زائر زائر
| موضوع: جوانب التغيير في رمضان الثلاثاء يوليو 17, 2012 11:53 pm | |
| الحَمَدُ لِلهِ الَّذِي عَزَ فَارتَفَع ... وذَلَ كُلَ شَيءٍ لِعَظَمَتِهِ وَخَضَع ... الحمد لله المنُفرد بالقدره ... العَظيَم الَّذِي لا يقدر أحد منَّا قدره ... خَلَقَ الآَدَمِي فَشَقَ سَمَعَه ... بِفَضَلٍ مِنهُ وبِفَضلٍ مِنهُ شَقَ بَصَرَه ... أَخبرَهُ إِنَّهُ قدْ سَخَّر لَهُ هَذِهِ النِعَم ... فَإنَّ أَمَرَ عَينَه أو أَمَرَتْ عَيَنَها أَنَّ تَنَظُرَ إِلَى حَرَام أَنَّ تِلَكَ العَيَنَ لن تَعَصِيَهَا... وأَخَبَرَهَا وأَخَبَرَه أَنَها وهَي إِذَا أَمَرَت تِلَكَ اليد أَنَّ تَمَتَدَ إِلَى حَرَام أو ذَلِكَ الِلسَان أَنَّ يَتَحَرَك فِيْ حَرَام أنَّها لن تَعَصِيَهَا... ولَكِنَه أخبَرَهَا وأَخَبَرَه أَنَّه وهي مُؤاخذون بمثاقِيل الذَرَةَ فليَفَعلوا مَا يَشاءون... وأَخَبَرَهَا وأَخَبَره أنها إِذَا عزَّزَهَا الله جَلَّ وعَلَاَ وكرَّمها ورئَّسهَا ومن الذرياتِ أَعطَاها وأنَعَمَ عَلَيَهَا وأَكَرمَها أنَها لن تَطول هَذِهِ الِنَعم .... فَلَهَا أَمَد وسوفَ يَؤُولُ بِهَا هَذَاْ الأَمَرُ فِيْ نِهَايَةِ المَطَافِ إِلَى أَنَّ تُوسَد وَحِيدَةً إِلَى حُفرَة ... وأنَّهَا ليست النِهاية إِذَا سَالت تِلكَ العُيونُ على الخُدُودِ .... لاَ وَرَبِي أو تَقَطَعت الأَشلاء أو تَفَتَتَ العِظَام لاَ وَاللهِ ليستِ النِهاية .... بل هُنَاك عَظَيمٌ لاَيُردُ أَمره... وَسَوفَ يَأمُرُ تِلكَ العِظَام المُتَفَتِتَةَ وتِلَكَ الأَشلاء المُتَقَطِعَة فَتَقُومُ لِيومِ حَشرِهَا ويومِ حَشرِهٍ... لِيَسئَلَهَا ويَسئَلَهَ عن الكَلِمِ والنَظَرَهَ... لأنّه مَا خَلَقَنَا سُدَىَ ولن يَتَرَكنا عبثاً سُبحَانَ رَبِّيَ جَلَّ فِيْ عُلَاَهُ... خَلَقَ جنَّةٍ عَرضُها الأرض والسموات لعبادٍ آثروا الآخرةَ واجتنَبوا المُنكرات ... وخَلَقَ نارً تلظى لعبادٍ آَثَرُوا الدُنَيَا واَتَبَعُوا الشَهواتِ... وكَاَنَ أَمرُ اللهِ قَدَرَاً مَقَدُورَاً ... وأصلِّي وأُسَلِم على مَن رَفَعَ اللهُ فِيْ العَالمَيَنَ ذِكَرَهُ ... مُحَمَد صَلَوَاتُ رَبِّيَ وسَلَامُهُ عَلَى مُحَمَد .... أَمَا بَعدُ أَخَوَاتِي الغَالِيات فَقَد أضُرِرنَا لِتَغَيَيرِ عُنوان المُحاضَرَة لِأَنّها كَاَنَت مُعَنوَنَة بِمَلَائِكَةِ الرَحَمَة أو طَبَِبَاتِ الأُمَةَ ومَلَائِكَةِ الرَحَمَة ولا يَنَبَغِي أَنَّ يُسَمِى أيُ إِنسَانٍ مَلَككما جاء فى قوله تعالى فى سورة الاسراء (قُلْ لَوْ كَانَ فِيْ الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا) فالبشر ليَسَوا كَالمَلَائِكة فَأُولَئِك أَقَوم لَا يَعَصونَ الله جَلَّ وعَلَاَ مَا أمَرَهم ويَفَعَلون مَا يُؤمرون... ونَحَنُ الله أَعَلمُ بِمَا تَحمِلُ هَذِهِ الصُدُور ومَا حمَّلت هَذِهِ الكَوَاحِل أَخواتي الغَاليَات ... وَاللهِ مَا أَتَيَنَا وتَركَنَا الأَهَلَ ودَعنا الرَاَحَة إِلاَ وَاللهِ لِأَنَ الوَاحِدَة مِنَكُنَ تَسَتَحَق أَنَّ تُفَرَدَ بِذِكر ... وتَسَتَحَق يَكَفِيها شَرفاً أنَّها عَلَى مِلَةِ مُحَمَد صلى الله عليه وسلم ويعد
رمضان فرصة ثمينة لتغيير بعض جوانب السلوك وتقويمها، واصلاح النفوس وتهذيبها، فالاعتناء بجوانب التغيير في هذا الشهر الفضيل، والحرص على الاستفادة من مدرسة الصوم لتحقيق التقوى التي يسمو فيها المسلم للرقي في سلم الرفعة الروحية والأخلاقية، هي من أجل المقاصد التي شرع الصيام من أجلها، وليس أفضل من شهر الصوم لبدء علاقة جديدة مع التغيير الإيجابي المستمر إلى ما بعد رمضان.
