قال لزوجته : " علي الطلاق إن قمتِ بضربها مرَّةً أخرى أمامي أو في غيابي لا تلومن إلا نفسك
السؤال:
قامت زوجتي بضرب ابنتنا ، وأنا كنت قد حذرتها من قبل ألا تفعل ، وعندما رأيتها تضربها مرة أخرى استشطت غضبا ، وقلت لها : علي الطلاق إن قمت بضربها مره أخرى أمامي أو في غيابي ، لا تلومن إلا نفسك ، وقد تفعل زوجتي ذلك مره أخرى أمامي وفي غيابي ، ولكني ندمت على هذا الحلف ولا أريد أن أطلقها ، حتى لو قامت بضربها . أفيدوني جزاكم الله خيرا .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
ينبغي للمسلم تجنب استعمال الطلاق فيما يكون بينه وبين أهله من نزاع ، وذلك لما يترتب على الطلاق من عواقب وخيمة ، وكثير من الرجال يتهاونون بشأن الطلاق فكلما حصل نزاع بينه وبين أهله حلف بالطلاق ، وكلما اختلف مع أصحابه حلف بالطلاق ، وهكذا ، وهذا من التلاعب بكتاب الله وأحكامه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " الذين يطلقون ألسنتهم بالطلاق في كل هين وعظيم ، مثل : علي الطلاق أن تفعل كذا ، أو علي الطلاق ألا تفعل ، أو إن فعلت فامرأتي طالق ، أو إن لم تفعل فامرأتي طالق ، وما أشبه ذلك من الصيغ ، فإن هذا خلاف ما أرشد إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى (بتصرف) من "فتاوى المرأة المسلمة" (2/ 753) .
ثانياً :
قولك لزوجتك : " علي الطلاق إن قمتِ بضربها مرَّةً أخرى أمامي أو في غيابي لا تلومن إلا نفسك" هو من الحلف بالطلاق ، وجمهور العلماء على أنه في حال الحنث يقع الطلاق ، واشترط بعضهم أن يكون ذلك عن تذكر ، فإذا قامت الزوجة بضرب ابنتك مرةً أخرى وهي ذاكرة ، وقعت طلقة ، ولك أن تراجعها ما دامت في العدة ، إذا كانت الطلقة الأولى أو الثانية .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يُرجع في هذا إلى نية الحالف ، فإن أراد الطلاق وقع الطلاق ، وإن لم يرد الطلاق لكن أراد حث الزوجة على الفعل ، أو منعها منه ، فهو يمين ، تكفره كفارة اليمين ، وهذا القول هو الراجح ، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عمن قال لزوجته : علي الطلاق تقومين معي ، ولم تقم معه . فهل يقع بذلك طلاق ؟
فأجابت : " إذا كان الواقع ما ذكر، وأنك لم تقصد بقولك لزوجتك: (علي الطلاق أن تقومي معي) ولم تقم: إيقاع الطلاق بها بهذا القول إذا لم تستجب لك وإنما أردت حثها على الذهاب معك- فإنه لا يقع به طلاق، ويلزمك كفارة يمين؛ لأن مثله في حكم اليمين في أصح قولي العلماء، وإن كنت أردت به إيقاع الطلاق إذا هي لم تستجب لك وقع به عليها طلقة واحدة " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة "(20/ 86).
والمعوّل عليه هو النية عند التلفظ بالطلاق ، وليس الآن ، فإذا كنت أردت منعها من ضرب ابنتك ، ولم ترد الطلاق ، فهذا له حكم يمين ، فإن عادت وضربتها لزمتك كفارة يمين
ثالثا :
إذا كانت نيتك عند التلفظ بما ذكرت هي الطلاق ، فإنك لا تملك أن ترجع عن هذا الحلف ، فإن ضربت زوجتك ابنتك وهي ذاكرة حلفك ، وقعت طلقة .
والله أعلم .