الصــبر الصـــبر أمة النصر

بسم الله الرحمن الرحيم ..

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم صلوات ربى وتسليماته عليه وآله وسلم
أمــــا بعد ..

بــــــداءة قبل أن أخوض فى الموضوع أريد أن أوضح سبب كتابة هذا الموضوع ألا وهو ..
<< الهزيمة النفسية التى يحاول أعداؤنا رسمها فى نفوسنا صغيرنا قبل كبيرنا ، بل جعلها كلمات يُتفوه بها آناء الليل وأطراف النهار ، بل وجعل تلك الهزيمة ملبسا نعلقه على شماعة _ الأخطاء _ فالله المستعان وعليه التكلان ..

بإسم الله نبدأ (( الصبر الصبر أمة النصر )) كلمات أسطرها لنفسى ولغيرى سائلين المولى أن ينفعنا بها ..
الله سبحانه وتعالى جعل الإبتلاء وسيلة لتصفية النفوس ومعرفة المحق منهم والمبطل ..
قال تعالى (( آلم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله
الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين )) العنكبوت .
فالإبتلاء سنة جارية على الأمة الإسلامية لا تتخلف ولاتتغير، فالله سبحانه وتعالى يريد أن يمحص إيمانهم ثم يكون لهم
التمكين فى الأرض بعد ذلك ، ولذلك جاء هذا المعنى على لسان الإمام الشافعى رحمه الله << حين سأله رجل
أيهما أفضل للمرء ، أن يُمكّن أو يبتلى ؟ فقال الإمام الشافعى لا يُمكّن حتى يبتلى ، فإن الله تعالى ابتلى نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فلما صبروا مكنهم فلا يظن أحد
أن يخلص من الألم البته .>>

فعندما ننظر مثلا إلى سيدنا موسى وما مربه من ابتلاءات ، بل تعال معى نعيش قليلا مع أم موسى ..
قال تعالى (( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه فى اليم ولا تخافى ولاتحزنى إنا رادوه إليك
وجاعلوه من المرسلين )) القصص .
أولا هذه الآية بها لفته بلاغية جميلة تأمل معى ( هذه الآية احتوت على خبرين <أوحينا ،خفت > ، وأمرين < أرضعيه ، ألقيه > ، ونهيين < لا تخافى ، لا تحزنى > ، بشارتين < رادوه إليك ، جاعلوه من المرسلين > ) .
فهذه الآية فيها من المعانى الرائعة الجميلة التى لوعقلها كل إنسان مبتلى لكفته هذه الآية فى مصيبته ،
أريدك أن تستشعر معى حال أم موسى وهى تريد أن تلقى بولدها حبيبها فى البحر لأنها خافت عليه من ألد أعدائه ، وليس هذا فحسب بل سيذهب إليه فعلا سيذهب إلى ألد أعدائه < فرعون > ..
ثم تعال وتأمل قول اللطيف الحكيم وهو يطمئن أم موسى ، وضع تحت اللطيف عدد لا نهائى من الخطوط ..
الله لطيف بعباده .. يا أم موسى لا تخافى ولا تحزنى بل سنرده إليكِ وسيكون مرسلا من المرسلين ..
يـــا الله يا حكيم يا لطيف ..
إذا فعندما يقول الملك القدير (( وكان حقا علينا نصر المؤمنين )) ونتساءل ونقول لم تأخر النصر لم لم ..!!؟؟
فهل نـــحن حققنا الإيمان بالله ..!!؟؟
والعديد من الإبتلاءات التى تعرض لها سيدنا موسى أثناء دعوته ، فلما صبر مكنه الله وانظروا إلى فرعون
وماذا كانت نهايته ..؟؟ .

ونتحول سريعا إلى سيدنا يوسف ، وما مر به من ابتلاءات من كيد إخوته له وابتعاده عن أبيه ودخوله السجن
ظلما ، ولكنه عندما صبر على هذه الإبتلاءات وخرج من السجن خرج عزيزا مكرما استطاع أن يحول عبادة العباد للأوثان إلى عبادة العباد للحكيم المتعال (( ياصاحبى السجن ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ))يوسف
فانظروا هنا أيضا كيف بدأ التمكين بدأ بالإبتلاءات ..(( وكذلك مكنا ليوسف فى الأرض يتبوأ منها حيث يشاء
نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين )) يوسف .