وتتعدد جوانب التغيير وتتنوع، وهي تختلف باختلاف الأشخاص والبيئات والسلوك، ولكل جانب من هذه الجوانب وسائل وطرق للتغيير، يحتاج فيها المسلم للتفكر والتمعن فيها؛ لسد جوانب النقص التي تحتاج إلى تغيير لتصحيح المسار، ومن بين أبرز هذه الجوانب:
أولاً: علاقة المسلم بخالقه: فهي علاقة تتميز خلال هذه الشهر الكريم بقوة الصلة بين العبد وربه، وهذا ما يجب أن تكون عليه هذه العلاقة في رمضان وفي غير رمضان، فرب رمضان هو رب سائر شهور العام. فالطاعات والقربات ليست محصورة بشهر واحد، فهي متاحة في كل شهور العام، فطريق التغيير يكون من خلال الاستمرار على أداء هذه الطاعات من خلال التدرج في المداومة عليها؛ حتى يصل المسلم إلى الغاية منها، وهو الاستمرار في الطاعة، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنَهَا قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: (( أدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ )).
ثانياً: علاقة المسلم بنفسه، فرمضان فرصة لتفقد النفس ومحاسبتها وحثها على الخير، والتغيير يبدأ عند محاسبة النفس وتصحيح أخطائها، وهذا ما يجب أن تكون عليه، عادة مستمرة يترقى بها المسلم إلى أفضل درجات السمو والرفعة. يقول الحسن البصري - رحمه الله - :" المؤمن قوّام على نفسه، يحاسب نفسه لله عز وجل، وإنما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة".
ثالثاً: علاقة المسلم بأهله وقرابته : فانشغال الناس بملهيات الحياة، أبعد الكثير منهم عن صلة أرحامهم وزيارتهم وبرهم، فرمضان فرصة عظيمة لإعادة جسور التواصل مع الأهل والقرابة، لإزالة ما قد يقع في النفوس، ولبدء علاقة مستمرة معهم. ويكفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الرحم حيث قال: (( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ فَهُوَ لَكِ))، قَالَ رَسُولُ اللَّه ِ صلى الله عليه وسلم : فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ )).
رابعاً: علاقة المسلم بمجتمعه، وهي علاقة يجب أن تكون علاقة فاعلة، فيجب الاعتناء بجوانب العلاقات المجتمعية بين الأفراد من خلال صلتهم، وبرهم، ونصحهم، وتفقد ذا الحاجة منهم، يقول الله تعالى: (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )) ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِم وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ شَيْءٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )).
خامساً: علاقته المسلم ببني جنسه، وهي للأسف علاقة في غالبها تسودها الجفاء الدعوي، وهو خلاف ما جاء به ديننا الحنيف، فلو حرص المسلم أن يتمثل بدينه وأخلاق نبيه صلى الله عليه وسلم في علاقته مع غير المسلمين، لجددنا بأخلاقنا باباً للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وهو ما يمثل روح الإسلام، يقول الله تعالى: (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ))، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ )).
هذه بعض الجوانب التي تستحق التوقف عندها والاعتناء بها والاهتمام بتغيرها، فلنبدأ صفحة جديدة مع التغيير الإيجابي، ولنستفد من مدرسة الصيام لنصلح من ذواتنا، ولنرسخ هذه القيم في أنفسنا، ولنعلمها من حولنا، لكي يكون مجتمعنا مجتمعاً تسوده الألفة والمحبة، وليكن رمضان خطوة أولى للتغيير.
وصل الله على سيدنا رسول الله |
|