عنترAdmin Admin
عدد المساهمات : 201 تاريخ التسجيل : 27/10/2011
| موضوع: قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة الإثنين أكتوبر 05, 2015 5:04 pm | |
| قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة
السؤال: إلى أي مدى يمكننا تطبيق قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة عندما يتعلق الأمر بالطعام والملابس والصابون ؟ على سبيل المثال : كيف يجب أن أتصرف عندما أريد شراء مادة غذائية ولا أجد عليها تفاصيل المكونات ؟ وكذا الحال في أي مادة لا أعرف مصدر مكوناتها ، أو لا أعرف ماهية المكونات ، أو لا توجد تفاصيل كافية حول هذه المكونات ؟
الجواب : الحمد لله أولا : صاغ أهل العلم قاعدة " الأصل في الأشياء الإباحة " استخلاصا من أدلة الشرع . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " اعلم أن الأصل في جميع الأعيان الموجودة على اختلاف أصنافها وتباين أوصافها : أن تكون حلالا مطلقا للآدميين ، وأن تكون طاهرة لا يحرم عليهم ملابستها ومباشرتها ، ومماستها ، وهذه كلمة جامعة ، ومقالة عامة ، وقضية فاضلة عظيمة المنفعة ، واسعة البركة ، يفزع إليها حملة الشريعة ، فيما لا يحصى من الأعمال ، وحوادث الناس ، وقد دل عليها أدلة عشرة - مما حضرني ذكره من الشريعة – وهي : كتاب الله ، وسنة رسوله ، واتباع سبيل المؤمنين المنظومة في قوله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) وقوله : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) ، ثم مسالك القياس ، والاعتبار ، ومناهج الرأي ، والاستبصار " . انتهى من "مجموع الفتاوى" (21 / 535) . ثم ساق رحمه الله تعالى الأدلة على ذلك ، فيحسن الاطلاع عليها في الكتاب المشار إليه .
ومعنى هذه القاعدة : أن كل ما على الأرض من منافع ، وما استخلصه الإنسان منها : فالانتفاع به مباح ، ما لم يقم دليل على تحريمه .
ثانيا : بالنسبة للأطعمة والأشربة والملابس ومواد التنظيف فإنه يعمل بهذه القاعدة ، في كل مالم يرد فيه نص شرعي ، ويستثنى من ذلك أمران : الأول : الأشياء المحتوية على ضرر معتبر ومؤثر ؛ لأن المواد الضارة الأصل فيها التحريم ، ولا تتناولها قاعدة " الأصل في الأشياء الإباحة " . قال الله تعالى : ( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة /195. وقال الله تعالى : ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) النساء /29. وعَنْ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ - رضي الله عنه - : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : ( لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ ) رواه الحاكم (2 / 57 - 58) وقال صحيح الإسناد على شرط مسلم ، وصححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (1 / 498) .
وقد حقّق الشيخ المفسّر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى هذه المسألة ؛ فقال : " إن كان فيها ضرر لا يشوبه نفع ، فهي على التحريم ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ) . وإن كان فيها نفع من جهة ، وضرر من جهة أخرى ، فلها ثلاث حالات : الأولى : أن يكون النفع أرجح من الضرر . والثانية : عكس هذا . والثالثة : أن يتساوى الأمران . فإن كان الضرر أرجح من النفع أو مساويا له ، فالمنع ؛ لحديث: ( لا ضرر ولا ضرار ) ، ولأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح . وإن كان النفع أرجح ، فالأظهر الجواز ؛ لأن المقرر في الأصول : أن المصلحة الراجحة تقدم على المفسدة المرجوحة " انتهى من " أضواء البيان " (7 / 793 - 794) .
الثاني : الأصل في اللحوم والذبائح التحريم . لأن اللحوم والذبائح لا يجوز تناولها ، إلا إذا تحقق وجود التذكية بشروطها . قال الخطابي رحمه الله تعالى : " وأما الشيء إذا كان أصله الحظر ، وإنما يستباح على شرائط وعلى هيئات معلومة ؛ كالفروج لا تحل إلا بعد نكاح أو ملك يمين ، وكالشاة لا يحل لحمها إلا بذكاة ، فإنه مهما شك في وجود تلك الشرائط ، وحصولها يقيناً على الصفة التي جعلت علماً للتحليل كان باقياً على أصل الحظر والتحريم " انتهى من " معالم السنن " (3 / 57) .
ولكن يكفي لإثبات الحل فيها : أن نعلم أن ذابحها مسلم ، أو من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) ولا يشترط بعد ذلك التحقق من طريقة الذبح ، في كل ذبيحة ، وبناء على هذا ، فالذبائح الموجودة في البلاد الإسلامية ، أو الكتابية : يحكم بأنها حلال ، إلا إذا ثبت لدينا : أنها ذبحت بطريقة مخالفة للشريعة الإسلامية ، كالخنق ، أو الصعق بالكهرباء ، أو لم يُذكر عليها اسم الله ... ونحو ذلك .
والمنتج الذي لم يدل دليل شرعي على تحريمه ، أو لم يكتب في قائمة مكوناته ما يحرم ، أو يضر : فإننا نحكم عليه بالحل والطهارة ، ولا ننتقل عن هذا الأصل لمجرد شكوك ، أو كلام غير موثق .
فإذا دخلت مكونات محرمة في طعام ما ، فهل يحرم تناوله بالكلية ؟
وخلاصته : أنه إذا كانت المادة المحرمة لا تزال موجودة بعينها : حرم تناوله . وإن كانت قد تحولت إلى مادة أخرى بسبب التفاعلات أو الصناعة ، ولم تبق المادة الأولى المحرمة موجودة فيه بعينها : فالراجح من أقول العلماء : أنه يجوز تناوله .
ثالثا : بالنسبة للألبسة ، فهي داخلة ضمن القاعدة " الأصل في الأشياء الإباحة " ، فالأصل فيها الحل، إلا ما استثناه الشرع ، كالحرير المحرم على الرجال ، وبعض الجلود التي لا تطهر بالدباغ ، | |
|