الباب الرابع
حكم التوسل
برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى
قال السمهودي
الاستغاثة والتشفـُّع بالنبي صلى الله عليه وسلم وبجاهه وبركته إلى ربهتعالى مِن فِعْلِ الأنبياء والمرسلين ، وسير السلف الصالحين ، واقعٌ في كل حال ،قبلخلقه صلى الله عليه وسلم وبعد خلقه ، في حياته الدنيوية ومدة البرزخ و عرَصات يومالقيامة 0
قبل حياته :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :
قال صلى الله عليه وسلم :
( لمّا اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لماغفرت لي ، فقال الله : يا آدم وكيف عرفتَ محمداً ولم أخلقه ؟
قال : يا رب لأنكلمّا خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعتُ رأسي فرأيتُ على قوائم العرش مكتوباً لاإله إلا الله ، محمد رسول الله فعرفتُ أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ،فقال الله تعالى : صدقتَ يا آدم إنه لأحب الخلق إليّ ، وإذ سألتني بحقه فقد غفرتُلك ، ولولا محمد ما خلقتك ) [رواه جماعة منهم الحاكم والطبراني]
في حياته :
( عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أنّرجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادعُ الله أن يعافيني ، قال : إن شئتَ دعوتُ وإن شئتَ صبرتَ فهو خير لك ، قال : فادعُه ، فأمره أن يتوضأ فيحسنوضوءه ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يامحمد إني توجهتُ بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي ، اللهم شفِّعه فيَّ )
[رواه جماعة منهم النسائي والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة]
بعد وفاته :
( عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أنّرجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفَّان رضي الله عنه في حاجة له ، وكان لا يلتفت إليهولا ينظر في حاجته ، فلقي ابنَ حنيف فشكا إليه ذلك ، فقال له ابنُ حنيف : ائتِالميضأة ، فتوضَّـأْ ، ثم ائتِ المسجد ، فصلِّ ركعتين ، ثم قل : اللهم إنس أسألكوأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك إلىربي أن تقضي حاجتي ، وتذكر حاجتك ، فانطلقَ الرجلُ فصنع ما قال ، ثم أتى بابَ عثمان، فجاءه البوّاب حتى أخذ بيده ، فأُدخِل على عثمان رضي الله عنه ، فأجلسه معه علىالطنفسة ، فقال : حاجتك ؟ فذكر له حاجته وقضاها له ، ثم قال له : ما ذكرتُ حاجتكحتى كانت الساعة ، وقال : ما كانت لك من حاجة فاذكرها .......) [رواهالبيهقي والطبراني]
قال السبكي : الاحتجاجمن هذا الأثر بفهم عثمان
( ابن حنيف ) ومَن حضره الذين هم كانوا أعلم بالله ورسولهوبفعلهم
في عرَصات القيامة :
إنّأحاديث الشفاعة بلغت مبلغ التواتر ، وكل ذلك فيه النصوص الصريحة التي تفيد بأن أهلالموقف إذا طال عليهم الوقوف واشتد الكرب استغاثوا في تفريج كربتهم بالأنبياءفيستغيثون بآدم ثم بنوح ثم بإبراهيم ثم بموسى ثم بعيسى عليهم السلام فيحيلهم علىسيد المرسلين ، حتى إذا استغاثوا به صلى الله عليه وسلم ، سارع إلى إغاثتهم وأسعفطلبهم وقال : أنا لها أنا لها ، ثم يخرُّ ساجداً ولا يزال كذلك حتى ينادي أنِ ارفعرأسك واشفعْ تُشفَّع ْ 0
أما التوسل إلىالله تعالى بالأولياء والصالحين فهو جائز عند أهل الحق ، بل هو مستحب ، إذ هو منأسباب إجابة الدعاء ، وليس فيه أدنى شبهة بشرك ، لأن الله تعالى هو المدعو وحده ولاشريك له في الخلق والتأثير
وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( اللهم إنِّي أسألك بحق السائلين عليك....)
[ابن ماجه وأبو نعيم والبيهقي وغيرهم ]
وقوله صلى الله عليه وسلم : في حديثأويس القرني : ( فإنِ استطعتَ أن يستغفر لك فافعل)
[أخرجه مسلم من حديث عمر بن الخطاب مرفوعاً]
وقد استسقى سيدنا عمربسيدنا العباس رضي الله عنهما وقال :
( ...،وإنمانتوسل بعمِّ نبيك فاسْقنا)
[البخاري] فيُسقـَون
وقال الإمام الشافعي :
أحب الصالحين ولستُ منهم
لعلِّي أن أنال بهم شفاعـة
فأجابهأحدهم :
تحب الصالحين وأنت منهم
لعلِّي أن أنال بكم شفاعـة
وقالابن عابدين : إن الله تعالى جعل لرسله وأنبيائه وأوليائه حقاً من فضله ، ويرادبالحق ،الحرمة والعَظَمة ، فيكون من باب الوسيلة ، وقد قال تعالى:{وابتغوا إليه والوسيلة }] المائدة : 35[
تم بحمد الله
جعله الله في ميزان حسناتكم