كانا صاحبين..
بل قيل إنهما كانا أيضا شريكيْن
بل وورد أنهما كانا شقيقين
ثم افترقا.. مع ما كان بينهما من صحبة أو أخوة أو شراكة، فإن ثمة مواقف محورية تصير فيها المفارقة والمفاصلة مآل ومصير لابد منه ولا محالة من الوصول إليه مهما بلغت درجة القرب أو الصحبة الموجودة قبل تلك النقاط المحورية واللحظات الفاصلة والمواقف الكاشفة الفاضحة. في مثل ذلك دعا موسى عليه السلام ربه جل وعلا أن يفرق بينه وبين القوم الفاسقين فقال: {رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}[المائدة: 25].
وفي مثله افترق الصاحبان اللذان نتحدث عنهما:
♦ صاحب الجنتين المجرم. ♦ وصاحبه المؤمن. وثمة شخصيات لا تذكر في القرآن ضمن سياق منفصل عن مقابلها أو نقيضها
فبضدها تتمايز الأشياء وتظهر الخصائص المميزة لكل نقيض. من أوضح نماذج ذلك الاقتران بين متناقضين، هذا النموذج الذي بين أيدينا في هذا الفصل. نموذج صاحب الجنتين وصاحبه المؤمن: في الموضعين اللذين وردت فيهما قصتهما في سورة الكهف وسورة الصافات فإن هذين النموذجين ورغم التضاد الواضح والتناقض الصارخ بين خصائص كل منها إلا أن أحدهما لم يذكر أبدا في سياق منفصل عن نقيضه. نقيضه الذي كان يوما صاحبه: حتى جاءت لحظة المفاصلة التي نتحدث عنها.. عندئذ افترقا.. لكن هذا الافتراق لم يحدث إلا بعد حوار ولم يسارع إليه المؤمن إلا وقد استنفذ قبله سبل الإقناع وطرق أبواب النصح واستعمل ما استطاع من وسائل الدعوة ترغيبا وترهيبا وبيانا وتذكيرا كما سيأتي في السطور القادمة إن شاء الله