زائر زائر
| موضوع: الكلام على أثر عمر رضي الله عنه : " أَهْلُ الْعِرَاقِ كَنْزُ الْإِيمَانِ، وَجُمْجُمَةُ الْعَرَبِ.." الثلاثاء فبراير 18, 2014 6:10 am | |
| الكلام على أثر عمر رضي الله عنه : " أَهْلُ الْعِرَاقِ كَنْزُ الْإِيمَانِ، وَجُمْجُمَةُ الْعَرَبِ.."
السؤال: ما صحة المقولة : ( العراق جمجمة العرب ، وكنز الإيمان ، ومادة الأمصار ورمح الله في الأرض ، فاطمئنوا فان رمح الله لا ينكسر ) ، وما معناها ؟
الجواب : الحمد لله أولا : روى الفسوي في "المعرفة" (2/ 533) ، وابن سعد في "الطبقات" (6/86)، وابن أبي خيثمة في "تاريخه" (2/385) ، والخطيب في "تاريخه" (1/322) من طريق شَمرِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: " أَهْلُ الْعِرَاقِ كَنْزُ الْإِيمَانِ ، وَجُمْجُمَةُ الْعَرَبِ، وَهُمْ رُمْحُ اللَّهِ ، يحرزون ثُغُورَهُمْ، وَيَمُدُّونَ الْأَمصَارَ " . وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة راويه عن عمر . ورواه ابن أبي خيثمة في "تاريخه" (2/384) عن عبد الملك بن عمير عمن حدثه عن عمر به بنحوه . وهذا ضعيف كسابقه . ورواه الطبري في "تاريخه" (4/ 59) من طريق سيف ، عن أبى يَحْيَى التَّمِيمِيِّ ، عَنْ أَبِي مَاجِدٍ ، عن عمر به ، بنحوه . وسيف هو ابن عمر التميمي وهو متهم ، قال ابن حبان : اتهم بالزندقة ، يروى الموضوعات عن الأثبات ، وقال الحاكم : اتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط . "المجروحين" (1 /345) ، "تهذيب التهذيب" (4/260) . وأبو ماجد مجهول لا يعرف . ورواه ابن أبي شيبة (6/ 408) من طريق سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: " يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ ، أَنْتُمْ رَأْسُ الْعَرَبِ وَجُمْجُمَتُهَا ، وَسَهْمِي الَّذِي أَرْمِي بِهِ إِنْ أَتَانِي شَيْءٌ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا " . وحبة العرني متروك ، قال ابن معين ليس بثقة ، وقال الجوزجاني كان غير ثقة ، وقال ابن خراش ليس بشئ ، وقال ابن حبان كان غاليا في التشيع واهيا في الحديث. "تهذيب التهذيب" (2 /154) . ورواه ابن أبي شيبة أيضا (6/ 408) مختصرا من طريق جَابِرٍ الجعفي ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: " كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أهل الكوفة : إِلَى رَأْسِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ " . وجابر الجعفي متهم بالكذب ، انظر "الميزان" (1/380)
فهذا الأثر لا يصح عن عمر رضي الله عنه ، فيما نعلم ، ولم نقف له على طريق خال من مطعن .
ثانيا : أما معناه : فقوله " العراق جمجمة العرب " يعني أن أهلها سادات الناس ، قال في "النهاية" (1/ 299): " جُمْجُمَة الْعَرَبِ : أَيْ سادَاتها، لِأَنَّ الجُمْجُمَة الرأسُ، وَهُوَ أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ " انتهى. وقوله : " كنز الإيمان " يعني مجمعه . والكَنْز في اللغة : اسمٌ لِلْمَالِ إِذا أُحْرِز فِي وِعَاءٍ . "تهذيب اللغة" (10/ 58) . وقوله : " رمح الله " يعني أن المجاهدين من أهله بمثابة الرمح في نحور أعداء الإسلام ، والعلماء من أهل السنة من أهله بمثابة الرمح في نحور أهل البدع . وقوله : " يحرزون ثغورهم " أي يحفظون الثغور من بغتات العدو . والحِرْز الموضع الحصين ، يقال هذا حِرْزٌ حَرِيزٌ ، ويقال أَحْرَزْت الشيء أُحْرِزُه إِحْرازاً إِذا حفظته وضممته إِليك وصُنْتَه عن الأَخذ . انظر : "لسان العرب" (5 /333) . وقوله : " ويمدون الأمصار " يعني هم لأهل الأمصار من بلاد الإسلام مدد وعون ، فيعينون المجاهدين ويمدونهم بالقوة والسلاح والغذاء وغير ذلك مما يحتاجونه .
ولا شك أن بلاد العراق لها في صفحات التاريخ الآثار الطيبة ، والمآثر العظيمة ، سواء في العلم أو الجهاد أو صد عدوان الأعداء عن بلاد المسلمين ، وإمداد المسلمين بالسلاح والمعونة لحرب أعدائهم وردّ كيدهم . وقد مكثت بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية عدة قرون من الزمان ، وكانت العراق حينئذ : حاضرة الإسلام ، ومعدن العلم والسلطان . وقد خرّجت هي وغيرها من بلاد العراق من أعلام المسلمين وصلحاء الأمة وأبطالها ما لا يعد كثرة . والله تعالى أعلم .
|
|