التوسل إلى الله بأعملنا

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب اليه ونعوذ بالسميع العليم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، " ياأيها اللذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون " " ياأيها اللذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم "
أما بعد _ أحبتي في الله –
ماأجمل أن يقضي المسلم وقتهٌ أو جل وقته مع الوحيين { الكتاب والسنه } قراءةً تدبرا وعملا فبهما الهداية والتوفيق في الدنيا والاخرة كيف لا وقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ( تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي ) .
وموعدنا اليوم مع قصه _ قصه ذكرها لنا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم اسمعها أخي الحبيب ، اسمعها بعقلك اسمعها بقلبك إفهمها إعمل بها فوالله وتالله وبالله لتجد السعادة والفلاح .
ثلاثة نفر كانوا في سفر خرجوا لحاجة خرجوا للرزق أعياهم الطريق فأرادوا الراحة ن بحثوا عن مكان فوجدوا مغارة فرحوا بهذا المكان المناسب فاستلقى هذا وراح ذاك يجهز الطعام وأملهم معاودة المسير بعد قليل من الراحة وبينما هم على هذه الحال سمعوا ضجيجا وصوت عالٍ لم يعلموا ما الامر وما الخبر ... لحظات فغذا بالمغارة تنقلب ظلمة ووحشة إنتبهوا فإذا بصخرة عظيمة كبيرة قد سقطت من الاعلى لتسد عليهم مدخل الغار... قاموا فزعين مذعورين يدفعون الصخرة حاولوا جماعة وفرادى .. حاولوا مرارا وتكرارا .. حاولوا بكل ما إستطاعوا فلم تثمر محاولاتهم لم يستطيعوا تحريكها ابدا .
ظهرت ردود افعالهم فذاك يبكي والاخر يصرخ وذاك يحاول ان يتمالك نفسه ... مضى الوقت وهم على هذه الحال هدءوا قليلا راجعوا أنفسهم تفكروا تذكروا علموا ان لا منجي لهم من هذه المحنه الا الله ن فكيف تحركت هذه الصخرة الم تتحرك بإذن الله وأمره ؟ بلى والله ، إذن هو الله جل جلاله من يأمرها فتتزحزح ( تخيل أخي الحبيب أنك في بناية وقد توقف عليك المصعد كيف سيكون حالك ؟ . الن تشعر بخوف بضيق في التنفس بكتمة في صدرك ؟
فكيف بهولاء الثلاثة ... كانوا في صحراء لا يعلم بهم الا ربهم والصخرة كبيرة إذن نستطيع أن نقول أن المغارة أشبه بقبرهم .
عاد الثلاثة الى ربهم فأخذوا يتوسلون اليه سبحانه بصالح أعمالهم _ وهذا من التوسل المشروع – تكلم الاول فذكر ان له والدين وكان بهما بارا لا يقدم عليهم نفسا ولا ولدا .. خرج يوما كعادته للرعي فتأخر وكان قد إعتاد على أن يحضر اللبن لوالديه فيسقيهما ثم يسقي بعدهما أهله .. فلما عاد متأخرا وجد والديه قد ناما .. ماالعمل ؟ أسألك بالله أخي الحبيب ماذا ستفعل لو كنت مكانه ؟ سأجيب عنك .. منّا من سيقول اشرب انا وأهلي وإذا إستيقظوا أعطيهم نصيبهم ومنهم من يقول أقسم لهم نصيبهم في إناء خاص ونشرب الباقي ، وسيقول قائل : نشرب نحن ومتى قاما أحلب لهم ثانية أو من يقول أوقظهم من النوم فيشربان ثم يكملان نومهما خاصة أن الاطفال جياع ... لكن أنظر الى حقيقة البر إستمع الى اصحاب المعالي ماذا يفعلون ! تخيلوا معي ماذا فعل ؟ إسمع
وقف حاملا الاناء بين يديه ينتظر استيقاظ والديه فشربا ثم سقى أولاده .
الله اكبر ماأعظمه من بر وأجلّه من عمل ، رفع يديه الى السماء وناجى ربه ( اللهم إن كان هذا العمل لأجلك ورضاك فاصرف عنّا مانحن فيه ) أسمعتم أحبتي لهذا التوسل والدعاء ، والله يقشعرّ له الابدان ... يتوسل الى الله بأحب الاعمال الى الله بعد التوحيد ... فهل تظن ان الله بتاركه ؟ فلا يستجيب له ؟ لا والله لا والله فلقد إستجاب له والله وامر الجبار جل جلاله الصخرة أن تزحزحي فتزحزحت الصخرة بأمر ربها فلم يستطيعوا الخروج منها .فرحوا انطلقوا جميعا نحوها لكن للاسف تحركت الصخرة قليلا فلم يستطيعوا الخروج منها .
