الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
اعزكم الله
بقول الحق جل وعلا
{ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} وتبرز الخلائق لديَّانها ترى يا محمد يومئذ المجرمين وهم الذين أجرموا بكفرهم وفسادهم، { مقرنين} أي بعضهم إلى بعض قد جمع بين النظراء أو الأشكال منهم كل صنف إلى صنف، كما قال تعالى: { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} ، وقال: { وإذا النفوس زوجت} ، وقال: { وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا} ، وقال: { والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد} والأصفاد هي القيود قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والأعمش وعبد الرحمن بن زيد ، قال عمرو بن كلثوم: فآبوا، بالثياب وبالسبايا ** وأبنا بالملوك مصفدينا وقوله تعالى: { سرابيلهم من قطران} أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران، وهو الذي تهنأ به الإبل، أي تطلى، قال قتادة: وهو ألصق شيء بالنار، وكان ابن عباس يقول: القطران هو النحاس المذاب وهو مروي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة ، أي من نحاس حار قد انتهى حره، وقوله: { وتغشى وجوههم النار} ، كقوله: { تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون} ، وقال الإمام أحمد، عن أبي مالك الأشعري قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن بالأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت، والنائحة إذا لم تتب قبل موتها؛ تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) ""أخرجه مسلم والإمام أحمد في المسند""، وقوله: { ليجزي اللّه كل نفس ما كسبت} أي يوم القيامة { ليجزي الذين أساءوا بما عملوا} الآية، { إن اللّه سريع الحساب} يحتمل أن يكون كقوله تعالى: { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} ويحتمل أنه في حال محاسبة لعبده سريع النجاز، لأنه يعلم كل شيء ولا يخفى عليه خافية، وإن جميع الخلق بالنسبة إلى قدرته كالواحد منهم، كقوله تعالى: { ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} ، وهذا معنى قول مجاهد: { سريع الحساب} إحصاءً، ويحتمل أن يكون المعنيان مرادين واللّه أعلم.