عنده بضاعة وأرباح فكيف يحسب زكاته
السؤال:
الرجاء المساعدة بحساب زكاة التجارة :
رأس المال 500 ألف منذ عام ، والأرباح خلال عام 182634 ريال ، والمتبقي من البضاعة بالتكلفة : (370536) .
وجزاكم الله كل خيرا .
جواب :
الحمد لله
الواجب في زكاة التجارة : أن تقوّم البضاعة المعدّة للبيع ، كلما حال الحول ، ويتم التقويم بالسعر الذي تباع به - لا بسعر التكلفة - ، فإن كان التاجر يبيع بالجملة قوّمها بسعر الجملة ، وإن كان يبيع بالتجزئة قومها بسعر التجزئة .
وإن كان للتاجر ربح ناض في يده (أي نقود موجودة في آخر الحول) ، أضيف هذا الربح إلى قيمة البضاعة ، والديون المرجوّة لدى الناس ، وأخرج من ذلك ربع العشر (2.5%) .
ولا يلتفت التاجر إلى رأس المال الذي اشترى به البضاعة .
وعليه : فإن قوّمت البضاعة الموجود لديك في نهاية الحول ، بالسعر الذي تبيعها به ، فكان 370536 فتخرج من ذلك ربع العشر ، فيلزمك : 9263.4 .
وأما الأرباح التي ذكرت ، فإن كان هذا المبلغ قائما معك في نهاية الحول ، أخرجت منه كذلك ربع العشر ، وإن كنت قد أنفقته أثناء الحول ، أو أنفقت بعضه ، فالزكاة لا تجب إلا فيما كان موجودا منه عند نهاية الحول .
فزكاة التاجر تحسب وفق المعادلة التالية :
الزكاة = 2.5% ( النقد الموجود آخر الحول + قيمة البضاعة الموجودة آخر الحول + الديون المرجوة عند الناس ) .
ولا تخصم الديون التي عليه ، على الراجح .
غراض الموجودة في المحلات التجارية تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : ما أعدَّ منها للتجارة ، سواء كانت عقارات أم مواد غذائية أو ألبسة أو غير ذلك مما يباع .
والقسم الثاني : ما لم يعدَّ منها للتجارة ، بل للإنتاج أو للاستعمال كآلات المصانع ، والسيارات ، والأثاث ، وأدوات التصوير وأجهزة الحاسوب . . ونحو ذلك .
والقسم الأول هو الذي يُطلق عليه " عروض التجارة " ، وهو الذي تجب فيه الزكاة ، وأما القسم الثاني فيُعرف بـ " عروض القُنْيَة " وتُعرف بـ " الأصول الثابتة " وهي لا زكاة فيها .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 42072 ) وجوب زكاة عروض التجارة ، وفيه بيان نصابها ، وكون المواد الثابتة التي لا تعد للبيع ليس عليها زكاة .
وفي جواب السؤال رقم ( 22449 ) جواز إخراج زكاة التجارة عروضاً ، وأنه لا يجب إخراجها نقوداً .
ولمعرفة كيفية حساب زكاة عروض التجارة : انظر جواب السؤال رقم ( 26236 ) ، وفيه بيان أن زكاة التجارة على سعر البيع لا سعر الشراء .
والخلاصة :
إذا حلّ موعد زكاة محلك ينبغي لك القيام بجرد موجودات محلك التجارية - مثل البضاعة الموجودة - وأن تضمها إلى ما لديك من نقود عينية ، وتضيف إليها ما لك من ديون مرجوة السداد , ثم تزكي الجميع بنسبة ربع العشر .
وأما الديون التي لا يُرجى سدادها لكونها على مماطل أو فقير ، فإنه لا زكاة فيها ، حتى تقبضها وتحسب لها حولا جديدا من يوم قبضك لها ، والأحوط إذا قبضتها أن تخرج زكاتها عن سنة واحدة فقط ، ولو مَرَّ عليها عدة سنوات . انظر السؤال (1346) .
والديون التي عليك لا تخصم من الأموال التي تخرج الزكاة عنها على الصحيح من أقوال العلماء ، وانظر السؤال (22426) .
وما احترق من بضائع لا يُضاف إلى موجودات المحل .
وما جعلتَه في المحل من تجديد بعد الحريق : إن كان متعلقاً بالأثاث والديكور والأجهزة الثابتة : فقد سبق بيان أن هذا لا زكاة فيه ، فلا يحسب مع موجودات المحل المزكاة ، وإن كانت بضائع تباع فإن كانت قد اشتريت من أموال المحل وأرباحه فإنها تزكى معه ولو لم يَحُل عليها الحول ، وإن اشتريت بنقود أخرى غير أموال المحل فإن حولها هو حول النقود التي اشتريت بها ، فيكمل حولها على حول تلك النقود .
ة حساب زكاة التجارة هي أن تُقَوَّم البضاعة حسب قيمتها في السوق (وهو في الغالب سعر البيع في المحل) عند تمام الحول ، سواء كانت هذه القيمة تساوي ما اشتراها به أو أقل أو أكثر . ثم يخرج الزكاة وهي ربع العشر . أي : 2.5 بالمائة . رسالة في الزكاة للشيخ ابن باز ص: 11 . ورسالة في زكاة العقار للشيخ بكر أبو زيد ص: 8 .