عادوا فتكلم الثاني وذكر أن له إبنة عم كان يحبها أشد مايحب الرجل المرأة حاول الزواج منها فرفضت ... بذل الغالي والنفيس لم تقبل ... أصيبت المراة يوما بفاقة شديدة وحاجة جعلها تحتاج الى ابن عمها هذا فوجد فرصته فحقق لها ماتريد وأعطاها اكثر ومنّاها بالمزيد ولكن بشرط وهو أن تخلي بينه وبين نفسها فوافقت تحت حاجتها ... فلما أعطاها ما تريد واراد ان يأخذ منها ما يريد وجلس منها كما يجلس الرجل من زوجته .. هنا وفي هذا الموقف ن موقف لا يملك المرء نفسه حيث تطغى الشهوة .. هنا ذكرته بالله خوّفته من الجبار وقالت له { يافلان إتق الله ولا تفض الخاتم الا بحقه ) هنا إنتفض الرجل تذكر ربا يراه خاف إرتعد قام منها مباشرة دون أن يمسها وترك لها كل ما أعطاها .. هنا رفع الرجل يديه مناجيا ربه اللهم إن كان مافعلته خوفا منك فأصرف عنّا ما نحن فيه ) فانفرجت الصخرة لكن ايضا لم يستطيعوا الخروج .
فتكلم الثالث وذكر ان له أجيرا إستأجره ليعمل عنده .. خرج هذا الاجير ولم يعد الى عمله وكان له حقا لم يستلمه ( وهذه رسالة الى اصحاب العمل ، الى المدراء اسمعوا الى هذا التعامل الى هذه الامانه الرائعة ) إستثمر الرجل حق هذا العامل الاجير وربح من ورائة ارباحا طائلة كبيرة ... وبعد زمن عاد هذا الاجير وطالب صاحب العمل بحقه الذي تركه عنده ( أخي الحبيب لو أن لك عامل فترك مكافأة نهاية الخدمة لنقل 10،000ريال .. إستثمرتها انت فترة غيابه فربحت مليونا لو عاد عاملك هذا فكم ستعطيه ؟ هل ستعطيه 10000فقط أم تزيده قليلا أم ستتقاسم المليون معه على أفضل حال سوف تقول مقابل مجهودي ؟
لكن ارجع واقول ان اصحاب المعالي غير ... ماذا فعل هذا الرجل ؟ اسمع أخذ الاجير وأراه واديا من الغنم والبقر وقال هذا كله لك ... تعجب الاجير وظن ان هذا الرجل يسخر منه لأن حقه لا يساوي قيمة غنم واحد فكيف صار هذا العدد من الغنم والبقر ... أخذ الاجير كامل القطيع وانصرف وولم يترك لصاحب العمل شيئا ... الله أكبر على هذه الامانه العظيمة ومن يستطيع فعل ذلك ... رفع الرجل يديه وناجى ربه ( يارب أن كان هذا العمل لرضاك فأصرف عنّا ما نحن فيه ) فأنفرجت عنهم المصيبة وتزحزحت الصخرة وفتح الغار وخرجوا الى الدنيا وقد أنقذهم ربهم .. وكيف لا ينقذهم وقد فعلوا ما فعلوا لإرضائة جل جلاله .
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنه وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .. أقول قولي هذا وأسنغفروا الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه وتوبوا اليه .
الحمد لله الذي أمرنا بجليل الاقوال والافعال ورزقنا بالحسنات أضعافا فضلا منه وإمتنانا وأصلي وأسلم على أزكى البرية وخير البشرية صلى الله عليه وعلى اله وصحبه أجمعين .
عباد الله ... إجعلوا هذه الليلة ليلة تذكر وتفكر ، أطلب من كل واحد منكم تخيل وأسال نفسك لو كنت معهم لو كنت رابعهم فالتفت اليك الثلاثة وكلهم أمل أن تذكر عمل لك تتوسل به لربك لتنجوا جميعا .
إسأل نفسك ماالعمل الذي ستتوسل به ... فإن كان لك عمل مثل الثلاثة فاحمد الله واستمر على ذلك وابشر بخيري الدنيا والاخرة ولكن كن صادقا مع نفسك ... وان لم يكن لك عمل فبادر ... سارع ... سابق الان لانك حتما ستحتاجه يوما ما .
هذا وصلوا ايها المسلمون على نبيكم وحبيبكم وقدوتكم محمدا كما أمر بذلك ربكم فقال جل من قائل : { إن الله وملائكته يصلون على النبي يأأيها اللذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } ...
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...