زائر زائر
| موضوع: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ الأحد سبتمبر 15, 2013 5:06 am | |
| الحمد لله الكبير المتعال ، الذي تفرّد بالجمال والجلال والكمال ، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ بن عبد الله كريم الصفات وشريف الخصال ، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم المآل . أما بعد ؛ فاتقوا الله عباد الله في السر والعلن ، واحرصوا - بارك الله فيكم - على سلامة السرائر واجتماع القلوب ، وراقبوا مولاكم الذي وصف نفسه بعلام الغيوب . عباد الله : يقول بعض أهل العلم من سلفنا الصالح : " إن الهلاك لا ينزل بقوم فيهم المصلحون " ، وفي هذا القول إشارةٌ جميلةٌ ينبغي أن نعرفها ، وأن نقف معها حتى نستوعبها ، وتتمثل هذه الإشارة في أن هناك فرقًا بين ( المصلح ) و ( الصالح ) ، وأن لكلٍ منهما معنى يخصه ، فشتّان بين الإنسان ( الصالح ) الذي يكون صلاحه لنفسه ، فهو صالحٌ في عبادته وقوله وعمله ونيته وسره وعلنه ، ولكن صلاحه محصورٌ في حدود نفسه ، ولا يتعدى نفعه إلى غيره ، وفرقٌ بين الإنسان ( المصلح ) الذي هو صالح في نفسه ، ولكنه إلى جانب ذلك يسعى للإصلاح في المجتمع الذي يعيش فيه فيتعدى نفعه إلى غيره ، وبذلك يكون المصلح أَعَمُّ وأشمل وأنفع من الصالح في نفسه ؛ لأن المصلح يسعى ويعمل جاهدًا لإصلاح الناس وصلاح شؤون حياتهم حتى تستقيم الأمور كما أمر الله عز وجل ، بأن يدعو إلى الله جل جلاله ، ويأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويهمّه أمر المسلمين بعامة . وإلى هذا المعنى يُشير بعض أهل العلم عند شرحهم لقوله تعالى : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } ( سورة هود : الآية 117 ) ، فالله سبحانه وتعالى لم يقل : ( وأهلها صالحون ) ، وإنما قال ( وأهلُها مُصلحون ) ، وهذا يعني أن هناك فرقًا بين الصالح والمُصلح . جعلني الله وإياكم من الصالحين المُصلحين . أما هؤلاء الموفقين من الناس الذين يحبون أن يكونوا مصلحين ، فعليهم أن يحتسبوا أجرهم على الله سبحانه ، وأن يكون عملهم خالصًا لوجه الله تعالى ، وألاّ يريدوا به الرياء و السمعة ، أو الحصول على عبارات الثناء والمدح من الآخرين ، وأن يَكون سعيهم في عملية الإصلاح بين المتخاصمين بالقول الطيب ، والأخبار السَّارَّةِ ينقلونها بينهم ، ويحملونها إليهم ، حتى يمكنهم ذلك بإذن الله تعالى من الجمع بين الأطراف المتخاصمة ، والتقريب بين وجهات النظر المختلفة . وعلى المصلحين أن يعلموا أن مهمة الإصلاح بين الناس مهنة العُظماء وهواية الشُرفاء ، وأنها مهمةٌ ليست باليسيرة ، ولا يتصدى لها إلا من وفقه الله تعالى لهذا الخير العظيم الذي يسوقه جل جلاله لمن شاء من عباده ، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى :{ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } ( سورة النساء : 114 ) . فيا أيها المسلمون ، ليكن لكل واحدٍ منا حظٌ ونصيبٌ من هذا الشرف العظيم ، وليحرص كل فردٍ أن يكون من أهل الصلاح والإصلاح ، أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصالحين المصلحين ، وأن يوفقنا جميعًا لصالح القول والعمل والنية ، وأن يجعلنا ممن يستعملهم في طاعته ، وأن نكون مفاتيح للخير ومغاليق للشر ، إنه على كل شيءٍ قدير . هذا وصلّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على الحبيب المصطفى ، فقد أمركم بذلك ربكم جل وعلا فقال : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْه وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ( سورة الأحزاب : الآية 56 ) . اللهم أعز الإسلام والمُسلمين ، ودمِّر أعداء الملة والدين ، واكفنا اللهم وإخواننا المسلمين في كل مكانٍ من كيد الكائدين ، ومكر الماكرين ، وحسد الحاسدين ، وفساد المُفسدين . اللهم أغفر لنا وارحمنا ، وأغفر اللهم لآبائنا وأمهاتنا ، وأبنائنا وبناتنا ، وإخواننا وأخواتنا ، وأزواجنا وزوجاتنا ، وأحيائنا وأمواتنا . اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته ، ولا همًا إلا فرجته ، ولا كربًا إلا نفّسته ، ولا دينًا إلا قضيته ، ولا مريضًا إلا شفيته ، ولا مُبتلى إلا عافيته ، ولا أمرًا عسيرًا إلا يسرته ، ولا غائبًا إلا رددته ، ولا حاجةً من حوائج الدنيا هي لك رضى ولنا فيها صلاحٌ إلا أعنتنا على قضائها يا رب العالمين . اللهم إنك ترى ما نحن فيه من الشدة ، وتعلم ما نحن في حاجةٍ إليه من رحمتك ، فلا تحرمنا فضلك يا واسع الفضل ويا كريم العطاء ، اللهم يا مغيث أغثنا ، اللهم يا مُغيث أغثنا ، اللهم يا مُغيث أغثنا ، اللهم أنزل علينا الغيث ، واجعل ما أنزلته قوةً لنا على طاعتك ، وسبيلاً إلى المزيد من رحمتك . عباد الله : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . فاذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، واستغفروه يغفر لكم ، وأقم الصلاة .... |
|