ثروت Admin
عدد المساهمات : 1166 تاريخ التسجيل : 18/06/2014 الموقع : خى على الفلاح
| موضوع: الترهيب من أهوال النار الجمعة أكتوبر 27, 2017 6:36 am | |
| إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. عباد الله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}. أهلكت كثيرًا من الناس الأماني، إيمان بلا أثر، وقول بلا عمل. يقول الحسن البصري -رحمه الله-: "أمؤمنون بيوم الحساب هؤلاء؟! كلا، كذبوا ومالك يوم الدين. لا يدخل الجنة إلا من يرجوها، ولا يسلم من النار إلا من يخافها، ورود النار متيقَّن: {وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً}[مريم:71]، ولكن هل الخروج منها متيقن؟! أين الخوف من هول ذلك المورد؟ ومن ترى بالنجاة والفكاك يحظى ويسعد؟". وقال موسى بن سعد: "كنا إذا جلسنا إلى سفيان كأن النار قد أحاطت بنا لما نرى من خوفه وجزعه". من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل: {قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ . فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ . إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور:26-28] . عباد الله، ونحن في هذه الأيام نعيش شدة الحر الذي هو أحد نفسي جهنم؛ «اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضا. فجعل لها نفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف. فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها، وشدة ما تجدون من الحر من سمومها». ونحن نلمس هذا النفس وأثره، فعلينا أن نتذكر وأن نخاف من هذه النار التي أخبر الله عنها في كتابه وصحت به الأخبار عن نبينا محمد من الوعيد للمكذبين، والخوف على المقصرين، حديث عن النار وأهلها وأهوالها -أعاذنا الله منها بمنِّه وكرمه-: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6] . وقال الحسن البصري رحمه الله: "والله ما صدّق عبد بالنار إلا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وإن المنافق لو كانت النار خلف ظهره ما صدّق بها حتى يتجهم في دركها، والله ما أنذر العباد بشيء أدهى منها". {فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى . لاَ يَصْلَاهَا إِلاَّ الأشْقَى . الَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل:14-16]. نار السعير لا ينام هاربها، الخوف منها فلذ أكباد الصالحين؛ {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ . َنذِيراً لِّلْبَشَرِ . لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر:35-37]. ألم تعملوا أن التخويف من النار نال الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين؟! قال الله عز وجل في شأن الملائكة: {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّي إِلَهٌ مّن دُونِهِ فَذالِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِى الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:29] . وقال في حق الأنبياء: {وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا} [الأسراء:39]. اتقوا النار ولو بشق تمرة، اتقوا النار بكلمة طيبة، أكثروا من ذكرها واعملوا للنجاة منها؛ {ذلِكَ يُخَوّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ياعِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر من الآية:16]. النار شر دار، وعذابها شر عذاب، حرها شديد وقعرها بعيد، ومقامعها حديد، يهوي الحجر من شفيرها سبعين خريفًا ما يدرك قعرها. مسالكها ضيقة، ومواردها مهلكة، يوقد فيها السعير، ويعلو فيها الشهيق والزفير، أبوابها مؤصدة، وعمدها ممددة، يرجع إليها غمها، ويزداد فيها حرها. جثت الأمم على الركب، وتبين للظالمين سوء المنقلب، انطلق المكذبون إلى ظل ذي ثلاث شعب، لا ظليل ولا يغني من اللهب، وأحاطت بهم نار ذات لهب، ونادتهم الزبانية: {فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبّرِينَ} [النحل من الآية:29]، والزبانية تقمعهم، في مضايقها يتجلجلون، وفي دركاتها يتحطمون. ترى المجرمين مقرنين في الأصفاد، سرابيلهم من قطران، وتغشى وجوههم النار. الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون، وبالنواصي والأقدام يؤخذون، وفي الحميم ثم في النار يسجرون. يصب من فوق رءوسهم الحميم -وهو الماء الحار-، يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد فوق رءوسهم. تكوى جباههم وجنوبهم وظهورهم {ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ} [القمر:48]. طعامهم الزقوم والضريع -نبات ذو شوك لاصق بالأرض-، لا يسمن ولا يغني من جوع. شرابهم الحميم والغساق -صديد أهل النار-، يشوي الوجوه ويقطع الأمعاء،؛ {يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم من الآية:17]. {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} [فاطر:37]. {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ} [النساء من الآية:56]. يتمنون الموت والهلاك، ولكن أين المفر؟ ومتى الفكاك؟ {وَنَادَوْاْ يا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ . لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقّ كَارِهُونَ} [الزخرف:77-78]. ثم يعلو شهيقهم، ويزداد زفيرهم، وقد حيل بينهم وبين ما يشتهون، فيعظم يأسهم، ويرجعون إلى أنفسهم: {سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ} [إبراهيم:21]. نعوذ بالله من عظيم غضبه وأليم عقابه. هذه أخبار صدق عن جهنم ولظى، وأنباء حق عن السعير والحُطمة، والله لتملأن والله لتملأن: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنْى لأمْلانَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة:13]. فويل لكل مشرك ومشركة، وويل لكل ظالم وظالمة ممن طغى وبغى وآثر الحياة الدنيا: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} [الرحمن:41]. {حَلاَّفٍ مَّهِينٍ . هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ . مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ . عُتُلٍ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم:10-13]. لا يؤمن بالله العظيم، ولا يحض على طعام المسكين، لم يكُ من المصلين، ولم يكُ يطعم المسكين، يخوض مع الخائضين، ويكذب بيوم الدين. هؤلاء هم أصحاب الجحيم عياذاً بالله. عباد الله، النار موعود بها مدمن الخمر وقاطع الرحم والمصدق بالسحر والمنان والنمام، «وما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار» (رواه البخاري). موعود بها الذين يكنزون الذهب والفضة ولا يخرجون حقها من زكاتها. ومن أشد الناس عذاباً طائفتان: «المصورون الذين يضاهئون خلق الله، والذين يعذبون الناس في الدنيا» (رواه البخاري ومسلم). موعود بها من يقارف الفاحشة ويأكل أموال الناس بالباطل. وأصناف من القضاة في النار، ومن غش رعيته فهو في النار، (رواه البخاري ومسلم). و«من بايع إمامه لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يعطه لم يف موعود بها». و«من اقتطع مال أخيه بيمين فاجرة فليتبوأ مقعده من النار» (رواه مسلم). والذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم، رواه البخاري ومسلم. {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} [النساء:10]. وويل لأكلة الربا ثم ويل لأكلة الربا، ويل لأكلة الميسر «كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به» (رواه الإمام احمد والترمذي وابن حبان). و«صنفان من أهل النار: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، والكاسيات العاريات المائلات المميلات على رءوسهن كأسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها» (رواه مسلم). و«النائحة إذا لم تتب تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب» (رواه مسلم). و«المكر والخداع في النار» (رواه الطبراني والبيهقي وصححه ابن حبان). و«الفجور يهدي إلى النار» (رواه البخاري ومسلم). و«شر الناس منزلة عند الله من تركه الناس اتقاء فحشه» (رواه البخاري ومسلم). وويل للذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة. عباد الله، وقانا الله عذاب السموم، هذه أنواع من أهوال النار وصنوف من أهلها، فاتقوا الله، واتقوا النار، اتقوا النار بالبكاء من خشية الله، فلن يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع. و«عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله» (رواه البخاري ومسلم). و«من صام يوماً في سبيل الله زحزح الله عن النار سبعين خريفاً» (رواه البخاري ومسلم). تعوذوا بالله من النار فهذا دأب الصالحين الذاكرين. ملائكة الله السياحون يمرون بمجالس الذكر ثم يسألهم ربهم عن أحوال الذاكرين، فيقول لهم وهو أعلم بهم: «مِمَّ يتعوذون؟ فيقولون: من النار. فيقول: وهل رأوها؟ قالوا: لا. والله ما رأوها. فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا وأشد منها مخافة؟ قال فيقول: إني أشهدكم أني قد غفرت لهم» رواه البخاري ومسلم. وفي مسند أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة: «ما سأل رجل مسلم الجنة ثلاثاً، إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ولا استجار رجل مسلم من النار ثلاثاً، إلا قالت النار: اللهم أجره مني». اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، ربنا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار. أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه غفور رحيم. | |
|