إنّ محبّة النبيّ صلى الله عليه وسلم من أعظم الطّاعات وأجلّ القربات؛ فهو سيّد ولد آدم وإمام الورى وقدوة عباد الله والداعي إلى صراطه المستقيم، افترض الله على العباد طاعته ومحبته وتعزيره وتوقيره والقيام بأداء حقوقه صلوات الله وسلامه عليه.
وإن لدعوى محبة النبي صلى الله عليه وسلم سمات وعلامات تدلّ على صدقها، كلّما عظم نصيب العبد وحظُّه منها؛ عظُم نصيبه وحظُّه من المحبّة، ولعلّ جماع هذه السِّمات ما يلي:
* اتباع سنته صلى الله عليه وسلم والتّمسك بهديه، قال الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 31].
* الإكثار من ذكره ومحبة رؤيته، ومن شواهد ذلك ما رواه مسلم في "صحيحه" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أشدّ أمتي لي حبًّا ناسٌ يكونون بعدي يودّ أحدهم لو رآني بأهله وماله).
وذكرُه عليه الصّلاة والسلام يكون: بذكر مناقبه وشمائله الكريمة وبيان سننه وآثاره العظيمة.وبالإكثار من الصّلاة والسّلام عليه.
ومحبّة رؤيته -صلى الله عليه وسلم-ثمرتها عزم صادق وجدّ واجتهاد وتأس واقتداء بهديه القويم، يكسب العبد رؤيته ومرافقته في الجنان.
* محبّةُ مَنْ أحبّ وبُغض مَنْ أبغض، وهذا أوثق عرى الإيمان كما صحّ عنه الحديث بذلك عليه الصّلاة والسلام.
* الحذر من الغلو فيه ورفعه فوق منـزلته التي أنزله الله إياها، ومن خفي عليه هذا الأصل؛ زلّت قدمُه بالغلو في شخصه عليه الصلاة والسلام بدعوى إظهار محبّته.
* الحذر من البدع والبعد عن الأهواء، ولربما ظنّ بعضُ الناس أنّ الطّريقة المثلى لإظهار محبّته ركوب البدع واتباع الأهواء وإحالة الدِّين إلى طقوس ورسوم وأعمال لا أثارة عليها من علم ولا شاهد عليه من الكتاب والسنة، وهؤلاء وإن كان قصدهم بذلك إظهار محبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو قصد حسن، إلا أنّ إظهار محبته عليه الصّلاة والسلام لا تصح إلا باتّباعه ولزوم نهجه وترسم خطاه، ولهذا لم ينقل عن أحد من الصّحابة ولا التابعين ولا الأئمة المعتبرين شيء من هذه الأمور المحدثة، بل الذي نقل عنهم ذمّ الإحداث وبيان خطورته
ومن عرف حقّ النبي الكريم عليه الصلاة والسّلام وواجب الأمّة نحوه؛ لم يلتفت إلى شيء من هذه المحدثات، بل يلزم نهجه ويقتفي أثره.