زائر زائر
| موضوع: هدي الرسول النهي عن النفاق الأربعاء سبتمبر 18, 2013 6:40 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. الله عز وجل يتولى السرائر : عن سهل بن سعد رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((التَقَى هو والمشركونَ، فاقتَتَلوا - في غزوة من الغزوات-، فلما مالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلى عَسْكَرِهِ، ومالَ الآخرونَ إِلى عَسكَرِهم، وفي أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم رَجُل لا يَدَع لهم شاذَّة، ولا فاذَّة إِلا اتَّبَعَها، يضربُها بسيفه, – أي شجاع جداً, قدم أعمالاً بطولية مذهلة في المعركة-, فقالوا: ما أَجْزَأَ مِنَّا اليومَ أحد كما أجزأَ فلان، - أي لا يوجد إنسان أبلى بلاء حسناً, وقاتل قتالاً شديداً, و أظهر شجاعة كبيرة كما أظهر فلان-, فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أَمَا إِنَّهُ مِن أهلِ النَّارِ)) وفي رواية: ((قال أصحاب رسول الله: أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار؟ فقال رجل من القوم: أنا صاحبه أبداً)) أي كلمة رسول الله حق: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [سورة النجم الآية:3-4] فهذا الرجل الصحابي اختل توازنه, إذا هذا من أهل النار من منا من أهل الجنة؟ (( فقال: أنا صاحبه أبدا, قال: فخرج معه, فكلما وقف وقف معه, وإذا أسرع أسرع معه, قال: فجرح الرجل جرحاً شديداً, فاستعجل الموت, فوضع نصب سيفه بالأرض, وذبابه بين ثدييه, – وضعه بشكل عامودي, و مكانه الحاد بين ثدييه-, ثم تحامل على سيفه, فقتل نفسه, فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله, قال: وما ذاك؟ قال: الرجل الذي ذكرت آنفاً أنه من أهل النار, فأعظم الناس ذلك, فقلت: أنا لكم به, فخرجت في طلبه, حتى جرح جرحاً شديداً, فاستعجل الموت, فوضع نصب سيفه بالأرض, وذبابه بين ثدييه, ثم تحامل عليه, فقتل نفسه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس, وهو من أهل النار, وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس, وهو من أهل الجنة)) [أخرجه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي] أي مستحيل إنسان يغش الناس, قد تتفق مصلحته مع عمل يرضي الناس, قد يجد من مصلحته أن يؤدي الصلوات مع المسلمين, قد يجد من مصلحته أن يتظاهر بمظاهر الدين, لكن الله يتولى السرائر. فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس –هو ليس من هؤلاء– ويعمل عمل أهل النار، هو يريد الدنيا, يريد مجدها, يريد متعتها, فقد يجتهد أن يكون مع المؤمنين, لكن الله سبحانه وتعالى يكشفه على حقيقته.
بالنية الطيبة يأخذ الله بيد الإنسان : أول نقطة في هذا الحديث: ((مَنْ أَسَرَّ سَرِيرَةً أَلْبَسَهُ اللَّهُ رِدَاءَهَا)) [الزهري عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ] كل نية سيئة بالإنسان مهما كان ذكياً وأخفاها على الناس, لا بد من أن يكشفها الله عز وجل, وضعه في ظرف صعب جداً, فقتل نفسه: (( وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار )) في معصية مغلوب, لكن متألم جداً, يتمنى ألا يفعل هذه المعصية, فربنا عز وجل يعينه على نفسه, ويميته مسلماً. صار عندنا حالتان؛ إنسان يرتكب بعض المعاصي, وهو مغلوب, وهو متألم أشد الألم, وهو نادم أشد الندم, وإنسان آخر يفعل فيما يبدو للناس أعمالاً طيبة, فالذي يكون في الجنة هو الذي ينوي هذه النية الطيبة, أهم شيء أن تكون إنسانيته طيبة, فبالنية الطيبة يأخذ الله بيده, وبالنية السيئة يفضحه الله عز وجل, فلذلك: ممكن أن يكون الإنسان ضمن مجموعة مؤمنين, وهو ليس منهم, و ممكن أن تتفق مصالحه مع ما يفعل هؤلاء.
