ثروت Admin
عدد المساهمات : 1166 تاريخ التسجيل : 18/06/2014 الموقع : خى على الفلاح
| موضوع: أهمية علم العقيدة الجمعة مايو 05, 2017 4:18 am | |
|
إنَّ الحَمدَ لله نحمدُهُ ونستعينهُ ونستهديهِ ونشكرُهُ ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنَا ومن سيئاتِ أعمالنا، مَن يهدِ الله فلا مُضِلَّ لهُ ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلـهَ إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ خالقُ الليلِ والنهارِ، شديدُ البطشِ العزيزُ القهّار، الكريمُ الغفّارُ. وأشهدُ أنَّ سيّدَنا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ المختارُ صلّى الله عليهِ وعلى ءالهِ الأخيارِ وصحابَتِهِ الطيبينَ الأطهارِ صلاةً وسلامًا يتعاقبانِ تَعاقُبَ اللّيلِ والنهارِ.
أمّا بعدُ عبادَ الله فإنّي أوصيكُم ونفسي بتقوَى الله الذي تَنَزّه عنِ الكيفِ والشّكلِ والصّورةِ والزّمانِ، الذي لا يحويهِ جهةٌ ولا يَحُدُّهُ مكانٌ، الذي أَنْزَلَ على قلبِ نبيّهِ وحبيبِهِ المصطفى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ *﴾ [سورة الانبياء] .
أيّها الإخوةُ، إنّ أمورَ الدّينِ ليست في مرتبةٍ واحدةٍ بل بعضُها أهمُّ مِنْ بعضٍ، والعبرةُ بموافَقَةِ الأعمالِ شريعةَ رسولِ الله وهذا لا يُعرَفُ إلا بالعلمِ، فالعلمُ هوَ الذي يُعْرَفُ بهِ ما هوَ الأفضلُ ثُمَّ الأفضلُ منَ الأعمالِ، وقد قالَ الإمامُ النوويُّ رحمَهُ الله : «إِنَّ الاشتغالَ بالعِلمِ أَوْلَى ما أُنْفِقَتْ فيهِ نَفَائِسُ الأوقاتِ». أي أفضَلُ ما شُغِلَتْ بهِ الأوقاتُ الطَّيّبَةُ.
فالعِلْمُ حياةُ الإسلامِ، العلمُ هوَ السّلاحُ لِدَفْعِ شُبَهِ وتَشْوِيشَاتِ المُفْسِدِينَ مِنَ المشبّهة الذينَ يُشَبّهونَ الله تعالى بخلقِهِ، وغيرهم من أصحاب العقائد الزائغة فالرجلُ الذي لا يَتَسَلَّحُ بسِلاحِ العلمِ مَهْمَا كانَ مُتَعبّدًا ومهْمَا كانَ مُكْثِرًا للذّكْرِ فهوَ عُرْضَةٌ لأنْ تُشَوّشَ المُشبّهةُ عليهِ. لذلكَ قالَ إمامُ أهلِ السُّنَّةِ أبو الحَسَنِ الأشعريُّ رضيَ الله عنهُ: «أفضَلُ العلمِ العِلمُ بالله ورسولِهِ وأمورِ دينِه». إن أهمَ العلومِ علمُ العقيدةِ، فقَدْ قالَ الإمامُ النوويُّ وغيرُهُ منَ العلماءِ: «يجِبُ على طريقِ فرضِ الكفايةِ أنْ يَكُونَ فِي المُسْلِمِينَ مَنْ يقومُ ببيانِ عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ بدَلائِلِها العقليةِ والنقليَّةِ لِدَفْعِ تَشْكِيكَاتِ المُشَبّهَةِ الذينَ يُشَبّهُونَ الله بخَلْقِهِ ويَجْعَلُونَ الله جِسْمًا يَسْكُنُ ويَتَحَرَّكُ ويَنْزِلُ ويَطْلَعُ ويَقُولُونَ إنَّهُ مُتَحَيّزٌ في جِهَةِ فَوْقُ».
وَلْيُعْلَمْ إِخْوَةَ الإيمَانِ أَنَّ مَنْ ماتَ على عَقِيدَةِ التَّشبِيهِ ماتَ على خِلافِ عقيدةِ المسلمينَ فهذا لا يَشَمُّ رائحةَ الجنةِ بَلْ يَدْخُلُ إلى النَّارِ ولا يُخرَجُ منها أبدًا كمَا أخْبَرَ سبحانَهُ وتَعَالى في القرءانِ بقولِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا *خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لاَ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا *﴾ [سورة الأحزاب] .
