الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبعد ،
ان من نعم الله على الناس ان ارسل اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هاديا ومبشرا ونذيرا
رحمة للعالمين ، كان قرآنا يمشى على الارض وهو لبنة تمام الانبياء ومسك ختامهم .
( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿التوبة: 128﴾
أحرص الناس على هداية البشر وتعبيدهم لرب العالمين لاقى ما لاقى فى سبيل نشر الدين وتبليغه للناس كافه فأُدميت قدمُه صلى الله عليه وسلم، وشُجت رأسه وكُسرت رباعيته من أجلى وأجلك أنت .
نعم
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل ذلك وما تحمل التعب إلا من أجل أن يصل الدين لى ولك ولكل الناس .
قال الله لنبيه ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )
أى لعلك مهلك نفسك كى يؤمن الناس لرب العالمين ، وهذا يدل على شدة حرصه على أن يُسلم الناس لرب العاملين سبحانه وبحمده .
فكان صلى الله عليه وسلم يغتم ويحزن لما يراه من الناس من عبادة غير الله ، ويمتلىء قلبه عطفا عليهم وشفقه كى يكونوا من المؤمنين،
لانه صلى الله عليه وسلم يعلم ما ينتظرهم من أليم العقاب وشديد العذاب إن ماتوا على ذلك.
فكان صلى الله عليه وسلم من شدة الحزن يكاد أن يهلك نفسه لكى يكونوا من عباد الله سبحانه وتعالى
وتدبر معى حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على هداية الناس انه كان غلام يهودى خدم النبى صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبى صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند راسه فقال له أسلم فنظر الى ابيه
فقال ابوه أطع أبا القاسم فأسلم ال
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده وهو يقول الحمد لله الذى انقذه من النار
رواه البخارى
وقال تعالى لنبيه أيضا
( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً )
ولا يخفى علينا قوله صلى الله عليه وسلم لسيدنا جبريل حين أراد أن يطبق الأخشبين على أهل الطائف
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهم لعل الله ان يخرج من أصلابهم من يقول لا اله الا الله .
فما أوسع رحمته صلى الله عليه وسلم بأحبابه ،
ورفقه بهم وحبه لكل الناس ان يدخلوا فى دين الله تعالى،
واقرأ معى أخى بارك الله فيك هذا الحديث الماتع الذى يبين لى ولك مدى حرصه صلى الله عليه وسلم علينا ؛
فعن جابر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها وأنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تفلتون من يدي رواه الامام مسلم
فأراد النبى صلى الله عليه وسلم بهذا المثل أن يبين العلاقه بينه وبين أمته فحاله كحال رجل أوقد نارا فى صحراء وأخذ الفراش والجراد يقعن فيها لأنها عادته فعندما توقد النار يتجه الفراش والجراد الى الضوء ويسقط فى النار
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يترك الناس يقعوا فى النار بل يأخذ بأيديهم ويردهم مااستطاع إلى ذلك سبيلا.
من اجل ذلك كله فلا ترى النبى صلى الله عليه وسلم يأمرنا بشىء إلا فيه نفع وفائدة لنا وللمسلمين أجمعين، وما ينهى و يحذر الناس منه إلا وفيه شر لهم فى دنياهم وأخراهم .
فكان صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على ما ينفعنا وعلى وما يوصلنا به إلى رضى الله عز وجل وإلى جنات النعيم .
ويكفيك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيام يقول (
لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ، فَأَقُولُ : إِنَّهُمْ مِنِّي ، فَيُقَالُ : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : سُحْقًا ، سُحْقًا ، لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي ) رواه البخاري ومسلم .
ولكن المشكله فينا نحن ، نحن الذين نبدل ونغير، ولكن رسول الله عليه الصلاة والسلام حريص علينا ، ولكن بعدا لمن بدل وغير.
وحسبك يا اخى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخر دعوته ليوم القيامة لكى يشفع بها لى ولك وللمسلمين أجمعين
كل الناس يقولون نفسى نفسى
وهو صلى الله عليه وسلم يقول يارب أمتى أمتى.
فاذا برب العزة يقول له يا محمد ارفع راسك وسل تعطى واشفع تشفع
إنا سنرضيك فى أمتك ولا نسوؤك.
وان حرصه صلى الله عليه ليتعدى ليصل الىرحمته بالام التى تسمع بكاء ولدها وهى فى الصلاة
واقرا معى ما يرويه الامام البخارى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم
(انى لاتى الى الصلاة وانى لاريد ان اطول فيها فاسمع بكاء الصبى فاتجاوزفى صلاتى كراهة ان اشق على امه )
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص الناس علينا
لم يكن للنبى هم ولا قصد سوى ان يدخل الناس فى دين الله افواجا
فهل هذا نبى لا يُتبع ؟ فهل هذا نبى لا يستمسك بهديه؟
انه رسول الله صلى الله عليه وسلم
تدبر
قال عليه الصلاة والسلام لما تلا قول الله عز وجل في إبراهيم ( رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) وقول عيسى عليه السلام ( إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فرفع يديه وقال : اللهم أمتي أمتي وبكى ، فقال الله عز وجل : يا جبريل اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فسله ما يبكيك ، فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم ، فسأله ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم ، فقال الله : يا جبريل اذهب إلى محمد فقل : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك . رواه مسلم .
فهيا يا احبابى واخوانى نعود الى هديه وسنته وشرعه فهديه خير هدى وسنته افضل سنه .
فان من علامات المحبة الاتباع
فلا يتقدم فى قلوبنا محبة قبل محبة النبى صلى الله عليه وسلم ولا سنة امام سنة النبى محمد ولا هدى امام هدى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
اللهم ارزقنا اتباع هديه والسير على نهجه
واسقنا من يد شربة هنيئة لا نظمأ بعدها ابداً
فيالتقصيرنا فى حقك حبيبنا .. ويا لشقاوتنا إن طُردنا من على حوض الحبيب صلى الله عليه وسلم .
إخوتاه .. هلموا إلى باب التوبة .. هلموا إلى باب الرجاء .. هلموا واعلموا أن الله غفور رحيم ..
أستودعكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .