنين مرتبة في الإيمان والعمل الصالح، وهذا أوضح من أن تساق له الأدلة، فهم عليهم الصلاة والسلام أسرع المؤمنين مرورا على الصراط فمرورهم سيكون كالطرف.
وأمّا من تمّسه النار وألمها من المارين على الصراط ، فبسبب ذنوبه وأعماله السيئة.
كما في حديث أبي هريرة: ( تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو ).
وهذا متعلق بعصاة المؤمنين ولا شك أن الأنبياء ليسوا منهم.
الأمر الرابع:
ومما سبق يعلم أن الجملة في حديث أبي هريرة: ( فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ ) هي ليست متعلقة أصلا بقضية المرور على الصراط ، بل لها مقام آخر ، وهو مقام الحديث عن عصاة الموحدين ، الذي يدخلون النار – فعليا – بمعاصيهم ؛ فيعذبون في النار بهذه المعاصي ، وتأكل من أجسادهم ما تأكل ، إلا موضع السجود ، فإنها لا تأكله ، وبه تعرفهم الملائكة وهم في النار .
لكن الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين فهؤلاء ناجون ، فلا يقعون ، ولا يخدشون ، بل هم أعظم الناس مرورا على الصراط ، وأبعد الناس عن جهنم وعذابها ولفحها ولهيبها ، وحاشاهم من ذلك .
قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) الأنبياء /101-103 .
بل أمَّن الله أقواما من المؤمنين ، من أن ينالهم من النار سوء ، ولا أذى ، هم أدنى درجة من الأنبياء بكثير ، فكيف بأنبياء الله المكرمين .
وفي حديث جَابِر بْنِ عَبْدِ اللهِ، قال: " أَخْبَرَتْنِي أُمُّ مُبَشِّرٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ: (لَا يَدْخُلُ النَّارَ، إِنْ شَاءَ اللهُ، مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ، الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا ).
قَالَتْ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ! فَانْتَهَرَهَا.
فَقَالَتْ حَفْصَةُ: ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ).
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) " رواه مسلم (2496).
وقد وضّح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ حيث قال:
" فالذين نجاهم الله بعد الورود - الذي هو العبور - لم يدخلوا النار.
ولفظ "الورود" و "الدخول" : قد يكون فيه إجمال ؛ فقد يقال لمن دخل سطح الدار: إنه دخلها ، ووردها، وقد يقال لمن مرّ على السطح ، ولم يثبت فيها: إنه لم يدخلها.
فإن قيل: فلان ورد هذا المكان الرديء ، ثم نجاه الله منه، وقيل فلان: لم يدخله الله إياه، كان كلا الخبرين صدقاً لا منافاة بينهما.
وقوله تعالى: ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )، بيان فيه نعمة الله على المتقين: أنهم مع الورود ، والعبور عليها ، وسقوط غيرهم فيها : نجوا منها، والنجاة من الشر لا تستلزم حصوله ، بل تستلزم انعقاد سببه، فمن طلبه أعداؤه ليهلكوه ، ولم يتمكنوا منه، يقال: نجاه الله منهم.
ولهذا قال تعالى: ( وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ).
ومعلوم أن نوحاً لم يغرق ثم خُلِّص ؛ بل نُجِّي من الغرق الذي أهلك الله به غيره ، كما قال: ( فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ ).
وكذلك قوله عن لوط: ( وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ ) ؛ ومعلوم أن لوطاً لم يصبه العذاب الذي أصابهم من الحجارة والقلب وطمس الأبصار.
وكذلك قوله: ( وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ )، وقوله: ( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ).
وأمثال ذلك يبين سبحانه أنه نجَّى عباده المؤمنين من العذاب الذي أصاب غيرهم، وكانوا معرَّضين له، لولا ما خصَّهم الله من أسباب النجاة - لأصابهم ما أصاب أولئك.
فلفظ (النجاة من الشر) يقتضي انعقاد سبب الشر، لا نفس حصوله في المُنَجَّى.
فقوله تعالى: ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا )، لا يقتضي أنهم كانوا معذبين ثم نجوا، لكن يقتضي أنهم كانوا معرضين للعذاب الذي انعقد سببه، وهذا هو الورود " انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (7 / 49 - 51).
وبعد ، فإنا نرجو أن يكون السائل قد تبين له الفهم الصحيح لهذه الآيات ، وزال عنه الإشكال في هذه القضية ، وهي واضحة بحمد الله لا لبس فيها .
فأرواح الأنبياء : منعمة في الحياة البرزخية ، أعظم نعيم ينعمه أهل القبور .
ثم إذا صاروا إلى موقف الحشر وقام الناس لرب العالمين ، كان مقامهم في الدار الآخرة أعظم مقام ، وكانوا أبعد الناس عن أن يصيبهم شيء من لفح جهنم ، وقد صانهم الله عن أن يدخلوها ، أو يجدوا شيئا من حرها .
ثم إذا دخل أهل الجنة الجنة : كانوا فيها في أعظم مقاماتها ، ونزلوا أرفع درجاتها ، ونالوا أجل نعيم في جناب الرضوان .
هدانا الله وإياك لما يحبه ويرضاه من العلم النافع ، والعمل الصالح ، وشرح صدورنا إلى نور الإسلام ، ونعمنا به إلى أن نلقاه .
والله أعلم.