عنترAdmin Admin
عدد المساهمات : 201 تاريخ التسجيل : 27/10/2011
| موضوع: نهج الإستقامة الأحد يونيو 23, 2013 4:13 am | |
|
الحمدُ للهِ ،قدَّمَ من شاءَ بفضلِهِ ، وأخرَّ من شاءَ بعدلِهِ ، هو المبدءُ المعيدُ ، الفَعَّالُ لمايُريدُ ، جلَّ عن أتخاذِ الصاحبةِ والولدِ ، ولم يكنْ له كفواً أحدٌ ، أشهدُ أن لا إلهَ إلا هوَ ، وحدَهُ ولا شريكَ له ، ( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم تسليماً كثيراً :: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً): أما بعدُ أيها الأحبةُ في الله ، فإن الثَّبَاتَ عَلَى دِينِ اللهِ تَعَالَى وَمُلاَزَمَةَ صِرَاطِهِ المُسْتَقِيمِ وَالمُدَاوَمَةَ عَلَى الطَّاعَةِ وَالحَذَرَ مِنَ الوُقُوعِ فِي المَعَاصِي وَالمُحَرَّمَاتِ دَلِيلُ صِدْقِ الإِيمَانِ ، وَثَمَرَةُ الهِدَايَةِ ، وَسَبَبُ حُصُولِ الخَيرَاتِ ، وَتَنَزُّلِ الرَّحَمَاتِ ، وَالوُصُولِ إِلَى أَعْلَى المقَامَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ، وَتَحْقِيقِ الكَرَامَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، بِهِ يَحْصُلُ اليَقِينُ وَمَرْضَاةُ رَبِّ العَالَمِينَ، وَيَجِدُ المُسْلِمُ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ وَطُمَأْنِينَةَ النَّفْسِ وَرَاحَةَ البَالِ وَبَرْدَ اليَقِينِ؛ (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ، (أَوَمَنْ كَانَ مَيتًا فَأَحْيَينَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) إِنَّ الثَّبَاتَ عَلَى دِينِ اللهِ ، هُوَ الرُّجُولَةُ الحَقَّةُ ، وَالانْتِصَارُ العَظِيمُ ، فِي مَعْرَكَةِ الطَّاعَاتِ ، وَالأَهْوَاءِ ، وَالرَّغَبَاتِ ، وَالشَّهَوَاتِ، وَهُوَ الضَّمَانُ بِإِذْنِ اللهِ للحُصُولِ عَلَى الجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ ؛ وَلِذَلِكَ اسْتَحَقَّ الثَّابِتُونَ المُسْتَقِيمُونَ أَنْ تَتَنَزَّلَ عَلَيهِم المَلاَئِكَةُ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا، لِتَطْرُدَ عَنْهُمُ الخَوفَ والحَزَنَ، وَتُبَشِّرَهُم بالجَنَّةِ، وَتُعْلِنَ وَقُوفَهَا إِلَى جَانِبِهِم في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ *نَحْنُ أَولِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ *نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) قَالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : (لَمْ يُشْرِكُوا باللهِ شَيئًا ، ولَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى إِلَهٍ غَيرِهِ ، ثُمَّ اسْتَقَامُوا عَلَى أَنَّ اللهَ رَبُّهُم)، وَقالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "اسْتَقَامُوا عَلَى أَمْرِ اللهِ فَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ واجْتَنَبُوا مَعْصِيَتَهُ". مَا أَجْمَلَ الطَّاعَة إِذَا أُتْبِعَتْ بِالطَّاعَةِ، وَمَا أَعْظَمَ الحَسَنَة وَهِي تَنْضمُّ إِلَى الحَسَنَةِ ، لِتُكَوِّنَ سِلْسِلَةً مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، التِي تَرْفَعُ العَبْدَ إِلَى الدَّرَجَاتِ العُلَى ، وَتُنْجِيهِ مِنَ النَّارِ ، بِرَحْمَةِ اللهِ وَفَضْلِهِ ، وَمَا أَتْعَسَ المَرْء وَأَقَلَّ حَظّهِ مِنَ الإِسْلاَمِ ، أَنْ يَهْدِمَ مَا بَنَى ، وَيُفْسِدَ مَا أَصْلَحَ، وَيَرْتَدَّ إِلَى حَمْأَةِ المَعْصِيَةِ ، وَظُلْمَةِ الكُفْرِ ، بَعْدَ أَنْ ذَاقَ لَذَّةَ الإِيمَانِ وَحَلاَوَةَ الطَّاعَةِ.وَلَقَدْ كَانَ مِنْ دُعَاءِ المُصْطَفَى r فِي صَلاَتِهِ: {اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ} رواه النسائيُ وَأحمدُ والترمذيُّ وسندُهُ قويٌّ. وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ r المُدَاوَمَةُ عَلَى الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، وَلَو كَانَتْ قَلِيلَةً؛ سُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ r يَخْتَصُّ مِنَ الأَيَّامِ شَيئًا؟ قَالَتْ: لاَ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ r يُطِيقُ؟! متفقٌ عليه. وَيَقُولُ r: {أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ}متفقٌ عليه. قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "أَبَى قَومٌ المُدَاوَمَةَ، واللهِ مَا المُؤْمِنُ بالذِي يَعْمَلُ الشَّهْرَ أو الشَّهْرَينِ ، أو عَامًا أَو عَامَينِ ، لاَ وَاللهِ مَا جُعِلَ لِعَمَلِ المُؤْمِنِ أَجَلٌ دُونَ المَوتِ"، ثُمَّ قَرأَ قَولَ الحَقِّ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99]. وَإِنَّ الثَّبَاتَ عَلَى الطَّاعَةِ في هذا الزَّمانِ ، وَلُزُومَ الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ عَزِيزٌ وَعَظِيمٌ، لاَ سِيَّمَا مَعَ فَسَادِ الزَّمَانِ ، وَكَثْرَةِ المُغْرِيَاتِ وَتَتَابُعِ الشَّهَوَاتِ وَكَثْرَةِ الشُّبُهَاتِ ، وَضَعْفِ المُعِينِ ، وَكَثْرَةِ الفِتَنِ التِي أَخْبَرَ عَنْهَا المُصْطَفَى r بِقَولِهِ: {بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَو يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا؛ يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا}رواه مسلم.وَالنَّفْسُ الثَّابِتَةُ عَلَى دِينِ اللهِ تَعَالَى تَحْتَاجُ إِلَى المُرَاقَبَةِ التَّامَّةِ وَالمُلاَحَظَةِ الدَّائِمَةِ وَالأَطْرِ عَلَى الحَقِّ وَالعَدْلِ وَالبُعْدِ عَنْ مَوَاطِنِ الهَوَى ، وَالمُجَاوَزَةِ وَالطُّغْيَانِ ؛ وَلأَجْلِ هَذَا فَقَدْ أَرْشَدَ النبيُّ الكَرِيمُ r أُمَّتَهُ بِقَولِهِ: {اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا} رواه مسلم، وَبِقَولِهِ r: {سَدِّدُوا وَقَارِبُوا} متفق عليه، وَالسَّدَادُ هُوَ حَقِيقَةُ الاسْتِقَامَةِ وَالثََّبَاتِ، وهُوَ الإِصَابَةُ في جَمِيعِ الأَقْوَالِ ، والأَعْمَالِ والمَقَاصِدِ . وأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وأَجَلُّ قَولُ الحَقِّ تَعَالَى: (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) [فصلت: 6]. وَهُوَ تَوجِيهٌ إِلَهِيٌّ كَرِيمٌ لِجَبْرِ مَا قَدْ يَحْصُلُ مِنْ ضَعْفٍ بَشَرِيٍّ ، وقُصُورٍ إِنْسَانِيٍّ .وَمَدَارُ الثَّبَاتِ عَلَى دِينِ اللهِ وَالاسْتِقَامَةِ عَلَى مَنْهَجِهِ وَطَاعَتِهِ ، عَلَى أَمْرَينِ عَظِيمَينِ، هُمَا حِفْظُ القَلْبِ وَاللِّسَانِ ، فَمَتَى اسْتَقَامَا اسْتَقَامَتْ سَائِرُ الأَعْضَاءِ وصَلَحَ الإِنْسَانُ في سُلُوكِهِ وحَرَكَاتِهِ وسَكَنَاتِهِ، ومَتَى اعْوَجَّا وَفَسَدَا فَسَدَ الإِنْسَانُ وضَلَّتْ أَعْضَاؤُهُ جَمِيعًا. وَفِي الصَّحِيحَينِ أَنَّهُ r قَالَ:{أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ }، وَعِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ النبيَّ r قَالَ:{لاَ يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ}، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَأَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ r قَالَ: { لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَشَدُّ انْقِلاَبًا مِنْ الْقِدْرِ إِذَا اجْتَمَعَتْ غَلْيًا }اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ.., بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون
| |
|