زائر زائر
| موضوع: المسلم في ظل صراع الهويات السبت يناير 25, 2014 6:05 am | |
| الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد احبتى فى الله
يجري على قدم وساق هذه الأيام صراع محتدم على الهويات، لاسيما هويتنا الإسلامية التي يبغي الكثيرون طمسها وتشويهها، وما لم تكن صورة هذه الهوية واضحة ماثلة أمام كل مسلم فإنه لن يتمكن من الصمود مطلقًا أمام تلك الحرب الشعواء التي تستهدفها، فالمنهج الإسلامي الأصيل شابه كثير من التشوهات بفعل الاستعمار الخارجي وأذنابه في الداخل، لذا يستشعر كثير من المستمسكين بهذا المنهج بالغربة بين إخوانهم وآبائهم وبني أوطانهم بفعل التشويه الحادث في تلك الصورة الصافية. إن هذه الهوية التي نقصدها تستوعِب مناشط الحياة كلها، كانت عبادات محضة أو أعمالاً وعادات وتفكيرًا، كلها تدخل في العبادات والقرب متى ما صاحب ذلك حسن نية وسلامة قصد، (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين) [الأنعام: 162]. عباداتنا، وظائفنا، أقوالنا، أفعالنا، حركاتنا، سكناتنا، حبنا، بغضنا، بل حتى أنفاسنا، كلها تدخل في تشكيل الإسلام في نفوسنا "هويتنا العظمى". إن الإسلام جعل لشخصية المسلم الاستقلالية والتميز؛ لكي لا تختلط بالهويات التي صاغها البشر أهل النقص والعجز والهوى. جاء في صحيح مسلم لما أنزل الله الأمر باعتزال النساء في المحيض قالت اليهود: ماذا يريد هذا النبي؟! يريد يخالفنا في كل شيء؟! إنها الهوية المستقلة بحيث لا تلتفت إلى رجيع أفكار الآخرين وسقط هوّياتهم، لقد فهم اليهود ماذا يريد الإسلام من أتباعه، وما فهم أتباعه ماذا يريد منهم، (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران:110]. حين نتميز بهويتنا ونعتز بشخصيتنا وننتصر من دواخلنا في قلوبنا ونفوسنا يحصل لنا السؤدد والتمكين. في يوم بدر مع قلة ذات اليد والحيلة، عندما كان الاعتزاز بالهوية شعارنا انقلبت الموازين من أجلنا، وفي يوم الفتح المجيد دانت لنا كفرة العرب قاطبة إذ كانت النفوس أبية عزيزة، انتصرت على شهواتها وتعالت فوق شهواتها، فكان النصر ولا دم. وبعد قرون ضاعت هوية الأمة، فسام الكفار المسلمين صنوف الذل والهوان ليبعث الله صلاح الدين يحيي في القلوب هويتها وانتماءها ويوقظ عزائمها وتميزها، فيذعن الكفر ويعود الأقصى. في حرب أفغانستان الأولى خرج الروس في صورة لن ينساها التاريخ أذلّة صاغرين يوم عادت للأمة هويتها، وها هي دويلات صغيرة وجماعات يسيرة تربت على بعث الهوية في نفوس أفرادها تصمد أمام قوى عظمى في البوسنة وكوسوفا والشيشان. إن الأمة اليوم يجب أن تراه درسًا عمليًا في أطفال الحجارة وكتائب عز الدين القسام وفلول المجاهدين في أفغانستان والشيشان حين تصفو الهوية وتبدو الرؤية واضحة كيف تهابهم الدنيا وتخشاهم بطارقة العالم. كل هذا وغيره يدل دلالة قطعية على أن التاريخ قابل أن يعيدَ نفسه متى ما عادت الأمة إلى هويتها وانكفأت على عقيدتها وشربت كأس العز من ينبوع الكرامة، بيد أنها يوم ألقت ظهرها لعقيدتها ومبادئها وهويتها، بل وحاربها أبناؤها وتنكروا لها إلا من رحم ربك، واتهم كل من تمسك بعقيدته ودينه. آل واقعها إلى ما ترى؛ هزائم متتالية، اتفاقيات مخجلة، ومعاهدات ذليلة، يضحك العدو بها على القوم، ومؤتمرات لا تصنع القرار لندرك قول عمر -رضي الله عنه-: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله". وفي مختاراتنا لهذا الأسبوع انتقينا لخطبائنا الكرام مجموعة من الخطب المختارة حول الهوية الإسلامية، نحاول فيها رصد معنى الهوية ومظاهرها التي ينبغي أن توجد في مجتمعاتنا الإسلامية بين الشعوب والأفراد، ومتتبعين أهم التدابير التي يسلكها المستعمرون في محاولة منهم لطمس تلك الهوية واستبدال غيرها بها، واضعين الحلول والعلاجات التي ينبغي الأخذ بها للمحافظة على الهوية من محاولات الطمس والاستبدال..
|
|