زائر زائر
| موضوع: هل هناك علامات يمكن بها للعبد في الدنيا أن يعرف مصيره في الآخرة ؟ الثلاثاء فبراير 04, 2014 12:01 pm | |
| هل هناك علامات يمكن بها للعبد في الدنيا أن يعرف مصيره في الآخرة ؟
السؤال: كنت أريد أن أعلم إن كان من الممكن أن يوحي الله للإنسان مصيره من الجنة أو النار ، وهو ما يزال في هذه الدنيا, مثلا عن طريق علامة في الجسد ، أم إن هذه وساوس الشيطان .
الجواب : الحمد لله أولا : مذهب أهل السنة : عدم القطع لمعين بجنة أو نار ‘ إلا من ورد الدليل الشرعي في حقه بذلك . ثانيا : القاعدة العامة : أن من أطاع الله ورسوله دخل الجنة ، ومن عصى الله ورسوله دخل النار ؛ فروى البخاري (7280) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى ) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى ؟ قَالَ : ( مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى ) .
إلا أن مصير الخلائق على التعيين لا يعلمه إلا الله ، ولا يمكن الجزم لأحد بمصير رحمة أو مصير عذاب ، إلا بالنص الشرعي المعين في ذلك كما تقدم ، فنقطع بأن العشرة المبشرين بالجنة من أهلها ، ونقطع بأن فرعون وهامان وأبا جهل من أهل النار . كما أننا نقطع أن من مات على التوحيد فإنه يدخل الجنة ، وإن أصابه قبل ذلك ما يصيبه ، ومن مات على الشرك فإنه يدخل النار ، لكن لا نسمي أحدا بعينه في ذلك.
ثالثا : هناك علامات تدل على صلاح العبد وحسن خاتمته ، وعلامات تدل على فساده وسوء خاتمته ، لكنها علامات بشارة ، أو نذارة ، وليس شيء منها قاطعا بالنسبة لنا ، وإنما يوكل حال الشخص المعين إلى رب العالمين . قال الإمام الطحاوي رحمه الله في بيان اعتقاد أهل السنة : " نَرْجُو لِلْمُحْسِنِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ، وَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ ، وَلَا نَأْمَنُ عَلَيْهِمْ ، وَلَا نَشْهَدُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَنَسْتَغْفِرُ لِمُسِيئِهِمْ ، وَنَخَافُ عَلَيْهِمْ ، وَلَا نُقَنِّطُهُمْ."
وقد روى ابن حبان (6891) ، وابن أبي شيبة (7/ 100) ، والحاكم (4515) بسند صحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ حِينَ طُعِنَ ، فَقُلْتُ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَسْلَمْتَ حِينَ كَفَرَ النَّاسُ وَجَاهَدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ حِينَ خَذَلَهُ النَّاسُ , وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ , وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي خِلَافَتِكَ اثْنَانِ , وَقُتِلْتَ شَهِيدًا , فَقَالَ: أَعِدْ عَلَيَّ , فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: " وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَوْ أَنَّ لِي مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ ". ولفظ ابن حبان : " الْمَغْرُورُ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ، لَوْ أَنَّ مَا عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ بَيْضَاءَ وصفراء، لافتديت به من هول المطلع " . قال الطبري رحمه الله : " لكل حدٍّ من حدود الله التي حدَّها فيه -من حلالٍ وحرامٍ ، وسائر شرائعه- مقدار من ثواب الله وعقابه ، يُعاينه في الآخرة ، ويَطَّلع عليه ويلاقيه في القيامة ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " لو أنّ لي ما في الأرض من صفراءَ وبيضاءَ لافتديتُ به من هَوْلِ المطَّلَع" ، يعني بذلك ما يطَّلع عليه ويهجُم عليه من أمر الله بعد وفاته " انتهى من "تفسير الطبري" (1/ 72) . فهذا يقوله عمر رضي الله عنه ويحلف عليه بالله ، وهو أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم وبعد أبي بكر رضي الله عنه ، فكيف بغيره ؟ وروى الإمام أحمد في "الزهد" (ص128) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " لَا رَاحَةَ لِلْمُؤْمِنِ دُونَ لِقَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " وصححه الألباني في "الضعيفة" (2/116).
وإنما يستريح من غُفر له ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، رواه أحمد (24399) ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2319) ، ولا يعرف أحد أنه قد غفر له إلا يوم القيامة . وعن مُحَمَّد بْن حسنويه قَالَ: " حضرت أبا عبد اللَّه أَحْمَد بن حنبل وجاءه رجل من أهل خراسان فقال: يا أبا عَبْد اللَّهِ قصدتك من خراسان أسألك عَنْ مسألة قَالَ: له سل قَالَ: متى يجد العبد طعم الراحة ؟ قَالَ: " عند أول قدم يضعها فِي الجنة " . انتهى من "طبقات الحنابلة" (1/ 293) .
والله تعالى أعلم |
|