من يضحك على الناس يتولى الله عز وجل فضحه : هناك شيء واضح جداً, أحياناً الإنسان يكون في بلد إسلامي, فيه تشدد, والحجاب إجباري, فتجد زوجته محجبة, الصلاة إجبارية, وإلا هناك مخالفة كبيرة, أي كيف إذا ارتكب الإنسان مخالفة تموينية فيها سجن لمدة شهرين. في بلاد أخرى إذا الإنسان لم يغلق محله, وينطلق للمسجد, يعاقب عقاباً شديداً, وقد يجلد في الطريق, وقد يهان, فتجده منضبطاً في هذا البلد, هو يصلي, وزوجته محجبة, فإذا سافر إلى بلد أجنبي, زوجته شبه عارية, هو من حانة إلى حانة, هو في بلده من أهل الجنة, الصلاة في وقتها, أول صف, لأنه لا يستطيع أن يتفلت. أنا مرة كنت في جدة, في معمل, دخل وقت الظهر, صاحب المحل يبيع, تأخر بإغلاق المحل, دخل المطاوعة, ترجاهم كالأطفال؛ وإلا هناك مخالفة, وإهانة, و ضرب, و ضبط. فالإنسان إذا كان في بلد فيه تشدد بأداء الصلوات, تشدد في حجاب النساء, وكان يصلي الصلاة بأوقاتها في المسجد, وزوجته محجبة, انظر إلى هذين الشخصين في لندن ماذا يفعلان؟ زوجته شبه عارية, هو من حانة إلى حانة؛ لا صلاة, ولا عبادات, بالعكس زنا, وخمر, وما شابه ذلك. فمن يضحك على الناس الله عز وجل يتولى فضحه, والدليل قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ [سورة آل عمران الآية:179] مَنْ أَسَرَّ سَرِيرَة أَلْبَسَه اللَّه رِدَاءَها : كنت أقول هذه الكلمة: قل ما شئت والله يتولى أن يظهرك على حقيقتك, الله عز وجل يضع الإنسان في ظرف صعب, هذا الظرف يكشفه على حقيقته, هو يدّعي؛ يدّعي الإيمان, يدّعي العقل, يدّعي التقوى, قل ما شئت, صف نفسك بما شئت, لكن الله يتولى أن يكشفك على حقيقتك. هناك مثل مهم جداً: أنت لن تستطيع أن تخدع كل الناس بكل الوقت, بإمكانك أن تخدع بعض الناس طول الوقت, أو تخدع كل الناس ببعض الوقت, أما أن تخدع كل الناس لكل الوقت, فهذا مستحيل, هذا يتناقض مع عدالة الله, فالإنسان يخاف, الله عز وجل مطلع على السرائر. ((مَنْ أَسَرَّ سَرِيرَةً أَلْبَسَهُ اللَّهُ رِدَاءَهَا)) [الزهري عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ] يكون هناك نية سيئة، خيانة, ازدواجية, الآن من هو الممثل؟ إنسان ذكي جداً, يستطيع أن يؤدي دور إنسان صالح, صحابي أحياناً, متقن دوره إتقاناً شديداً, فإذا رأيته ظننته صحابياً, أكبرته وهو من أهل الدنيا, والفسق, والفجور, فكل إنسان يوجد عنده قدرات عالية جداً ممثل ذكي جداً يستطيع أن يظهر بدور عجيب. أحياناً في حالات الزواج, تجد بالخطوبة كل طرف يمثل أطهر دور؛ البراءة, واللطف, والأدب, والحياء, والخجل, بعد حين يصبح الزواج قطعة من الجحيم, لأنه كان في تمثيل, فكل إنسان يمثل سيكشفه الله عز وجل. من هو المنافق؟ ممثل يظهر بشيء, هذه اسمها ازدواجية, وأنا رأيي انفصام شخصية, تجد له وضعاً, هذا من أجل أن ينتزع إعجاب الآخرين, حتى تبقى أموره ميسرة له, إذا خلا مع نفسه, انتهك حرمات الله. الإنسان الذي له شخصية مزدوجة, الذي عنده انفصام شخصية, له شخصية أمام الناس, يستدر إعجابهم بسلوك ذكي جداً, وله شخصية خاصة يفعلها، ممثل سيكشفه الله تعالى. هناك شخص بأمريكا, داعية كبيرة من دعاة النصرانية, دخله باليوم بليون دولار, من أكبر الدعاة, وله محطات تلفزيون خاصة له, ودور نشر, ومحاضرات, هو جميل جداً, وطليق اللسان, فتناقش مع عالم مسلم, فمن جملة النقاش أن الإنجيل كلمة الحق, كلمة الله, لأنه طهرني, وطهر قلبي, منضبط بجريمة جنسية بشعة جداً, غير الزنا, أشد من الزنا, وفضح، فالله عز وجل يتولى بنفسه كشف عباده. ((مَنْ أَسَرَّ سَرِيرَةً أَلْبَسَهُ اللَّهُ رِدَاءَهَا)) أجمل شيء بحياة المؤمن أن تكون سريرته كعلانيته و سره كجهره : أجمل شيء بحياة المؤمن لا يوجد عنده انزواء شخصية أبداً, لا يوجد عنده شيء يستحي به, سريرته كعلانيته, سره كجهره, هو في بيته كما هو مع الناس, الانسجام رائع جداً, لا يوجد شيء يستحي منه, ولا يوجد عنده موقف معلن, وموقف مبطن, شيء يفعله أمام الناس, وشيء يفعله فيما بينه وبين نفسه. أحياناً الإنسان لو كان كذلك شخص بطريقة أو بأخرى يندس إلى حياته الخاصة فيفضحه, والله عز وجل كبير. أنا أعرف رجلاً, له مكانة, الناس معجبون به إلى درجة كبيرة, وله أعمال لا ترضي الله, فأحد الأشخاص الذين يفعل معهم ما لا يرضي الله, وضع مسجلة, وسجل كلامه المنحط, وأذاعه بين الناس, عند من يعجبون به, فضحه, قصص تندى لها الجبين؛ فكل إنسان عنده انزواء شخصية, عنده انفصام شخصية, عنده مواقف معلنة, مواقف مبطنة, الله عز وجل يتولى فضحه. وهذه القصة نموذجية, الأحداث التي جرت في عهد رسول الله مقصودة لذاتها, لا يوجد حدث صدفة, هذا الحدث يمثل موقف نموذج بشري, إنسان مصلحته اتفقت مع المسلمين, أبلى بلاء حسناً, أظهر شجاعة, أعجب به الصحابة فجأة. من قدّم عملاً بسيطاً مع الإخلاص فهو عند الله كبير : والله من حوالي ثماني سنوات شخص أعجبت به إعجاباً كبيراً, هو استغل هذا الإعجاب, ليس له علاقة بجامعنا, لكن له هيمنة, وله مكانة, سبحان الله! ثم اكتشف بمخالفات كبيرة جداً, جعلته يسقط من عين الناس. أنا لست متشائماً الآن, لكن أنتم طلاب علم, طلاب حقيقة إن شاء الله؛ ضمن الجماعات الإسلامية, ضمن المساجد, ضمن حلقات الدين, هناك حالات صعبة جداً, حالات مرضية كبيرة, إنسان طالب دنيا, إنسان طالب عز, إنسان طالب جاه من خلال الدين. فالله عز وجل يتولى السرائر, يعرف السرائر, ولا يوجد أروع من الإخلاص, لو قدمت عملاً بسيطاً مع الإخلاص أنت عند الله كبير, ولو قدمت عملاً كالجبال مع النفاق, ومع الازدواجية, ومع انفصام الشخصية، أنت عند الله صغير. أنا أصرّ على انفصام الشخصية؛ إذا خلا في بيته ينتهك حرمات الله, أما أمام الناس فله مظهر راق, معنى هذا أنه ممثل, والممثل إنسان غير محترم, قد يُمثل دوراً راقياً جداً, وفي فيلم ثان يمثل دوراً سيئاً جداً, معنى هذا أنه ليس له اتجاه, ليس له مبدأ, عنده ذكاء عال, يتقن أي دور. فهذا الذي يصل إلى مصالحه من خلال الدين إنسان ممثل, وهذا سوف يفضحه الله عز وجل. وهذا مضمون مقولة الإمام الشافعي: "لأن أتجر بالرقص, أهون من أن أتجر بالدين". |
|