زائر زائر
| موضوع: والدتها تهينها وتؤذيها بغير حق ، فهل يستجاب لها إذا دعت عليها ؟ السبت مايو 19, 2012 11:38 pm | |
| والدتها تهينها وتؤذيها بغير حق ، فهل يستجاب لها إذا دعت عليها ؟
السؤال: مشكلتي بدأت منذ 20 عاما عندما رأيت أمي وهي في وضع مخل مع أحد أصدقاء أبي ؛ ولأني كنت صغيرة جداً 10 سنوات ، وكنت الشاهد الوحيد على هذا ، قررتْ أن تعذبني نفسيا ، ضرب بدون سبب ، وإهانات مستمرة أمام كل الناس ، تفضل أخواتي عني ؛ لتجعل منى جبانة لا أقدر أن أقول لأبي شيئا . وبعد مرور 20 عاما من الكراهية المتبادلة ، قررت أن أحسن علاقتي بها ، وأستعين بالصبر ، عسى أن يعوضني الله خيرا ، ولكنى لا أقدر أن أحترمها ، عندي إحساس مستمر بالكراهية نحوها ، فما فعلته معي كان فوق احتمال أي طفل في الكون . سؤالي : هل هذه الأم مستجابة الدعوة ؟ هل هي من الأمهات اللاتي قال عنهن الرسول : الجنة تحت أقدام الأمهات ؟
الجواب : الحمد لله أولا : إننا نعلم - أختنا الكريمة - قدر مصيبتك في أمك ، بهذا الذي رأيتِ منها ، إننا نعلم أنها محنة أي محنة ، إننا نعلم ثقل العبء الذي كتب عليك أن تحمليه طيلة هذا العمر كله ، نسأل الله أن يأجرك خيرا على هذا المصاب ، وأن يبدلك فرحا وسرورا وانشراح صدر . ومن فضل الله عليك أنك تمكنت من تحمل هذا العبء ، ذلك العمر كله ، وصبرت على ما نالك من أذى ، ووفقك الله إلى الكتمان ، والستر على أمك ؛ فإنه إذا كان الستر أمرا حسنا ، وخلقا كريما ندب الشرع إليه ، فكيف بالستر على الوالدين ؟!!
وأما ما تجدينه من نفسك ، وتشعرين به من عدم قدرتك على احترام والدتك ، ونسيان ذلك الأمر الذي حدث في الماضي البعيد ، فلتعلمي أن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها ، ولا يطلب من عبده المؤمن إلا ما قدر عليه ؛ قال تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 . وقال تعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) البقرة/286 .
كل ما هو مطلوب منك أن تجاهدي نفسك على الإحسان إلى أمك ، وبرها ، ونصحها بالتوبة والندم والاستغفار ، قدر ما أمكنك ، وأن تحاولي أن تصلحي ما بينك وبينها ، وتبريها ، وتصليها. فإن بقي شيء في قلبك من آثار ما رأيت ، فإننا نرجو أن يكون في محل العفو والعذر من الله ، لكن بحيث لا يترتب عليه أذى بالقول أو بالفعل منك لوالدتك ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ ) رواه البخاري (5269) ومسلم (127) .
ثانيا : أما دعاء الوالدة عليك بسبب ما رأيت منها ، أو بسبب أمر هي ظالمة لك فيه ، فلا يرجى لها أن يجيب الله دعاءها فيك ؛ لعدة أسباب : أولا : أنه دعاء منهي عنه بل هي منهية عن هذا الدعاء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ ، لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ ) رواه مسلم (5328) . ثانيا : أنه دعاء بإثم وقطيعة رحم ، ومثل هذا الدعاء لا يستجاب ؛ لما روى مسلم (2735) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ) قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ ؟ قَالَ : ( يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ) . ثالثا : أنه من الاعتداء في الدعاء والظلم ، وقد روى أبو داود (1265) عن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قال لابنه : " يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ ) فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ " صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
سئل الشيخ عبد الرحمن السحيم : هل يستجاب دعوة الأب الظالم على أبنائه بسبب تافه أو أن الأبناء ما فهموا من الأب المطلوب منه فعصب ودعى عليهم تقبل الدعوة أم لا ؟ فأجاب : " نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على الأولاد ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا تدعوا على أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على أموالكم ، لا تُوافِقُوا مِن الله ساعة يُسأل فيها عَطاء فيَستجيب لكم ) رواه مسلم . وإذا دعا الوالد على أولاده ، وكان ظالِمًا لأولاده ، فالغالب أنه لا يُستجاب للظالِم " انتهى .
ثالثا : أما سؤالك : هل أمك من الأمهات اللاتي قال عنهن النبي صلى الله عليه وسلم : ( الجنة تحت أقدام الأمهات ) ؟ فاعلمي أن هذا الحديث بهذا اللفظ غير صحيح ، وقد ذكره الشيخ الألباني رحمه الله في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (593) وقال : " موضوع " ، ثم قال : " ويغني عن هذا حديث معاوية بن جاهمة أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك ؟ فقال : ( هل لك أم ) ؟ قال : نعم ، قال : ( فالزمها فإن الجنة تحت رجليها ) . رواه النسائي (3053) وسنده حسن إن شاء الله " انتهى .
والمقصود بالحديث الترغيب والحض على بر الوالدين ، وليس المقصود أن الجنة عند قدمي كل أم . قال ابن علان رحمه الله : " يعني : أن من بر أمه ، وقام بحقها ، دخل الجنة " . انتهى من "دليل الفالحين" (1 /245) . وقال المناوي رحمه الله : " يعني : لزوم طاعتهن سبب قريب لدخول الجنة " . انتهى من "التيسير شرح الجامع الصغير" (1 /996) .
فالمقصود بالحديث في حقيقة الأمر الأولاد لا الأمهات ، فمن بر أمه وقام بحقها ، ولو كانت في ذات نفسها ليست بذاك المقام من الصلاح والتقوى ، فصبر نفسه على برها ابتغاء مرضاة الله ، فإنه قريب من دخول الجنة ؛ لإحسانه لأمه وبره بها .
ويمكنك السعي لتطبيق هذا الحديث على نفسك بالصبر على أذى أمك ، والعفو عنها ، والدعاء لها بالهداية والتوبة النصوح وحسن الخاتمة . والله تعالى أعلم .
|
|
زائر زائر
| موضوع: رد: والدتها تهينها وتؤذيها بغير حق ، فهل يستجاب لها إذا دعت عليها ؟ الأحد مايو 20, 2012 12:49 pm | |
| [center] [center] [/center][/center] |
|