ثم تعالوا نعيش لحظات مع أشد الناس بلاءا << إنه الحبيب المصطفى >> ..صلوات ربى وتسليماته عليه وآله وسلم .. تعال واستشعر هذه الكلمة .. عندما آتى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ورقة بن نوفل وقال له ورقة
<< ليتنى أكون حيا إذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أومخرجىَّ هم " ..
يــا الله ... أريدك أخى الفاضل وأختى الفاضل أن تستشعر هذه الكلمة والحبيب المصطفى يقولها ..
وكأنك واقفا معه تسمعها منه .. " أو مخرجىَّ هم " ..
ثم انظر ما مر به النبى صلى الله عليه وسلم بموت السيدة خديجة التى كانت السند الداخلى الذى يخفف
عنه الأزمات والمحن ، ليس هذا فحسب ، بل توفى فى نفس العام أيضا أبو طالب الذى كان السند الخارجى يدفع
عنه القوم .. أى بـــلاء هـــــــــــــــذا ..!!؟؟
بل تعال واسنشعر معى هذه اللحظة ، عندما ذهب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى الطائف
ماذا كان رد زعماء الطائف ؟؟ وما فعلوه من استهزاء وسخرية ، ليس هذا فحسب بل أغروا به سفهاءهم
وعبيدهم يسبونه ويرمون عراقيبه بالحجارة حتى دمت عقباه وتلطخت نعلاه ـ بأمى أنت وأمى يا رسول الله ـ
وسال دمه الزكى على أرض الطائف ...
والــكثير الـــكثير من الإبتلاءات والمحن التى تعرض لها الحبيب المصطفى وأصحابه حتى يصل إلينا
هذا الدين دون أن نجد أى صعوبة أو معاناه ... ونحن .....!!؟؟ الله المستعان .
فى حديث عبد الله بن أبى وقاص قال : قلت يا رسول الله : أى الناس أشد بلاءا ؟ قال " الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل
يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان فى دينه صلبا أشتد بلاؤه ، وإن كان فى دينه رقة ابتلى على قدر دينه
فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشى على الأرض وليس عليه خطيئة " .

فانظروا كيف صبر هؤلاء حتى مكنهم الله ، وعندما كانوا يشكون مصائبهم ونوائبهم لا يشكون لأحد
كانوا يذهبون إلى اللطيف المجيب الدعاء رافعين أكف الضراعة والدعاء لله فى ذل وخضوع ..
فهم علموا أن النصر بيد الله وحده ..
فانظر إلى سيدنا يعقوب لما ابتلى بابتعاد يوسف عنه ..(( قال إنما أشكوا بثى وحزنى إلى الله )) يوسف
قال بعض أهل العلم ..
لا تكثر الشكوى إلى الصديق = وارجع إلى الخالق لا المخلوق
فقل من صبر على حادثة وتماسك فى نكبة إلا كان انكشافها وشيكا ، وكان الفرج منه قريبا ..

ذكر بعض أهل الأدب أن أبا أيوب الكاتب حبس فى السجن خمس عشرة سنة ، حتى ضاقت حيلته
وقل صبره ، فكتب إلى بعض إخوانه يشكو له طول حبسه ، فرد عليه ..

صبرا أبا أيوب صبر مبرح = فإذا عجزت عن الخطوب فمن لها ؟
إن الذى عقد الذى انعقدت له = عقد المكاره فيك يملك حلــــــــها
صبرا فإن الصبر يعقب راحة =ولـــعلهـا أن تـنجــــلى ولـــعــلها

فأجابه أبو أيوب يقول :
صبرتنى ووعظتنى وأنا لــها = وستنجلى بل لا أقول لــعــلها
ويحلها من كان صاحب عقدها= كرما به إذ كان يملك حلهــا

فلم يلبث بعد ذلك فى السجن إلا أياما حتى أطلق مكرما .

وفى النهاية ..
أسطر كلمات إلى شعب البسالة شعب الصمود شعب الصبر شعب غزة الحبيب ..
لا تخافوا ولا تحزنوا يا شعب العزة فالله معكم واستشعروا هذه المعية ..
فنحن إذا ذكرنا الصبر فلنأت معه بشعب العزة شعب غزة ..
فاصبروا صبرا جميلا .. أنتم أنتم الذين ستحرورن أرضكم بصبركم واحتسابكم الأجر
فصرخات اليتامى ودموع الثكالى هذه .. إنــها لعزيزة جدا ..
فاستعينوا باللطيف الودود المستجيب الدعاء ولا تنتظروا من أى حاكم أو أى دولة شيئا ..
فإن جاء شئ من أى دولة فخير ، وإن لم يأت فأنتم معكم ملك الملوك الذى إذا دُعى أجاب ..
لكن الصبر الصبر .. فهو مفتاح السعادة .. ولا تتعجلوا النصر فإنه آت لا محالة بمشيئة الرحمن .

عن خباب بن الارتّ – رضي الله عنه- قال: شكونا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو متوسدّ ببرد له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: (قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعله نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصدّه ذلك عن دينه…
والله ليتمنّ الله – تعالى – هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه..
ولكنكم تستعجلون).
(( وكان حقا علينا نصر المؤمنين )) فنسأل الله أن نحقق الإيمان الخالص فيجعل لنا النصروالتمكين بمشيئته .

آسف جدا لأنى أطلت مع أنى لا أحبذ أن يكون الموضوع طويلا .. لكن هذا الموضوع يحتاج إلى الكثير
من الصفحات بل مجلدات ، فأرجوا ألا أكون أبخست هذا الموضوع حقه ..

وأسأل الله أن يجعل هذا الموضوع خالصا لوجهه الكريم ..
وصلى الله علي الحبيب المصطفى وآله وسلم .
والحــــــمد لله رب العالمين .

حافظ القرآن كتب:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
بارك الله فيك على هذا الموضوع
"اصبروا وصابروا ورابطوا فإن الله مع الصابرين"

االسلام عليكم

جزاكم الله الخير كله

حلوه وجله اشكركم

وصل الله على رسول الله