إن الثَّبَات عَلَى عقيدةِ الحقّ هوَ السَّبيلُ للنجاةِ في الآخِرَةِ، لأَنَّ الإيمانَ هُوَ الأصلُ الذي لا تَصِحُّ الأَعْمَالُ بدونِهِ.
ومِنْ أصولِ الإيمانِ أَنْ يَعْتَقِدَ المُسْلِمُ أنَّ الله تعالى لا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنَ الموجوداتِ، لا يُشْبِهُ الإنسانَ ولا النَّبَاتَ وَلا الجَمَادَاتِ ولا الملائكةَ ولا الجِنَّ، لا يُشْبِهُ الهواءَ ولا الرُّوحَ، سُبْحانَهُ هوَ خالِقُ الأشياءِ كلّها فلا يُشبِهُ شيئًا مِن خلقِهِ.
إخوةَ الإيمانِ، إنَّ علمَ التوحيدِ يُقالُ لهُ علمُ الكَلامِ وهوَ علمٌ يُقَرّرُهُ أهلُ الحقّ وليسَ مَذْمُومًا كما تَظُنُّ المُجَسّمَةُ فإنَّ من السَّلَفِ الصالح مَنِ اشتَغَلَ بهِ تأليفًا وتَعْلِيمًا وتَفْهِيمًا، ومِنْهُم مَنْ عرَفَهُ لنفسِهِ ولَمْ يَشْتَغِلْ بهِ تأليفًا وتفهيمًا لأنَّ الحاجَةَ للتَّأليفِ فِي أيامِهِ كانَتْ أقَلَّ، ثُمَّ اشْتَدَّتِ الحاجَةُ إلى الاشْتِغَالِ بِهِ تأليفًا وتفهيمًا، وهَذَا ليسَ فيهِ ما يُخَالِفُ شرْعَ الله بلْ هوَ مَحْضُ الدّينِ وهوَ أشرَفُ علومِ الدّينِ لأَنَّهُ يُعْرَفُ بهِ ما يَجِبُ لله منَ الصّفاتِ الأزليَّةِ التِي لا بِدَايَةَ لَهَا والتِي افْتَرَضَ الله مَعْرِفَتَها على عِبَادِهِ، ويُعرفُ به ما يستحيل على الله منَ النَّقَائِصِ، ومَا يَجُوزُ علَى الله معَ ما يَتْبَعُ ذلكَ مِن أمورِ النُّبُوَّةِ وأمُورِ الآخِرَةِ.
وقَدْ ألَّفَ الإمَامُ أبُو حنيفَةَ فِي عِلمِ الكَلاَمِ خمْسَ رسائِلَ وكَانَ يذهَبُ من بغْدادَ إلى البَصرَةِ لِمُنَاظَرَةِ المُشبّهَةِ والمَلاحِدَةِ. وكذلك الإمامُ الشافعيُّ رضيَ الله عنهُ كانَ يُتْقِنُ هذَا العِلْمَ. كما اشْتَغَلَ بهذَا العلمِ عمَرُ بنُ عبدِ العَزِيزِ الخليفَةُ الرَّاشِدُ وعمِلَ رسالَةً يُبَيّنُ فيهَا مذْهَبَ أهلِ الحَقِّ، كذَلِكَ الحَسَنُ البِصرِيُّ الذِي هُوَ مِن أكابِرِ التَّابعينَ، وتَكَلَّمَ فيهِ الإمَامُ مالِكٌ وغيرُهُ مِن أئِمَّةِ السَّلَفِ وقَدْ أحسَنَ في ذلكَ مَنْ قالَ:
عَابَ الكَلامَ أُنَاسٌ لا عُقُولَ لَهُمْ وَمَا عَليهِ إذَا عَابُوهُ مِن ضَرَرِ مَا ضَرَّ شَمْسَ الضُّحَى فِي الأُفْقِ طَالِعَةً أَنْ لا يَرَى ضَوْءَها مَنْ لَيْسَ ذَا بَصَرِ
هذا وأستغْفِرُ اللهَ العظيمَ لي ولَكُمْ.
| |
|