الحمدلله كل ما كتب كاتب أو تكلم متكلم أو صمت صامت قال عز من قائل ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )؛ والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل :
(كل يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) ؛ أما بعد
فقد مكث الإمام الحجة المفسر ابن جرير الطيري رحمه الله أربعين سنة يكتب كل يوم أربعين ورقة .
ولو قلنا أن الأربعين ورقة تصلح أن تكون مؤلفا صغير الحجم فهذا يعني أنه كان يخرج كل يوم مؤلف.
ولفت نظري في ترجمة أبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني القاضي رأس المتكلمين على مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري مايلي :
(من أكثر الناس كلاما وتصنيفا في الكلام يقال أنه كان لا ينام كل ليلة حتى يكتب عشرين ورقة في مدة طويلة من عمره فانتشرت عنه تصانيف كثيرة )
ولفت نظري في ترجمة جولدتسيهر المستشرق المجري الجنسية اليهودي الديانة ولد عام ١٨٥. م وهو من أعلام المستشرقين مايلي :
(ومنذ هذه السنة ؛سنة ١٨٦٦م وهو في كل سنة يخرج بحثا أو طائفة من الأبحاث بين كتب ضخمة قد يتجاوز حجم المجلد الواحد منها أربعمائة صفحة وبين مقالات متوسطة الحجم بين العشرين والستين صفحة وتعليقات صغيرة وبحوث نقدية تعريفا بالكتب التي تظهر باستمرار حتى بلغت مجموع أبحاثه كما بينها فهرست مؤلفاته ٥٩٢ بحثا ).
أي منذ أن كان عمرة ستة عشر سنة وهو مشتغل بالتأليف .
ونحن إذا اشتغل أحد بالتأليف أو كثرت كتاباته قلنا أكثر فلان .
حتى إن بعض الكتاب يقتصد في كتاباته من كثرة ما يلام على كثرتها .
قد تجود القريحة ويفتح الله لك بابا لم يفتحه لغيرك ليس لفضلك بل بفضله هو سبحانه وتعالى .
أنت أعلم الناس بنفسك وأكثر الناس تحديدا لمستوى نفعك وما يوافق ميولك وتوجهاتك وما تستطيع عمله وإنجازه .
دع عنك كلام الناس ودع عنك لمز من يلمز وهمز من يهمز ؛ فقد قال الله سبحانه وتعالى
وَيْل لكل همزة لمزة ).
غدا سترحل فماذا قدمت ؟
ليست المشكلة فيمن ليس عنده شيء يقدمه ؛ لكن المشكلة فيمن عنده ويقدر ولكنه يتحجج بحجج ويتعذر بأعذار ويمني نفسه بأماني فلا الموت يتركه ولا الوقت يسعفه .
قد انقضى نصف عمره وما عمره !
الآن وليس غدا افتح صفحة جديدة قدم ما عندك استشر واستخر وقدم وتقدم .
تأكد أن الأثر يبقى وإن ذهب صاحبه والتعب يُنسى وإن تعب صاحبه .
عد بذاكرتك إلى الأسبوع الماضي فقط هل بقي لتعب تعبته أثر عليك ؟ أو هل لا زال يؤرقك سهر سهرته ؟
كله يذهب ويبقى كتاب ألفته أو مقطع أخرجته أو شريط سجلته أو مقال كتبته .
والقلم تشتد قوته كلما كتب والذاكرة يزداد حفظها كلما حفظت .
شخص بحجمك وبقدر معرفتك وعلمك ماذا قدم لأمته مما في جعبته سؤال لا يملك الإجابة عليه إلا شخصك الكريم ولَك منا الدعاء بالتوفيق والتسديد.