ثروت Admin
عدد المساهمات : 1166 تاريخ التسجيل : 18/06/2014 الموقع : خى على الفلاح
| موضوع: بِرِّ الأمّ والأب الجمعة مايو 13, 2016 5:45 pm | |
| إنّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهْدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا وسيّئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِي لهُ. وأشهدُ أنْ لا إلـهَ إلا اللهُ وأشهدُ أنَّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرَّةَ أعينِنَا محمّدًا عبدهُ ورسولهُ وصفيُّه وحبيبُه، صلَّى اللهُ وسلَّمَ عليهِ وعلى كلّ رسولٍ أَرْسَلَهُ.
أمَّا بعدُ عبادَ اللهِ فإنّي أوصيكُمْ ونَفْسِي بِتَقْوى اللهِ العلِيّ العَظيمِ القائِلِ في مُحْكَمِ التَنْزيل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الحشر] .
إخوةَ الإيمانِ، منْ أرادَ النجاحَ والفلاحَ فلْيَبَرَّ أبَوَيْهِ، فإنَّ مَنْ بَرَّ أبَوَيْهِ تَكونُ عاقِبَتُهُ حميدةً، فَبِرُّ الوالِدَيْنِ بَرَكَةٌ في الدُّنْيا والآخرةِ.
يقولُ ربُّ العِزَّةِ في مُحْكَمِ كتابِهِ: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾ [سورة البقرة] الآية. ويقولُ تعالى في كتابِهِ العظيمِ: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾ [سورة النساء] . ويقولُ تعالى في كتابِهِ العظيمِ: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾ [سورة الأنعام] . ويقولُ تَعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾ [سورة الإسراء] الآية. فكَمْ هوَ عظيمٌ بِرّ الوالدينِ، وكَمْ هوَ عظيمٌ بِرُّ الأمّهاتِ، وبر الآباء. واسمَعُوا مني هذِهِ القِصَّةَ.
يقولُ الرَّاوي: ذاتَ يومٍ شَعَرَتِ امرأةٌ بِدُوارٍ وسقَطَتْ على الأرضِ فسارعَ زوجُها وأخذها إلى الطبيب الذي قال لزوجها إنها حامل. تلكَ كانَتِ البِدايَةُ ومعها بَدَأَتْ معاناةُ الحملِ مِنْ شهرٍ إلى شَهْرٍ حتّى دخلَت المرأة في الشَّهْرِ التاسِعِ وءانَ أوانُ الوِلادَةِ، أَتَتِ القابِلَةُ وشَرَعَتْ في عَمَلِهَا وبدَأَ الطَّلْقُ يَشْتَدُّ والأُمُّ تَصْرُخُ حتّى وضَعَتِ الطّفْلَ وكانَ ذَكَرًا وهَدَأَتِ الأُمُّ ثمَّ ما لَبِثَتْ أنْ لَفَظَتْ أنْفاسَهَا الأَخيرةَ وماتَتْ، أي ماتَتْ بِجُمْعٍ أي بِسَبَبِ الوِلادَةِ فهِيَ شَهيدَةٌ، وتَزَوَّجَ الزوج بامْرَأَةٍ أُخْرَى تُعينُهُ في هذه الحياةِ. وشيئًا فشيئًا كَبِرَ هذا الطفلُ حتى أصبحَ في سنّ الثلاثين، وكانَ أبوهُ قدْ أَخْبَرَهُ بِقِصَّةِ ولادَتِهِ ووفاةِ أُمِّهِ فكانَ يَتَرَدَّدُ إلى المقبرةِ لزيارةِ أمِّهِ من حينٍ إلى ءاخرَ ويقرأُ لها شيئًا منَ القرءانِ، وكان يتمنى لو أنه رءاها ولو لمرة واحدة. في أحَدِ الأيّامِ تُوفّيَ أحدُ أقارِبِهِ فذهَبَ معَ والِدِهِ يُواسِيْهِ وانطلَقَتِ الجنازَةُ إلى المقبرَةِ ولم يكنْ متيسرًا سِوَى قَبْرٍ واحِدٍ هوَ ذاكَ القبرُ الذي ضمَّ هذهِ الأمَّ. بدأَ الحفّارُ يَعْمَلُ بِحَفْرِ القَبْرِ ثُمَّ أزالَ تِلْكَ البِلاطَةَ الكبيرةَ لِيَضَعَ الميتَ في القبرِ وهنا كانتِ المفاجأَةُ الكُبْرَى فقدْ وَجَدُوا هذهِ الأمَّ كما هيَ يَوْمَ دفَنوهَا منذُ ثلاثينَ عامًا لمْ يَتَغَيّرْ منها شىءٌ، وكانَتْ هذه المَرَّةَ الأولى التي يَرَى الولَدُ أُمَّهُ فَنَزَلَ إلى القَبْرِ وبَدَأَ يُقبّلُ وَجْنَتَيْها وهُوَ يَبْكِي وَسَطَ ذُهولِ الحاضرينَ الذينَ بدأوا بالتَّكبيرِ والتَّهْليلِ والبُكاءِ. وتذَكَّرْ أخيرًا أيُّها الابْنُ أنَّكَ لَنْ تُوَفّيَ حقَّ أُمّكَ ولا بِطَلْقَةٍ واحِدَةٍ مِنْ ءالامِ الوِلادَةِ .
اللهمَّ إنَّا نَسْألُكَ العَفْوَ والعَافِيَةَ في الدُّنْيا والآخِرَةِ .
هذا وأستغْفِرُ اللهَ العظيمَ لي ولَكُمْ. | |
|