وهذا هو كمال العدل ، لأن قيمتها عند تمام الحول قد تختلف عن ثمن الشراء بالزيادة أو النقصان .
ثم إذا كان التاجر ممن يبيع بالجملة فإنه يقومها على سعر الجملة ، وإن كان ممن يبيع بالقطاعي (بالمفرق) فإنه يقومها على سعر القطاعي . الشرح الممتع 6/146 .
وإن كان يبيع بالجملة والقطاعي معاً ، فإنه يجتهد في التقويم فيقدر حجم البضاعة التي يبيعها بالجملة ، وحجم البضاعة التي يبيعها بالقطاعي ، ويخرج الزكاة على ذلك . وإذا احتاط في هذه الحال وأخرج ما يجزم أنه أكثر مما يجب عليه فهو أفضل ، لأنه قد يقدر أنه سيبيع هذه البضاعة بالجملة ثم يبيعها بالقطاعي .
اختلف الفقهاء في الدَّيْن هل يمنع الزكاة ؟ على قولين مشهورين ، أحدهما : أنه لا يمنع الزكاة ، فمن ملك نصابا وحال عليه الحول وجب عليه أن يزكيه ، مهما كان دَيْنُه ، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله ، وهو الذي يرجحه كثير من أهل العلم .
وذلك لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة على من ملك نصاباً ، ولأن النبي صلى الله عليه ومسلم كان يرسل عماله لقبض الزكاة ، ولا يأمرهم بالاستفصال هل على أصحاب الأموال ديون أو لا ؟ ولأن الزكاة تتعلق بعين المال ، والدين يتعلق بالذمة ، فلا يمنع أحدهما الآخر .
واحتج أصحاب القول الثاني وهم الجمهور بما جاء عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يقول : ( هذا شهر زكاتكم ، فمن كان عليه دَيْن فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم ) ، وفي رواية : ( فمن كان عليه دين فليقض دينه ، وليزك بقية ماله ) .
وهذا لا حجة فيه ، فمن أدى الدَّيْن ، فليس عليه فيه زكاة ، والنزاع هو فيمن لم يؤد الدين ، واحتفظ بالمال لينتفع به ، فهل تسقط عنه الزكاة ؟
قال النووي رحمه الله : " الدين هل يمنع وجوب الزكاة ؟ فيه ثلاثة أقوال ، أصحها عند الأصحاب , وهو نص الشافعي رضي الله عنه في معظم كتبه الجديدة : تجب ... فالحاصل أن المذهب وجوب الزكاة سواء كان المال باطنا أو ظاهرا أم من جنس الدين أم غيره , قال أصحابنا : سواء دين الآدمي ودين الله عز وجل , كالزكاة السابقة , والكفارة والنذر وغيرها " انتهى من "المجموع" (5/317) ، وينظر : "نهاية المحتاج" (3/133) ، "الموسوعة الفقهية" (23/247) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " وأما الدين الذي عليه فلا يمنع الزكاة في أصح أقوال أهل العلم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (14/189) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والذي أرجحه أن الزكاة واجبة مطلقا ، ولو كان عليه دين ينقص النصاب ، إلا دَيْناً وجب قبل حلول الزكاة فيجب أداؤه ، ثم يزكي ما بقي بعده " انتهى من "الشرح الممتع" (6/39) .
ولا فرق في ذلك بين الدَّيْن الحال والمؤجل ، إلا أن بعض الفقهاء الذين قالوا بأن الدين يمنع الزكاة ، استثنوا الدين المؤجل ، فقالوا : إنه لا يمنع الزكاة ، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله . وينظر : "الإنصاف" (3/24) .
وقال بعض المعاصرين : لا يخصم إلا قسط السنة فقط ، فمكن كان عليه اثنا عشر ألفا مقسطة ، يدفع في كل سنة ألفا ، فإنه يخصم من مال الزكاة ألفا ويزكي الباقي .
وأما على القول الراجح ، فإنه لا فرق بين الدين المؤجل والحال ، فكلاهما لا أثر له على الزكاة ، فينظر الإنسان إلى ما لديه من مال زكوي ، فيزكيه إذا توفرت شروط الزكاة من بلوغ النصاب ومرور الحول ، مهما كان عليه من أقساط .
وينبغي أن يعلم أن الجمهور الذين يقولون بأن الدين يخصم من المال الزكوي يشترطون ألا يكون لدى الإنسان مال آخر يسدد به دينه زائد عن حاجته الأساسية .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (23/247) : " القائلون بأن الدين يسقط الزكاة في قدره من المال الزكوي , اشترط أكثرهم أن لا يجد المزكي مالا يقضي منه الدين سوى ما وجبت فيه ، فلو كان له مال آخر فائض عن حاجاته الأساسية , فإنه يجعله في مقابلة الدين , لكي يسلم المال الزكوي فيخرج زكاته " انتهى .
والله أعلم .