ثروت Admin
عدد المساهمات : 1166 تاريخ التسجيل : 18/06/2014 الموقع : خى على الفلاح
| موضوع: يضعون الماء ليلا تحت النجوم لأجل العلاج الخميس ديسمبر 22, 2016 6:08 pm | |
| يضعون الماء ليلا تحت النجوم لأجل العلاج
السؤال: عندنا عادة منتشرة في منطقتنا ، وهي : أنه إذا مرض الولد يضعون ماء مع تراب في الخارج تحت النجوم ، يعني "تنجيم " ، وفي الصباح يحممون الولد بها ، فما قول الشرع في هذا؟
الجواب : الحمد لله ما سألت عنه هو من الأوهام والخرافات التي ليس لها مستند من الشرع ، ولا من الطب التجريبي الذي يعرفه الناس ؛ فلهذا يجب على المسلم تجنب هذا التصرف ونحوه ، مما يكون مبناه عادة على الأوهام ، أو الاعتقادات الفاسدة . وقد حثّ الشرع على مباشرة الأسباب ، ومنها أسباب الشفاء . عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ ، قَالَ : " أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ ، فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ ، فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَتَدَاوَى ؟ فَقَالَ : ( تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً ، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ ) . رواه أبوداود (3855) ، والترمذي (2038) وقال : وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
لكن هذا التداوي المأمور به ، إنما يكون بالأدوية التي ثبت بالشرع ، أو بالتجربة الطبية : أنها أدوية نافعة ، معلوم للناس أمرها . قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " وفي الأحاديث الصحيحة : الأمر بالتداوي وأنه لا ينافي التوكل ، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش ، والحر ، والبرد بأضدادها ، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا " انتهى من " زاد المعاد " (4 / 14) .
ولهذا جاء النهي مثلا عن لبس الحلقة والتمائم ، والتعلق بالأنواء ، ونحو هذا مما ليس بسبب ؛ لأن في جعل الشيء سببا من غير دليل من الشرع ، أو من الواقع : يعتبر كذبا ، وطريقا لتعظيم هذه الاشياء ، وهذه هي ذرائع الشرك التي يجب سدها ، ووسائله التي يحرم التسبب فيها ، والأخذ بها . قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : " اعلم أن الدواء سبب للشفاء ، والمسبب هو الله تعالى ، فلا سبب إلا ما جعله الله تعالى سببا، والأسباب التي جعلها الله تعالى أسبابا نوعان: النوع الأول: أسباب شرعية كالقرآن الكريم والدعاء ... النوع الثاني: أسباب حسية كالأدوية المادية المعلومة عن طريق الشرع ، كالعسل ، أو عن طريق التجارب ، مثل كثير من الأدوية ، وهذا النوع لا بد أن يكون تأثيره عن طريق المباشرة ، لا عن طريق الوهم والخيال ... أما إذا كان مجرد أوهام وخيالات يتوهمها المريض ، فتحصل له الراحة النفسية بناء على ذلك الوهم والخيال ، ويهون عليه المرض وربما ينبسط السرور النفسي على المرض فيزول ، فهذا لا يجوز الاعتماد عليه ، ولا إثبات كونه دواء ؛ لئلا ينساب الإنسان وراء الأوهام والخيالات ، ولهذا نُهي عن لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع المرض أو دفعه ؛ لأن ذلك ليس سببا شرعيا ولا حسيا ، وما لم يثبت كونه سببا شرعيا ولا حسيا ، لم يجز أن يجعل سببا ؛ فإن جعله سببا نوع من منازعة الله تعالى في ملكه ، وإشراك به ، حيث شارك الله تعالى في وضع الأسباب لمسبباتها " انتهى من " فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (1 / 110 – 111) . وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى : " فإذا كانت هذه الأمور ليست من الأسباب الشرعية التي شرعها على لسان نبيه ، التي يتوسل بها إلى رضاء الله وثوابه ، ولا من الأسباب القدرية التي قد علم أو جرب نفعها ، مثل الأدوية المباحة ، كان المتعلق بها ، متعلقا قلبه بها ، راجيا لنفعها ، فيتعين على المؤمن تركها ليتم إيمانه وتوحيده ؛ فإنه لو تم توحيده ، لم يتعلق قلبه بما ينافيه ، وذلك أيضا نقص في العقل ، حيث تعلق بغير متعلَّق ولا نافع بوجه من الوجوه ، بل هو ضرر محض . والشرع مبناه على تكميل أديان الخلق بنبذ الوثنيات والتعلق بالمخلوقين ، وعلى تكميل عقولهم بنبذ الخرافات والخزعبلات ، والجد في الأمور النافعة المرقية للعقول ، المزكية للنفوس ، المصلحة للأحوال كلها دينيها ودنيويها والله أعلم " . انتهى من " القول السديد / المجموعة الكاملة لمؤلفات السعدي " (10 / 19) .
ثانيا : هذا التصرف فيه مشابهة بأفعال عبدة النجوم والكواكب بالتوجه إليها واعتقاد نفعها ، ولا يجوز للمسلم أن يفعل ما فيه تشبه بالمشركين . كما أن فيه تعلق القلب بغير الله ، مما يضعف إيمان صاحبه ، وقد يقوى هذا التعلق حتى يزيل الإيمان بالكلية .
والله أعلم .
| |
|